الباحث القرآني

(p-187)﴿ولَقَدْ مَنَنّا عَلَيْكَ﴾ اسْتِئْنافٌ مَسُوقٌ لِتَقْرِيرِ ما قَبْلَهُ وزِيادَةُ تَوْطِينٍ لِنَفْسِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ بِالقَبُولِ بِبَيانِ أنَّهُ تَعالى حَيْثُ أنْعَمَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ النِّعَمِ التّامَّةِ مِن غَيْرِ سابِقَةِ دُعاءٍ وطَلَبٍ مِنهُ فَلَأنْ يُنْعَمَ عَلَيْهِ بِمِثْلِها وهو طالِبٌ لَهُ وداعٍ أوْلى وأحْرى. وتَصْدِيرُهُ بِالقَسَمِ لِكَمالِ الِاعْتِناءِ بِذَلِكَ أيْ وبِاللَّهِ لَقَدْ أنْعَمْنا ﴿مَرَّةً أُخْرى﴾ أيْ في وقْتٍ غَيْرِ هَذا الوَقْتِ عَلى أنَّ أُخْرى تَأْنِيثٌ آخَرُ بِمَعْنى مُغايَرَةٍ (ومَرَّةً) ظَرْفٌ زَمانٍ والمُرادُ بِهِ الوَقْتُ المُمْتَدُّ الَّذِي وقَعَ فِيهِ ما سَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى ذِكْرُهُ في المِنَنِ العَظِيمَةِ الكَثِيرَةِ وهو في الأصْلِ اسْمٌ لِلْمُرُورِ الواحِدِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلى كُلِّ فِعْلَةٍ واحِدَةٍ مُتَعَدِّيَةٍ كانَتْ أوْ لازِمَةٍ ثُمَّ شاعَ في كُلِّ فَرْدٍ واحِدٍ مِن أفْرادِ ما لَهُ أفْرادٌ مُتَجَدِّدَةٌ، فَصارَ عَلَمًا في ذَلِكَ حَتّى جُعِلَ مِعْيارًا لِما في مَعْناهُ مِن سائِرِ الأشْياءِ، فَقِيلَ هَذا بِناءُ المَرَّةِ ويَقْرُبُ مِنهُ الكَرَّةُ والتّارَةُ والدَّفْعَةُ. وقالَ أبُو حَيّانَ: المُرادُ مِنهُ غَيْرُ هَذِهِ المِنَّةِ ولَيْسَتْ (أُخْرى) تَأْنِيثُ آخِرٍ بِكَسْرِ الخاءِ لِتَكُونَ مُقابِلَةً لِلْأُولى. وتَوَهَّمَ ذَلِكَ بَعْضُهم فَقالَ: سَمّاها سُبْحانَهُ أُخْرى وهي أُولى لِأنَّها أُخْرى في الذِّكْرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب