الباحث القرآني

﴿وإذْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ والفُرْقانَ لَعَلَّكم تَهْتَدُونَ﴾ الكِتابُ التَّوْراةُ بِإجْماعِ المُفَسِّرِينَ (p-259)وفِي الفُرْقانِ أقْوالٌ، الأوَّلُ: إنَّهُ هو التَّوْراةُ أيْضًا، والعَطْفُ مِن قَبِيلِ عَطْفِ الصِّفاتِ، لِلْإشارَةِ إلى اسْتِقْلالِ كُلٍّ مِنها، فَإنَّ التَّوْراةَ لَها صِفَتانِ يُقالانِ بِالتَّشْكِيكِ، كَوْنُها كِتابًا جامِعًا لِما لَمْ يَجْمَعْهُ مُنَزَّلٌ سِوى القُرْآنِ، وكَوْنُها فُرْقانًا، أيْ حُجَّةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، قالَهُ الزَّجّاجُ، ويُؤَيِّدُ هَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى وهارُونَ الفُرْقانَ وضِياءً وذِكْرًا﴾ الثّانِي: أنَّهُ الشَّرْعُ الفارِقُ بَيْنَ الحَلالِ والحَرامِ، فالعَطْفُ مِثْلُهُ في تَنَزُّلِ المَلائِكَةِ والرُّوحِ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ، الثّالِثُ: أنَّهُ المُعْجِزاتُ الفارِقَةُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ مِنَ العَصا، واليَدِ، وغَيْرِهِما، قالَهُ مُجاهِدٌ، الرّابِعُ: أنَّهُ النَّصْرُ الَّذِي فَرَّقَ بَيْنَ العَدُوِّ، والوَلِيِّ، وكانَ آيَةً لِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، ومِنهُ قِيلَ لِيَوْمِ بَدْرٍ: يَوْمُ الفُرْقانِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما، وقِيلَ: إنَّهُ القُرْآنُ، ومَعْنى إتْيانِهِ لِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ نُزُولُ ذِكْرِهِ لَهُ حَتّى آمَنَ بِهِ، حَكاهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ، وهو بَعِيدٌ وأبْعَدُ مِنهُ ما حُكِيَ عَنِ الفَرّاءِ، وقُطْرُبٍ أنَّهُ القُرْآنُ، والكَلامُ عَلى حَذْفِ مَفْعُولٍ، أيْ ومُحَمَّدًا الفُرْقانَ، وناسَبَ ذِكْرُ الِاهْتِداءِ إثْرَ ذِكْرِ إتْيانِ مُوسى الكِتابَ والفُرْقانَ، لِأنَّهُما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِما ذَلِكَ لِمَن ألْقى السَّمْعَ وهو شَهِيدٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب