الباحث القرآني
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ﴾ أيْ: قِتالِ الكَفّارِ، وهو فَرْضُ عَيْنٍ إنْ دَخَلُوا بِلادَنا، وفَرْضُ كِفايَةٍ إنْ كانُوا بِبِلادِهِمْ، وقُرِئَ بِالبِناءِ لِلْفاعِلِ، وهو اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - ونَصْبِ (القِتالِ)، وقُرِئَ أيْضًا: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ القَتْلُ) أيْ: قَتْلِ الكَفَرَةِ.
﴿وهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى كُتِبَ وعَطْفُ الِاسْمِيَّةِ عَلى الفِعْلِيَّةِ جائِزٌ كَما نُصَّ عَلَيْهِ، وقِيلَ: الواوُ لِلْحالِ، والجُمْلَةُ حالٌ ورَدَ بِأنَّ الحالَ المُؤَكِّدَةَ لا تَجِيءُ بِالواوِ والمُنْتَقِلَةُ لا فائِدَةَ فِيها، (والكُرْهُ) بِالضَّمِّ كَـ(الكَرْهِ) بِالفَتْحِ، وبِهِما قُرِئَ: (الكَراهَةُ)، وقِيلَ: المَفْتُوحُ المَشَقَّةُ الَّتِي تَنالُ الإنْسانَ مِن خارِجٍ والمَضْمُومُ ما يَنالُهُ مِن ذاتِهِ، وقِيلَ: المَفْتُوحُ اسْمٌ بِمَعْنى الإكْراهِ والمَضْمُومُ بِمَعْنى (الكَراهَةِ)، وعَلى كُلٍّ حالٌ، فَإنْ كانَ مَصْدَرًا فَمُؤَوَّلٌ أوْ مَحْمُولٌ عَلى المُبالَغَةِ أوْ هو صِفَةٌ كَـ(خُبْزٍ مَخْبُوزٍ)، وإنْ كانَ بِمَعْنى الإكْراهِ، وحُمِلَ عَلى الكُرْهِ عَلَيْهِ، فَهو عَلى التَّشْبِيهِ البَلِيغِ كَأنَّهم أُكْرِهُوا عَلَيْهِ لِشَدَّتِهِ وعِظَمِ مَشَقَّتِهِ ثُمَّ كَوْنُ القَتْلِ مَكْرُوهًا لا يُنافِي الإيمانَ؛ لِأنَّ تِلْكَ الكَراهِيَةَ طَبِيعِيَّةٌ لِما فِيهِ مِنَ القَتْلِ والأسْرِ وإفْناءِ البَدَنِ وتَلَفِ المالِ، وهي لا تُنافِي الرِّضا بِما كُلِّفَ بِهِ كالمَرِيضِ الشّارِبِ لِلدَّواءِ البَشِعِ يَكْرَهُهُ لِما فِيهِ مِنَ البَشاعَةِ ويَرْضى بِهِ مِن جِهَةٍ أُخْرى.
﴿وعَسى أنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وهو خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وهو جَمِيعُ ما كُلِّفُوا بِهِ، فَإنَّ الطَّبْعَ يَكْرَهُهُ، وهو مَناطُ صَلاحِهِمْ، ومِنهُ القِتالُ، فَإنَّ فِيهِ الظَّفْرَ والغَنِيمَةَ والشَّهادَةَ الَّتِي هي السَّبَبُ الأعْظَمُ لِلْفَوْزِ بِغايَةِ الكَرامَةِ.
﴿وعَسى أنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وهو شَرٌّ لَكُمْ﴾ وهو جَمِيعُ ما نُهُوا عَنْهُ، فَإنَّ النَّفْسَ تُحِبُّهُ وتَهْواهُ وهو يُفْضِي بِها إلى (p-107)الرَّدى، ومِن ذَلِكَ تَرْكُ قِتالِ الأعْداءِ، فَإنَّ فِيهِ الذُّلَّ وضَعْفَ الأمْرِ وسَبْيَ الذَّرارِي ونَهْبَ الأمْوالِ ومِلْكَ البِلادِ وحِرْمانَ الحَظِّ الأوْفَرِ مِنَ النَّعِيمِ الدّائِمِ، والجُمْلَتانِ الِاسْمِيَّتانِ حالانِ مِنَ النَّكِرَةِ وهو قَلِيلٌ، ونَصَّ سِيبَوَيْهِ عَلى جَوازِهِ كَما في البَحْرِ، وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ أنْ يَكُونا صِفَةً لَها وساغَ دُخُولُ الواوِ لِما أنَّ صُورَةَ الجُمْلَةِ هُنا كَصُورَتِها إذا كانَتْ حالًا.
﴿وعَسى﴾ الأُولى لِلْإشْفاقِ والثّانِيَةُ لِلتَّرَجِّي عَلى ما ذَهَبَ إلَيْهِ البَعْضُ، وإنَّما ذَكَرَ عَسى الدّالَّةَ عَلى عَدَمِ القَطْعِ؛ لِأنَّ النَّفْسَ إذا ارْتاضَتْ وصَفَتِ انْعَكَسَ عَلَيْها الأمْرُ الحاصِلُ لَها قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ مَحْبُوبُها مَكْرُوهًا ومَكْرُوهَها مَحْبُوبًا، فَلَمّا كانَتْ قابِلَةً بِالِارْتِياضِ لِمِثْلِ هَذا الِانْعِكاسِ لَمْ يَقْطَعْ بِأنَّها تَكْرَهُ ما هو خَيْرٌ لَها وتُحِبُّ ما هو شَرٌّ لَها، فَلا حاجَةَ إلى أنْ يُقالَ إنَّها هُنا مُسْتَعْمَلَةٌ في التَّحْقِيقِ كَما في سائِرِ القُرْآنِ، ما عَدا قَوْلَهُ تَعالى: ﴿عَسى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ﴾ .
﴿واللَّهُ يَعْلَمُ﴾ ما هو خَيْرٌ لَكم وما هو شَرٌّ لَكم وحُذِفَ المَفْعُولُ لِلْإيجازِ.
﴿وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ 216﴾ ذَلِكَ فَبادِرُوا إلى ما يَأْمُرُكم بِهِ؛ لِأنَّهُ لا يَأْمُرُكم إلّا بِما عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا لَكُمْ، وانْتَهُوا عَمّا نَهاكم عَنْهُ؛ لِأنَّهُ لا يَنْهاكم إلّا عَمّا هو شَرٌّ لَكُمْ، ومُناسَبَةُ هَذِهِ الآيَةِ لِما قَبْلَها ظاهِرَةٌ؛ لِأنَّ فِيها الجِهادَ، وهو بَذْلُ النَّفْسِ الَّذِي هو فَوْقَ بَذْلِ المالِ.
{"ayah":"كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ شَرࣱّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











