الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى ﴿مَن أعْرَضَ عَنْهُ﴾ إذِ الظّاهِرُ أنَّ ضَمِيرَ (عَنْهُ) لِلذِّكْرِ، والجُمْلَةُ في مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَهُ، ولا يَحْسُنُ وصْفُ الشَّرَفِ أوِ الذِّكْرِ في النّاسِ بِذَلِكَ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلَّهِ تَعالى عَلى سَبِيلِ الِالتِفاتِ وهو خِلافُ الظّاهِرِ جِدًّا، (ومَن) إمّا شَرْطِيَّةٌ أوْ مَوْصُولَةٌ أيْ مَن أعْرَضَ عَنِ الذِّكْرِ العَظِيمِ الشَّأْنِ المُسْتَتْبِعِ لِسَعادَةِ الدّارَيْنِ ولَمْ يُؤْمِن بِهِ ﴿فَإنَّهُ﴾ أيِ: المُعْرِضَ عَنْهُ ﴿يَحْمِلُ يَوْمَ القِيامَةِ وِزْرًا﴾ أيْ: عُقُوبَةً ثَقِيلَةً عَلى إعْراضِهِ وسائِرِ ذُنُوبِهِ. والوِزْرُ في الأصْلِ يُطْلَقُ عَلى مَعْنَيَيْنِ: الحَمْلِ الثَّقِيلِ والإثْمِ، وإطْلاقُهُ عَلى العُقُوبَةِ نَظَرًا إلى المَعْنى الأوَّلِ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِعارَةِ المُصَرِّحَةِ حَيْثُ شَبَّهَتِ. الثّانِي عَلى سَبِيلِ المَجازِ المُرْسَلِ مِن حَيْثُ إنَّ العُقُوبَةَ بِالحَمْلِ الثَّقِيلِ. ثُمَّ اسْتُعِيرَ لَها بِقَرِينَةِ ذِكْرِ يَوْمِ القِيامَةِ، ونَظَرًا إلى المَعْنى الثّانِي عَلى سَبِيلِ المَجازِ المُرْسَلِ مِن حَيْثُ إنَّ العُقُوبَةَ جَزاءُ الإثْمِ فَهي لازِمَةٌ لَهُ أوْ مُسَبِّبَةٌ، والأوَّلُ هو الأنْسَبُ بِقَوْلِهِ تَعالى فِيما بَعْدُ ﴿وساءَ﴾ إلَخْ لِأنَّهُ تَرْشِيحٌ لَهُ، ويُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعالى في آيَةٍ أُخْرى ﴿ولَيَحْمِلُنَّ أثْقالَهُمْ﴾ وتَفْسِيرُ الوِزْرِ بِالإثْمِ وحَمْلُ الكَلامِ عَلى حَذْفِ المُضافِ أيْ عُقُوبَةَ أوْ جَزاءَ إثْمٍ لَيْسَ بِذاكَ. وقَرَأتْ فِرْقَةٌ مِنهم داوُدُ بْنُ رُفَيْعٍ (يُحَمَّلُ) مُشَدَّدَ المِيمِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِأنَّهُ يُكَلَّفُ ذَلِكَ لا أنَّهُ يَحْمِلُهُ طَوْعًا ويَكُونُ (وِزْرًا) عَلى هَذا مَفْعُولًا ثانِيًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب