الباحث القرآني

﴿قُلْ مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في مُسْنَدِهِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أنَّهُ «دَخَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ مَدارِسَ اليَهُودِ يَوْمًا، فَسَألَهم عَنْ جِبْرِيلَ، فَقالُوا: ذاكَ عَدُوُّنا، يُطْلِعُ مُحَمَّدًا عَلى أسْرارِنا، وأنَّهُ صاحِبُ كُلِّ خَسْفٍ، وعَذابٍ، ومِيكائِيلُ صاحِبُ الخِصْبِ والسَّلامِ، فَقالَ: ما مَنزِلَتُهُما مِنَ اللَّهِ تَعالى؟ قالُوا: جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، ومِيكائِيلُ عَنْ يَسارِهِ، وبَيْنَهُما عَداوَةٌ، فَقالَ: لَئِنْ كانا كَما تَقُولُونَ، فَلَيْسا بِعَدُوَّيْنِ، ولَأنْتُمْ أكْفَرُ مِنَ الحَمِيرِ، ومَن كانَ عَدُوًّا لِأحَدِهِما فَهو عَدُوُّ لِلَّهِ، ثُمَّ رَجَعَ عُمَرُ فَوَجَدَ جِبْرِيلَ قَدْ سَبَقَهُ بِالوَحْيِ، فَقالَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: لَقَدْ وافَقَكَ رَبُّكَ يا عُمَرُ، قالَ عُمَرُ: لَقَدْ رَأيْتُنِي بَعْدَ ذَلِكَ أصْلَبَ مِنَ الحَجَرِ،» وقِيلَ: نَزَلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صُورِيا كانَ يَهُودِيًّا مِن أحْبارِ فَدَكٍ، سَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَمَّنْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ؟ فَقالَ: جِبْرِيلُ، فَقالَ: ذاكَ عَدُوُّنا، عادانا مِرارًا، وأشَدُّها أنَّهُ أنْزَلَ عَلى نَبِيِّنا أنَّ بَيْتَ المَقْدِسِ سَيُخَرِّبُهُ بُخْتَنَصَّرُ، فَبَعَثْنا مَن يَقْتُلُهُ، فَرَآهُ بِبابِلَ، فَدَفَعَ عَنْهُ جِبْرِيلُ، وقالَ: إنْ كانَ رَبُّكم أمَرَهُ بِهَلاكِكُمْ، فَلا يُسَلِّطُكم عَلَيْهِ، وإلّا فَبِمَ تَقْتُلُونَهُ، وصَدَّقَهُ الرَّجُلُ المَبْعُوثُ، ورَجَعَ إلَيْنا وكَبُرَ بُخْتَنَصَّرُ وقَوِيَ (p-332)وغَزانا، وخَرَّبَ بَيْتَ المَقْدِسِ، رَوى ذَلِكَ بَعْضُ الحُفّاظِ، وقالَ العِراقِيُّ: لَمْ أقِفْ لَهُ عَلى سَنَدٍ، فَلَعَلَّ الأوَّلَ أقْوى مِنهُ، وإنْ أوْهَمَ صَنِيعُ بَعْضِهِمُ العَكْسَ، وجِبْرِيلُ عَلَمُ مَلَكٍ، كانَ يَنْزِلُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالقُرْآنِ، وهو اسْمٌ أعْجَمِيٌّ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ والعُجْمَةِ، وأبْعَدَ مَن ذَهَبَ إلى أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِن جَبَرُوتِ اللَّهِ، وجَعَلَهُ مُرَكَّبًا تَرْكِيبَ مَزْجٍ مِن مُضافٍ ومُضافٍ إلَيْهِ، فَمَنَعَهُ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ والتَّرْكِيبِ، لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأنَّ ما يُرَكَّبُ هَذا التَّرْكِيبَ يَجُوزُ فِيهِ البِناءُ والإضافَةُ ومَنعُ الصَّرْفِ، فَكَوْنُهُ لَمْ يُسْمَعْ فِيهِ الإضافَةُ أوِ البِناءُ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ لَيْسَ مِن تَرْكِيبِ المَزْجِ، وقَدْ تَصَرَّفَتْ فِيهِ العَرَبُ عَلى عادَتِها في تَغْيِيرِ الأسْماءِ الأعْجَمِيَّةِ، حَتّى بَلَغَتْ فِيهِ إلى ثَلاثَ عَشْرَةَ لُغَةً، أفْصَحُها وأشْهَرُها جِبْرِيلُ كَقِنْدِيلٍ، وهي قِراءَةُ أبِي عَمْرٍو، ونافِعٍ، وابْنِ عامِرٍ، وحَفْصٍ عَنْ عاصِمٍ، وهي لُغَةُ الحِجازِ، قالَ ورَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: ؎وجِبْرِيلُ يَأْتِيهِ ومِيكالُ مَعَهُما مِنَ اللَّهِ وحْيٌ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُنَزَّلُ الثّانِيَةُ كَذَلِكَ، إلّا أنَّها بِفَتْحِ الجِيمِ، وهي قِراءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ، والحَسَنِ، وابْنِ مُحَيْصِنٍ، قالَ الفَرّاءُ: لا أُحِبُّها، لِأنَّهُ لَيْسَ في الكَلامِ فَعْلِيلٌ، ولَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأنَّ الأعْجَمِيَّ إذْ عَرَّبُوهُ قَدْ يُلْحِقُونَهُ بِأوْزانِهِمْ كَلِجامِ، وقَدْ لا يُلْحِقُونَهُ بِها كَإبْرَيْسِمٍ، وجِبْرِيلُ مِن هَذا القَبِيلِ، مَعَ أنَّهُ سُمِعَ سَمَوْألُ، لِطائِرٍ، الثّالِثُ جَبْرَئِيلُ كَسَلْسَبِيلٍ، وبِها قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ، وحَمّادٌ عَنْ أبِي بَكْرٍ، عَنْ عاصِمٍ، وهي لُغَةُ قَيْسٍ، وتَمِيمٍ، وكَثِيرٍ مِن أهْلِ نَجْدٍ، وحَكاها الفَرّاءُ، واخْتارَها الزَّجّاجُ، وقالَ: هي أجْوَدُ اللُّغاتِ، وقالَ حَسّانُ: ؎شَهِدْنا فَما يَلْقى لَنا مِن كَتِيبَةٍ ∗∗∗ مَدى الدَّهْرِ إلّا جَبْرَئِيلُ أمامَها الرّابِعَةُ كَذَلِكَ، إلّا أنَّها بِدُونِ ياءٍ بَعْدَ الهَمْزَةِ، وهي رِوايَةُ يَحْيى بْنِ آدَمَ عَنْ أبِي بَكْرٍ، عَنْ عاصِمٍ، وتُرْوى عَنْ يَحْيى بْنِ يَعْمَرَ، الخامِسَةُ كَذَلِكَ، إلّا أنَّ اللّامَ مُشَدَّدَةٌ، وهي قِراءَةُ أبانَ عَنْ عاصِمٍ، ويَحْيى ابْنِ يَعْمَرَ أيْضًا، السّادِسَةُ جَبْرائِلُ، بِألِفٍ وهَمْزَةٍ بَعْدَها مَكْسُورَةٍ بِدُونِ ياءٍ، وبِها قَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما، وعِكْرِمَةُ، السّابِعَةُ مِثْلُها مَعَ زِيادَةِ ياءٍ بَعْدَ الهَمْزَةِ، الثّامِنَةُ جَبْرايِيلُ بِياءَيْنِ بَعْدَ الألِفِ، وبِها قَرَأ الأعْمَشُ، وابْنُ يَعْمَرَ، ورَواها الكِسائِيُّ عَنْ عاصِمٍ، التّاسِعَةُ جَبْرالَ، العاشِرَةُ جِبْرِيلُ بِالياءِ والقَصْرِ، وهي قِراءَةُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، الحادِيَةَ عَشْرَةَ جَبْرِينُ، بِفَتْحِ الجِيمِ والنُّونِ، الثّانِيَةَ عَشْرَةَ كَذَلِكَ إلّا أنَّها بِكَسْرِ الجِيمِ، وهي لُغَةُ أسَدٍ، الثّالِثَةَ عَشْرَةَ جَبْرايِنُ، قالَ أبُو جَعْفَرٍ النَّحّاسُ: جُمِعَ جِبْرِيلُ جَمْعَ تَكْسِيرٍ عَلى جَبارِينَ، عَلى اللُّغَةِ العالِيَةِ، واشْتُهِرَ أنَّ مَعْناهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلى أنَّ جَبْرَ هو اللَّهُ تَعالى، وإيلُ هو العَبْدُ، وقِيلَ: عَكْسُهُ، ورَدَّهُ بَعْضُهم بِأنَّ المَعْهُودَ في الكَلامِ العَجَمِيِّ تَقْدِيمُ المُضافِ إلَيْهِ عَلى المُضافِ، وفِيهِ تَأمُّلٌ. ﴿فَإنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ﴾ جَوابُ الشَّرْطِ، إمّا نِيابَةً أوْ حَقِيقَةً، والمَعْنى مَن عاداهُ مِنهُمْ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإنْصافِ، أوْ كَفَرَ بِما مَعَهُ مِنَ الكِتابِ بِمُعاداتِهِ إيّاهُ، لِنُزُولِهِ عَلَيْكَ بِالوَحْيِ، لِأنَّهُ نَزَّلَ كِتابًا مُصَدِّقًا لِلْكُتُبِ المُتَقَدِّمَةِ، أوْ فالسَّبَبُ في عَداوَتِهِ أنَّهُ نَزَلَ عَلَيْكَ، ولَيْسَ المُبْتَدَأُ عَلى هَذا الأخِيرِ مَحْذُوفًا، و”إنَّهُ نزله“ خَبَرُهُ، حَتّى يَرِدَ أنَّ المَوْضِعَ لِلْمَفْتُوحَةِ، بَلْ أنَّ الفاءَ داخِلَةٌ عَلى السَّبَبِ، ووَقَعَ جَزاءً بِاعْتِبارِ الإعْلامِ والإخْبارِ بِسَبَبِيَّتِهِ، لِما قَبْلَهُ، فَيَؤُولُ المَعْنى إلى مَن عاداهُ، فَأُعْلِمُكم بِأنَّ سَبَبَ عَداوَتِهِ كَذا، فَهو كَقَوْلِكَ: إنْ عاداكَ فُلانٌ فَقَدْ آذَيْتَهُ، أيْ فَأخْبَرَكَ بِأنَّ سَبَبَ عَداوَتِكَ أنَّكَ آذَيْتَهُ، وقِيلَ: الجَزاءُ مَحْذُوفٌ بِحَيْثُ لا يَكُونُ المَذْكُورُ نائِبًا، وعَنْهُ يُقَدَّرُ مُؤَخَّرًا عَنْهُ، ويَكُونُ هو تَعْلِيلًا وبَيانًا لِسَبَبِ العَداوَةِ، والمَعْنى: مَن عاداهُ، لِأنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ، فَلْيَمُتْ غَيْظًا، أوْ فَهو عَدُوٌّ لِي وأنا عَدُوُّهُ، (p-333)والقَرِينَةُ عَلى حَذْفِ الثّانِي الجُمْلَةُ المُعْتَرِضَةُ المَذْكُورَةُ بَعْدَهُ في وعِيدِهِمْ، واحْتِمالُ أنْ يَكُونَ ﴿مَن كانَ عَدُوًّا﴾ إلَخِ اسْتِفْهامًا لِلِاسْتِبْعادِ، أوِ التَّهْدِيدِ، ويَكُونُ (فَإنَّهُ) تَعْلِيلَ العَداوَةِ، وتَقْيِيدًا لَها، أوْ تَعْلِيلَ الأمْرِ بِالقَوْلِ مِمّا لا يَنْبَغِي أنْ يُرْتَكَبَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، والضَّمِيرُ الأوَّلُ البارِزُ لِجِبْرِيلَ، والثّانِي لِلْقُرْآنِ، كَما يُشِيرُ إلَيْهِ الأحْوالُ، لِأنَّها كُلَّها مِن صِفاتِ القُرْآنِ ظاهِرًا، وقِيلَ: الأوَّلُ لِلَّهِ تَعالى، والثّانِي لِجِبْرِيلَ، أيْ فَإنَّ اللَّهَ نَزَّلَ جِبْرِيلَ بِالقُرْآنِ عَلى قَلْبِكَ، وفي كُلٍّ مِنَ الوَجْهَيْنِ إضْمارٌ يَعُودُ عَلى ما يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّياقُ، وفي ذَلِكَ مِن فَخامَةِ الشَّأْنِ ما لا يَخْفى، ولَمْ يَقُلْ سُبْحانَهُ: عَلَيْكَ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما أنْزَلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقى﴾ بَلْ قالَ: ﴿عَلى قَلْبِكَ﴾، لِأنَّهُ القابِلُ الأوَّلُ لِلْوَحْيِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الرُّوحُ، ومَحَلُّ الفَهْمِ والحِفْظِ إنْ أُرِيدَ بِهِ العُضْوُ، بِناءً عَلى نَفْيِ الحَواسِّ الباطِنَةِ، وقِيلَ: كَنّى بِالقَلْبِ عَنِ الجُمْلَةِ الإنْسانِيَّةِ كَما يُكَنّى بِبَعْضِ الشَّيْءِ عَنْ كُلِّهِ، وقِيلَ: مَعْنى ﴿نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ﴾ جَعَلَ قَلْبَكَ مُتَّصِفًا بِأخْلاقِ القُرْآنِ، ومُتَأدِّبًا بِآدابِهِ كَما في حَدِيثِ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها: «(كانَ خُلُقُهُ القُرْآنَ، يَرْضى لِرِضاهُ، ويَغْضَبُ لِغَضَبِهِ)،» وكانَ الظّاهِرُ أنْ يَقُولَ: عَلى قَلْبِي، لِأنَّ القائِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، لَكِنَّهُ حَكى ما قالَ اللَّهُ تَعالى لَهُ، وجَعَلَ القائِلَ كَأنَّهُ اللَّهُ تَعالى، لِأنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ بِإذْنِ اللَّهِ، أيْ بِأمْرِهِ، أوْ بِعِلْمِهِ، وتَمْكِينِهِ إيّاهُ مِن هَذِهِ المَنزِلَةِ، أوْ بِاخْتِيارِهِ، أوْ بِتَيْسِيرِهِ وتَسْهِيلِهِ، وأصْلُ مَعْنى الإذْنِ في الشَّيْءِ الإعْلامُ بِإجازَتِهِ، والرُّخْصَةُ فِيهِ، فالمَعانِي المَذْكُورَةُ كُلُّها مَجازِيَّةٌ، والعَلاقَةُ ظاهِرَةٌ، والمُنْتَخَبُ كَما في المُنْتَخَبِ المَعْنى الأوَّلُ، والمُعْتَزِلَةُ لَمّا لَمْ يَقُولُوا بِالكَلامِ النَّفْسِيِّ، وإسْنادِ الإذْنِ إلَيْهِ تَعالى بِاعْتِبارِ الكَلامِ اللَّفْظِيِّ يَحْتاجُ إلى تَكَلُّفٍ، اقْتَصَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلى الوَجْهِ الأخِيرِ، والقَوْلُ: إنَّ الإذْنَ بِمَعْنى الأمْرِ إنْ أُرِيدَ بِالتَّنْزِيلِ مَعْناهُ الظّاهِرُ، وبِمَعْنى التَّيْسِيرِ إنْ أُرِيدَ بِهِ التَّحَفُّظُ، والتَّفْهِيمُ مِمّا لا وجْهَ لَهُ. ﴿مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ مِنَ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ الَّتِي مُعْظَمُها التَّوْراةُ، وانْتِصابُ (مُصَدِّقًا) عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ المَنصُوبِ في (نَزَّلَهُ) إنْ كانَ عائِدًا لِلْقُرْآنِ، وإنْ كانَ لِجِبْرِيلَ، فَيَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ أحَدُهُما أنْ يَكُونَ حالًا مِنَ المَحْذُوفِ لِفَهْمِ المَعْنى، كَما أشَرْنا إلَيْهِ، والثّانِي أنْ يَكُونَ حالًا مِن جِبْرِيلَ، والهاءُ إمّا لِلْقُرْآنِ، أوْ لِجِبْرِيلَ، فَإنَّهُ مُصَدِّقٌ أيْضًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الرُّسُلِ والكُتُبِ، ﴿وهُدًى وبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ مَعْطُوفانِ عَلى (مُصَدِّقًا) فَهُما حالانِ مِثْلُهُ، والتَّأْوِيلُ غَيْرُ خَفِيٍّ، وخَصَّ المُؤْمِنِينَ بِالذِّكْرِ لِأنَّهُ عَلى غَيْرِهِمْ عَمًى، وقَدْ دَلَّتِ الآيَةُ عَلى تَعْظِيمِ جِبْرِيلَ، والتَّنْوِيهِ بِقَدْرِهِ، حَيْثُ جَعَلَهُ الواسِطَةَ بَيْنَهُ تَعالى وبَيْنَ أشْرَفِ خَلْقِهِ، والمُنَزَّلَ بِالكِتابِ الجامِعِ لِلْأوْصافِ المَذْكُورَةِ، ودَلَّتْ عَلى ذَمِّ اليَهُودِ، حَيْثُ أبْغَضُوا مَن كانَ بِهَذِهِ المَنزِلَةِ العَظِيمَةِ الرَّفِيعَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى، قِيلَ: وتَعَلَّقَتِ الباطِنِيَّةُ بِهَذِهِ الآيَةِ، وقالُوا: إنَّ القُرْآنَ إلْهامٌ، والحُرُوفَ عِبارَةُ الرَّسُولِ ﷺ، ورُدَّ عَلَيْهِمْ بِأنَّهُ مُعْجِزَةٌ ظاهِرَةٌ وباطِنَةٌ، وإنَّ اللَّهَ تَعالى سَمّاهُ قُرْآنًا وكِتابًا وعَرَبِيًّا، وإنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ بِهِ، والمُلْهَمُ لا يَحْتاجُ إلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب