الباحث القرآني
﴿وآمِنُوا بِما أنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِما مَعَكُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى ما قَبْلَهُ، وظاهِرُهُ أنَّهُ (p-244)أمْرٌ لِبَنِي إسْرائِيلَ، وقِيلَ: نَزَلَتْ في كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ وأصْحابِهِ عُلَماءِ اليَهُودِ ورُؤَسائِهِمْ، فَهو أمْرٌ لَهُمْ، وأفْرَدَ سُبْحانَهُ الإيمانَ بَعْدَ انْدِراجِهِ في ﴿وأوْفُوا بِعَهْدِي﴾ بِمَجْمُوعِ الأمْرِ بِهِ، والحَثِّ عَلَيْهِ المُسْتَفادِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مُصَدِّقًا لِما مَعَكُمْ﴾ لِلْإشارَةِ إلى أنَّهُ المَقْصُودُ، والعُمْدَةُ لِلْوَفاءِ بِالعُهُودِ، (وما) مَوْصُولَةٌ، (وأنْزَلْتُ) صِلَتُهُ، والعائِدُ مَحْذُوفٌ، أيْ أنْزَلْتُهُ، (ومُصَدِّقًا) حالٌ إمّا مِنَ المَوْصُولِ، أوْ مِن ضَمِيرِهِ المَحْذُوفِ، واللّامُ في (لِما) مُقَوِّيَةٌ، والمُرادُ بِما أنْزَلْتُ القُرْآنُ، وفي التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِذَلِكَ تَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ، والمُرادُ (بِما مَعَكُمُ) التَّوْراةُ، والتَّعْبِيرُ عَنْها بِذَلِكَ لِلْإيذانِ بِعِلْمِهِمْ بِتَصْدِيقِهِ لَها، فَإنَّ المَعِيَّةَ مَئِنَّةٌ لِتَكْرارِ المُراجَعَةِ إلَيْها، والوُقُوفِ عَلى تَضاعِيفِها المُؤَدِّي إلى العِلْمِ بِكَوْنِهِ مُصَدِّقًا لَها، ومَعْنى تَصْدِيقِهِ لَها أنَّهُ نازِلٌ حَسْبَما نَعَتَ فِيها، أوْ مُطابِقٌ لَها في أصْلِ الدِّينِ، والمِلَّةِ، أوْ لِما لَمْ يُنْسَخْ كالقَصَصِ، والمَواعِظِ، وبَعْضِ المُحَرَّماتِ كالكَذِبِ، والزِّنا، والرِّبا، أوْ لِجَمِيعِ ما فِيها، والمُخالَفَةُ في بَعْضِ جُزْئِيّاتِ الأحْكامِ الَّتِي هي لِلْأمْراضِ القَلْبِيَّةِ كالأدْوِيَةِ الطِّبِّيَّةِ لِلْأمْراضِ البَدَنِيَّةِ المُخْتَلِفَةِ بِحَسَبِ الأزْمانِ والأشْخاصِ لَيْسَتْ بِمُخالَفَةٍ في الحَقِيقَةِ، بَلْ هي مُوافَقَةٌ لَها مِن حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنها حَقٌّ في عَصْرِهِ مُتَضَمِّنٌ لِلْحِكْمَةِ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْها فَلَكُ التَّشْرِيعِ، ولَيْسَ في التَّوْراةِ ما يَدُلُّ عَلى أبَدِيَّةِ أحْكامِها المَنسُوخَةِ حَتّى يُخالِفَها ما يَنْسَخُها، بَلْ إنَّ نُطْقَها بِصِحَّةِ القُرْآنِ النّاسِخِ لَها نُطْقٌ بِنَسْخِها، وانْتِهاءِ وقْتِها الَّذِي شُرِعَتْ لِلْمَصْلَحَةِ فِيهِ، ولَيْسَ هَذا مِنَ البَداءِ في شَيْءٍ، كَما يَتَوَهَّمُونَ، فَإذَنِ المُخالَفَةُ في تِلْكَ الأحْكامِ المَنسُوخَةِ إنَّما هو اخْتِلافُ العَصْرِ حَتّى لَوْ تَأخَّرَ نُزُولُ المُتَقَدِّمِ لَنَزَلَ عَلى وفْقِ المُتَقَدِّمِ، ولَوْ تَقَدَّمَ نُزُولُ المُتَأخِّرِ لَوافَقَ المُتَقَدِّمَ، وإلى ذَلِكَ يُشِيرُ ما أخْرَجَهُ الإمامُ أحْمَدُ، وغَيْرُهُ عَنْ جابِرٍ «أنَّهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ حِينَ قَرَأ بَيْنَ يَدَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ شَيْئًا مِنَ التَّوْراةِ: (لَوْ كانَ مُوسى حَيًّا لَما وسِعَهُ إلّا اتِّباعِي)،» وفي رِوايَةِ الدّارِمِيِّ: «(والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ بَدا لَكم مُوسى فاتَّبَعْتُمُوهُ وتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ، ولَوْ كانَ حَيًّا وأدْرَكَ نُبُوَّتِي لاتَّبَعَنِي)،» وتَقْيِيدُ المُنَزَّلِ بِكَوْنِهِ مُصَدِّقًا لَما مَعَهم لِتَأْكِيدِ وُجُوبِ الِامْتِثالِ، فَإنَّ إيمانَهم بِما مَعَهم يَقْتَضِي الإيمانَ بِما يُصَدِّقُهُ قَطْعًا، ومِنَ النّاسِ مَن فَسَّرَ المُنَزَّلَ بِالكِتابِ، والرَّسُولِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وما مَعَهم بِالتَّوْراةِ والإنْجِيلِ، ولَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ بُعْدٍ، إلّا أنَّ البَعِيدَ مِن وجْهٍ جَعْلُ مُصَدِّقًا حالًا مِنَ الضَّمِيرِ المَرْفُوعِ، والأبْعَدُ جَعْلُ (ما) مَصْدَرِيَّةً، ومُصَدِّقًا حالٌ مِن ما الثّانِيَةِ، وأبْعَدُ مِنهُ جَعْلُهُ حالًا مِنَ المَصْدَرِ المُقَدَّرِ.
﴿ولا تَكُونُوا أوَّلَ كافِرٍ بِهِ﴾ أيْ لا تُسارِعُوا إلى الكُفْرِ بِهِ، فَإنَّ وظِيفَتَكم أنْ تَكُونُوا أوَّلَ مَن آمَنَ بِهِ لِما أنَّكم تَعْرِفُونَ حَقِيقَةَ الأمْرِ وحَقِّيَّتَهُ، وقَدْ كُنْتُمْ مِن قَبْلُ تَقُولُونَ إنّا نَكُونُ أوَّلَ مَن يَتَّبِعُهُ، فَلا تَضَعُوا مَوْضِعَ ما يَتَوَقَّعُ فِيكُمْ، ويَجِبُ مِنكم ما يَبْعُدُ صُدُورُهُ عَنْكُمْ، ويَحْرُمُ عَلَيْكم مِن كَوْنِكم أوَّلَ كافِرٍ بِهِ، (وأوَّلُ) في المَشْهُورِ أفْعَلُ لِقَوْلِهِمْ: هَذا أوَّلُ مِنكَ، ولا فِعْلَ لَهُ، لِأنَّ فاءَهُ وعَيْنَهُ واوٌ، وقَدْ دَلَّ الِاسْتِقْراءُ عَلى انْتِفاءِ الفِعْلِ لِما هو كَذَلِكَ، وإنْ وُجِدَ فَنادِرٌ، وما في الشّافِيَةِ مِن أنَّهُ مِن ووَلَ، بَيانٌ لِلْفِعْلِ المُقَدَّرِ، وقِيلَ: أصْلُهُ أوْألُ، مِن وألَ وأْوَلًا إذا لَجَأ، ثُمَّ خُفِّفَ بِإبْدالِ الهَمْزَةِ واوًا، ثُمَّ الإدْغامُ وهو تَخْفِيفٌ غَيْرُ قِياسِيٍّ، والمُناسَبَةُ الِاشْتِقاقِيَّةُ أنَّ الأوَّلَ الحَقِيقِيَّ أعْنِي ذاتَهُ تَعالى مَلْجَأٌ لِلْكُلِّ، وإنْ قُلْنا: وألَ بِمَعْنى تَبادَرَ، فالمُناسَبَةُ أنَّ التَّبادُرَ سَبَبُ الأوَّلِيَّةِ، وقِيلَ: أوْألَ مِن آلَ بِمَعْنى رَجَعَ، والمُناسَبَةُ الِاشْتِقاقِيَّةُ عَلى قِياسِ ما ذُكِرَ سابِقًا، وإنَّما لَمْ يُجْمَعْ عَلى أواوِلَ لِاسْتِثْقالِهِمُ اجْتِماعَ الواوَيْنِ بَيْنَهُما ألِفُ الجَمْعِ، وقالَ الدُّرَيْدِيُّ: هو فَوْعَلٌ فَقُلِبَتِ الواوُ الأُولى هَمْزَةً، وأُدْغِمَتْ، واوُ فَوْعَلٍ في عَيْنِ الفِعْلِ، ويُبْطِلُهُ ظاهِرًا مَنعُ الصَّرْفِ، وهو خَبَرٌ عَنْ ضَمِيرِ الجَمْعِ، ولا بُدَّ هُنا عِنْدَ الجُمْهُورِ مِن تَأْوِيلِ المُفَضَّلِ عَلَيْهِ، بِجَعْلِهِ مُفْرَدًا لِلَفْظٍ جَمَعَ المَعْنى، أيْ أوَّلَ فَرِيقٍ مَثَلًا، أوْ تَأْوِيلُ المُفَضَّلِ أيْ لا يُمْكِنُ كُلُّ واحِدٍ مِنكُمْ، والمُرادُ عُمُومُ السَّلْبِ (p-245)كَما في ﴿ولا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ﴾ وبَعْضُ النّاسِ لا يُوجِبُ في مِثْلِ هَذا المُطابَقَةَ بَيْنَ النَّكِرَةِ الَّتِي أُضِيفَ إلَيْها أفْعَلُ التَّفْضِيلِ وما جَرى هو عَلَيْهِ، بَلْ يَجُوزُ الوَجْهانِ عِنْدَهُ كَما في قَوْلِهِ:
؎وإذا هم طَعِمُوا فَألْأمُ طاعِمٍ وإذا هم جاعُوا فَشَرُّ جِياعِ
ومَن أوْجَبَ أوَّلَ البَيْتِ كالآيَةِ، ونَهْيُهم عَنِ التَّقَدُّمِ في الكُفْرِ بِهِ مَعَ أنَّ مُشْرِكِي العَرَبِ أقْدَمُ مِنهم لِما أنَّ المُرادَ التَّعْرِيضُ، فَأوَّلُ الكافِرِينَ غَيْرُهُمْ، أوْ ﴿ولا تَكُونُوا أوَّلَ كافِرٍ﴾ مِن أهْلِ الكِتابِ، والخِطابُ لِلْمَوْجُودِينَ في زَمانِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، بَلْ لِلْعُلَماءِ مِنهُمْ، وقَدْ يُقالُ الضَّمِيرُ راجِعٌ إلى ما مَعَكُمْ، والمُرادُ مِن ﴿ولا تَكُونُوا أوَّلَ كافِرٍ﴾ بِما مَعَكُمْ، لا تَكُونُوا أوَّلَ كافِرٍ مِمَّنْ كَفَرَ بِما مَعَهُ، ومُشْرِكُو مَكَّةَ، وإنْ سَبَقُوهم في الكُفْرِ بِما يُصَدِّقُ القُرْآنُ حَيْثُ سَبَقُوا بِالكُفْرِ بِهِ، وهو مُسْتَلْزِمٌ لِذَلِكَ، لَكِنْ لَيْسُوا مِمَّنْ كَفَرَ بِما مَعَهُ، والفَرْقُ بَيْنَ لُزُومِ الكُفْرِ والتِزامِهِ غَيْرُ بَيِّنٍ، إلّا أنَّهُ يَخْدِشُ هَذا الوَجْهَ، إنَّ هَذا واقِعٌ في مُقابَلَةِ ﴿وآمِنُوا بِما أنْزَلْتُ﴾ فَيَقْتَضِي اتِّحادَ مُتَعَلِّقِ الكُفْرِ والإيمانِ، وقِيلَ: يُقَدَّرُ في الكَلامِ مِثْلٌ، وقِيلَ: يُقَدَّرُ ولا تَكُونُوا أوَّلَ كافِرٍ وآخِرَهُ، وقِيلَ: أوَّلُ زائِدَةٌ، والكُلُّ بَعِيدٌ، وبِحَمْلِ التَّعْرِيضِ عَلى سَبِيلِ الكِنايَةِ يَظْهَرُ وجْهُ التَّقْيِيدِ بِالأوَّلِيَّةِ، وقِيلَ: إنَّها مُشاكَلَةٌ لِقَوْلِهِمْ: إنّا نَكُونُ أوَّلَ مَن يَتَّبِعُهُ، وقَدْ يُقالُ: إنَّها بِمَعْنى السَّبْقِ وعَدَمِ التَّخَلُّفِ، فافْهَمْ، ﴿ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلا﴾ الِاشْتِراءُ مَجازٌ عَنِ الِاسْتِبْدالِ لِاخْتِصاصِهِ بِالأعْيانِ إمّا بِاسْتِعْمالِ المُقَيَّدِ في المُطْلَقِ كالمِرْسَنِ في الأنْفِ، أوْ تَشْبِيهِ الِاسْتِبْدالِ المَذْكُورِ في كَوْنِهِ مَرْغُوبًا فِيهِ بِالِاشْتِراءِ الحَقِيقِيِّ، والكَلامُ عَلى الحَذْفِ، أيْ لا تَسْتَبْدِلُوا بِالإيمانِ بِآياتِي والِاتِّباعِ لَها حُظُوظَ الدُّنْيا الفانِيَةِ القَلِيلَةِ المُسْتَرْذَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إلى حُظُوظِ الآخِرَةِ، وما أعَدَّ اللَّهُ تَعالى لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّعِيمِ العَظِيمِ الأبَدِيِّ، والتَّعْبِيرُ عَنْ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ مَعَ كَوْنِهِ مُشْتَرًى لا مُشْتَرًى بِهِ لِلدِّلالَةِ عَلى كَوْنِهِ كالثَّمَنِ في الِاسْتِرْذالِ والِامْتِهانِ، فَفِيهِ تَقْرِيعٌ وتَجْهِيلٌ قَوِيٌّ حَيْثُ إنَّهم قَلَبُوا القَضِيَّةَ، وجَعَلُوا المَقْصُودَ آلَةً، والآلَةَ مَقْصُودَةً، وإغْرابٌ لَطِيفٌ حَيْثُ جُعِلَ المُشْتَرى ثَمَنًا بِإطْلاقِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ، ثُمَّ جُعِلَ الثَّمَنُ مُشْتَرًى بِإيقاعِهِ بَدَلًا لِما جَعَلَهُ ثَمَنًا بِإدْخالِ الباءِ عَلَيْهِ، فَإنْ قِيلَ: الِاشْتِراءُ بِمَعْنى الِاسْتِبْدالِ بِالإيمانِ بِالآياتِ إنَّما يَصِحُّ إذا كانُوا مُؤْمِنِينَ بِها، ثُمَّ تَرَكُوا ذَلِكَ لِلْحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وهم بِمَعْزِلٍ عَنِ الإيمانِ، أُجِيبَ بِأنَّ مَبْنى ذَلِكَ عَلى أنَّ الإيمانَ بِالتَّوْراةِ الَّذِي يَزْعُمُونَهُ إيمانٌ بِالآياتِ، كَما أنَّ الكُفْرَ بِالآياتِ كُفْرٌ بِالتَّوْراةِ، فَيَتَحَقَّقُ الِاسْتِبْدالُ، ومِنَ النّاسِ مَن جَعَلَ الآياتِ كِنايَةً عَنِ الأوامِرِ والنَّواهِي الَّتِي وقَفُوا عَلَيْها في أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ التَّوْراةِ والكُتُبِ الإلَهِيَّةِ، أوْ ما عَلِمُوهُ مِن نَعْتِهِ الجَلِيلِ وخُلُقِهِ العَظِيمِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وقَدْ كانُوا يَأْخُذُونَ كُلَّ عامٍ شَيْئًا مَعْلُومًا مِن زُرُوعِ أتْباعِهِمْ وضُرُوعِهِمْ ونُقُودِهِمْ فَخافُوا إنْ بَيَّنُوا ذَلِكَ لَهم وتابَعُوهُ ﷺ أنْ يَفُوتَهم ذَلِكَ، فَضَلُّوا، وأضَلُّوا، وقِيلَ: كانَ مُلُوكُهم يُدِرُّونَ عَلَيْهِمُ الأمْوالَ لِيَكْتُمُوا ويُحَرِّفُوا، وقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، وقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ بِالآيَةِ عَلى مَنعِ جَوازِ أخْذِ الأُجْرَةِ عَلى تَعْلِيمِ كِتابِ اللَّهِ تَعالى، والعِلْمِ، ورُوِيَ في ذَلِكَ أيْضًا أحادِيثُ لا تَصِحُّ، وقَدْ صَحَّ أنَّهم قالُوا: «يا رَسُولَ اللَّهِ، أنَأْخُذُ عَلى التَّعْلِيمِ أجْرًا، فَقالَ: (إنَّ خَيْرَ ما أخَذْتُمْ عَلَيْهِ أجْرًا كِتابُ اللَّهِ تَعالى)»، وقَدْ تَظافَرَتْ أقْوالُ العُلَماءِ عَلى جَوازِ ذَلِكَ، وإنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمُ الكَراهَةُ، ولا دَلِيلَ في الآيَةِ عَلى ما ادَّعاهُ هَذا الذّاهِبُ كَما لا يَخْفى، والمَسْألَةُ مُبَيَّنَةٌ في الفُرُوعِ.
﴿وإيّايَ فاتَّقُونِ﴾ بِالإيمانِ واتِّباعِ الحَقِّ، والإعْراضِ عَنِ الِاشْتِراءِ بِآياتِ اللَّهِ تَعالى الثَّمَنَ القَلِيلَ، والعَرَضَ الزّائِلَ، وإنَّما ذُكِرَ في الآيَةِ الأُولى (فارْهَبُونِ) وهُنا (فاتَّقُونِ) لِأنَّ الرَّهْبَةَ دُونَ التَّقْوى، فَحَيْثُما خاطَبَ الكافَّةَ عالِمَهم ومُقَلِّدَهُمْ، وحَثَّهم عَلى ذِكْرِ النِّعْمَةِ الَّتِي يَشْتَرِكُونَ فِيها، أمَرَهم بِالرَّهْبَةِ الَّتِي تُورِثُ التَّقْوى ويَقَعُ فِيها الِاشْتِراكُ (p-246)ولِذا قِيلَ: الخَشْيَةُ مِلاكُ الأمْرِ كُلِّهِ، وحَيْثُما أرادَ بِالخِطابِ فِيما بَعْدُ العُلَماءَ مِنهُمْ، وحَثَّهم عَلى الإيمانِ ومُراعاةِ الآياتِ أمَرَهم بِالتَّقْوى الَّتِي أوَّلُها تَرْكُ المَحْظُوراتِ، وآخِرُها التَّبَرِّي مِمّا سِوى غايَةِ الغاياتِ، ولَيْسَ وراءَ عَبّادانَ قَرْيَةٌ.
{"ayah":"وَءَامِنُوا۟ بِمَاۤ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقࣰا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوۤا۟ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِۦۖ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِی ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا وَإِیَّـٰیَ فَٱتَّقُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق