الباحث القرآني

﴿فَوَسْوَسَ إلَيْهِ الشَّيْطانُ﴾ أنْهى الوَسْوَسَةَ إلَيْهِ، وهي كَما قالَ الرّاغِبُ: الخَطِرَةُ الرَّدِيئَةُ وأصْلُها مِنَ الوَسْواسِ وهو صَوْتُ الحُلِيِّ والهَمْسِ الخَفِيِّ، وقالَ اللَّيْثُ: الوَسْوَسَةُ حَدِيثُ النَّفْسُ والفِعْلُ وسْوَسَ بِالبِناءِ لِلْفاعِلِ، ويُقالُ: رَجُلٌ مُوَسْوِسٌ بِالكَسْرِ والفَتْحِ لَحْنٌ. وذَكَرَ غَيْرُ واحِدٍ أنْ وسْوَسَ فِعْلٌ لازِمٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الوَسْوَسَةِ وهي حِكايَةُ صَوْتٌ كَوَلْوَلَةِ الثَّكْلى ووَعْوَعَةِ الذِّئْبِ ووَقْوَقَةِ الدَّجاجَةِ وإذا عُدِّيَ بَإلى ضِمْنَ مَعْنى الإنْهاءِ وإذا جِيءَ بِاللّامِ بَعْدَهُ نَحْوَ وسْوَسَ لَهُ فَهي لِلْبَيانِ كَما في ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِلْأجْلِ أيْ وسْوَسَ لِأجْلِهِ، وكَذا إذا كانَتْ بَعْدَ نَظائِرِ هَذا الفِعْلِ نَحْوَ قَوْلِهِ: ؎أجْرِسْ لَها يا ابْنَ أبِي كِباشٍ فَما لَها اللَّيْلَةَ مِن إنْفاشِ وذُكِرَ في الأساسِ وسْوَسَ إلَيْهِ في قِسْمِ الحَقِيقَةِ، وظاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبارِ التَّضْمِينِ والكَثِيرِ عَلى اعْتِبارِهِ. (قالَ) إمّا بَدَلٌ مِن (وسْوَسَ) أوِ اسْتِئْنافٌ وقَعَ جَوابًا عَنْ سُؤالٍ نَشَأ مِنهُ كَأنَّهُ قِيلَ: فَما قالَ لَهُ في وسْوَسَتِهِ: فَقِيلَ: قالَ ﴿يا آدَمُ هَلْ أدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلْدِ﴾ ناداهُ بِاسْمِهِ لِيَكُونَ أقْبَلَ عَلَيْهِ وأمْكَنَ لِلِاسْتِماعِ ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ ما عَرَضَ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِفْهامِ الَّذِي يُشْعِرُ بِالنُّصْحِ، ومَعْنى شَجَرَةِ الخُلْدِ شَجَرَةٌ مَن أكَلَ مِنها خَلَدَ ولَمْ يَمُتْ أصْلًا سَواءٌ كانَ عَلى حالِهِ أوْ بِأنْ يَكُونَ مَلِكًا لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إلا أنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أوْ تَكُونا مِنَ الخالِدِينَ﴾ . وفِي البَحْرِ أنَّ ما حُكِيَ هُنا مُقَدَّمٌ عَلى ما حُكِيَ في الأعْرافِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ﴾ إلَخْ كَأنَّ اللَّعِينَ لَمّا رَأى مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ نَوْعَ إصْغاءٍ إلى ما عُرِضَ عَلَيْهِ انْتَقَلَ إلى الأخْبارِ والحَصْرِ انْتَهى، والحَقُّ (p-274)أنَّهُ لا جَزْمَ بِما ذُكِرَ ﴿ومُلْكٍ لا يَبْلى﴾ أيْ لا يَفْنى أوْ لا يَصِيرُ بالِيًا خَلْقًا قِيلَ: إنَّ هَذا مِن لَوازِمِ الخُلُودِ فَذَكَرَهُ لِلتَّأْكِيدِ وزِيادَةِ التَّرْغِيبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب