الباحث القرآني
﴿يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ مَنصُوبٌ بِإضْمارِ الذِّكْرِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ ظَرْفُ المُضْمَرِ حُذِفَ لِلْإيذانِ بِضِيقِ العِبارَةِ عَنْ حَصْرِهِ وبَيانِهِ أوْ بَدَلًا مِن ﴿يَوْمَ القِيامَةِ﴾ أوْ بَيانًا لَهُ أوْ ظَرْفًا لِيَتَخافَتُونَ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو وابْنُ مُحَيْصِنٍ وحُمَيْدٌ ( نُنْفِخُ ) بِنُونِ العَظَمَةِ عَلى إسْنادِ الفِعْلِ إلى الآمِرِ بِهِ وهو اللَّهُ سُبْحانَهُ تَعْظِيمًا لِلنَّفْخِ لِأنَّ ما يَصْدُرُ مِنَ العَظِيمِ عَظِيمٌ أوْ لِلنّافِخِ بِجَعْلِ فِعْلِهِ بِمَنزِلَةِ فِعْلِهِ تَعالى وهو إنَّما يُقالُ لِمَن لَهُ مَزِيدُ اخْتِصاصٍ وقُرْبُ مَرْتَبَةٍ، وقِيلَ: إنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِلْيَوْمِ الواقِعِ هو فِيهِ.
وقُرِئَ ( يَنْفُخُ ) بِالياءِ المَفْتُوحَةِ عَلى أنَّ ضَمِيرَهُ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ أوْ لِإسْرافِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وإنْ لَمْ يَجُرْ ذِكْرُهُ لِشُهْرَتِهِ وقَرَأ الحَسَنُ وابْنُ عِياضٍ في جَماعَةٍ (فِي الصُّوَرِ) بِضَمِّ الصّادِ وفَتْحِ الواوِ جَمْعُ صُورَةٍ كَغُرْفَةٍ وغُرَفٍ، والمُرادُ بِهِ الجِسْمُ المُصَوِّرُ. وأوْرَدَ أنَّ النَّفْخَ يَتَكَرَّرُ لِقَوْلِهِ تَعالى ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى﴾ والنَّفْخُ في الصُّورَةِ إحْياءٌ والإحْياءُ غَيْرُ مُتَكَرِّرٍ بَعْدَ المَوْتِ وما في القَبْرِ لَيْسَ بِمُرادٍ مِنَ النَّفْخَةِ الأُولى بِالِاتِّفاقِ.
وأُجِيبُ بِأنَّهُ لا نُسَلِّمُ أنَّ كُلَّ نَفْخٍ إحْياءٌ، وبَعْضُهم فَسَّرَ الصُّورَ عَلى القِراءَةِ المَشْهُورَةِ بِذَلِكَ أيْضًا، والحَقُّ تَفْسِيرُهُ بِالقَرْنِ الَّذِي يُنْفَخُ فِيهِ ﴿ونَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ﴾ أيْ: يَوْمَ إذْ يُنْفَخُ في الصُّورِ، وذُكِرَ ذَلِكَ صَرِيحًا مَعَ تَعِينِ أنَّ الحَشْرَ لا يَكُونُ إلّا يَوْمَئِذٍ لِلتَّهْوِيلِ، وقَرَأ الحَسَنُ ( يُحْشَرُ ) بِالياءِ والبِناءِ لِلْمَفْعُولِ و( المُجْرِمُونَ ) بِالرَّفْعِ عَلى النِّيابَةِ عَنِ الفاعِلِ، وقُرِئَ أيْضًا ( يَحْشُرُ ) بِالياءِ والبِناءِ لِلْفاعِلِ وهو ضَمِيرُهُ عَزَّ وجَلَّ أيْ ويَحْشُرُ اللَّهُ تَعالى المُجْرِمِينَ (زُرْقًا) حالَ كَوْنِهِمْ زُرْقَ الأبْدانِ وذَلِكَ غايَةٌ في التَّشْوِيهِ ولا تَزْرُقُ الأبْدانُ إلّا مِن مُكابَدَةِ الشَّدائِدِ وجُفُوفِ رُطُوبَتِها، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما زُرْقُ العُيُونِ فَهو وصْفٌ لِلشَّيْءِ بِصِفَةِ جُزْئِهِ كَما يُقالُ غُلامٌ أكْحَلُ وأحْوَلُ والكُحْلُ والحَوَلُ مِن صِفاتِ العَيْنِ، ولَعَلَّهُ مَجازٌ مَشْهُورٌ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ حَقِيقَةً كَرَجُلٍ أعْمى وإنَّما جُعِلُوا كَذَلِكَ لِأنَّ الزُّرْقَةَ أسْوَأُ ألْوانِ العَيْنِ وأبْغَضُها إلى العَرَبِ فَإنَّ الرُّومَ الَّذِينَ كانُوا أشَدَّ أعْدائِهِمْ عَداوَةً زُرِقَ، ولِذَلِكَ قالُوا في وصْفِ العَدُوِّ أسْوَدُ الكَبِدِ أصْهَبُ السِّبالِ أزْرَقُ العَيْنِ، وقالَ الشّاعِرُ:
؎وما كُنْتُ أخْشى أنْ تَكُونَ وفاتُهُ بِكَفَّيْ سَبَنْتى أزْرَقِ العَيْنِ مُطْرِقِ
وكانُوا يَهْجُونَ بِالزُّرْقَةِ كَما في قَوْلِهِ:
؎لِقَدٍّ زَرِقَتْ عَيْناكَ يا ابْنَ مُكَعْبَرٍ ∗∗∗ إلّا كَلَّ ضَبِّيٍّ مِنَ اللُّؤْمِ أزْرَقُ
وسُئِلَ ابْنُ عَبّاسٍ عَنِ الجَمْعِ بَيْنَ ﴿زُرْقًا﴾ عَلى ما رُوِيَ عَنْهُ وعُمْيًا في آيَةٍ أُخْرى فَقالَ: لِيَوْمِ القِيامَةِ حالاتُ (p-261)فَحالَةٌ يَكُونُونَ فِيها عُمْيًا وحالَةٌ يَكُونُونَ فِيها زُرْقًا. وعَنِ الفَرّاءِ المُرادُ مِن ﴿زُرْقًا﴾ عُمْيًا لِأنَّ العَيْنَ إذا ذَهَبَ نُورُها ازْرَقَّ ناظِرُها، ووَجْهُ الجَمْعِ عَلَيْهِ ظاهِرٌ، وعَنِ الأزْهَرِيِّ المُرادِ عِطاشًا لِأنَّ العَطَشَ الشَّدِيدَ يُغَيِّرُ سَوادَ العَيْنِ فَيَجْعَلُهُ كالأزْرَقِ، وقِيلَ: يَجْعَلُهُ أبْيَضَ، وجاءَ الأزْرَقُ بِمَعْنى الأبْيَضِ ومِنهُ سِنانٌ أزْرَقُ، وقَوْلُهُ: فَلَمّا ورَدْنا الماءَ زُرْقًا جِمامُهُ ويُلائِمُ تَفْسِيرُهُ بِعِطاشًا قَوْلُهُ تَعالى عَلى ما سَمِعْتُ ﴿ونَسُوقُ المُجْرِمِينَ إلى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ .
{"ayah":"یَوۡمَ یُنفَخُ فِی ٱلصُّورِۚ وَنَحۡشُرُ ٱلۡمُجۡرِمِینَ یَوۡمَىِٕذࣲ زُرۡقࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق