الباحث القرآني

﴿أُولَئِكَ﴾ إشارَةٌ إلى الفَرِيقِ الثّانِي والجُمْلَةُ في مُقابَلَةِ ( وما لَهم في الآخِرَةِ مِن خَلّاق ) والتَّعْبِيرُ بِاسْمِ الإشارَةِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ اتِّصافَهم بِما سَبَقَ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ المَذْكُورِ، ولِذا تَرَكَ العَطْفَ هَهُنا لِكَوْنِهِ كالنَّتِيجَةِ لِما قَبْلَهُ، قِيلَ: وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِلْإشارَةِ إلى عُلُوِّ دَرَجَتِهِمْ وبُعْدِ مَنزِلَتِهِمْ في الفَضْلِ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ الإشارَةُ إلى كِلا الفَرِيقَيْنِ المُتَقَدِّمَيْنِ، فالتَّنْوِينُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَهم نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا﴾ عَلى الأوَّلِ لِلتَّفْخِيمِ وعَلى الثّانِي لِلتَّنْوِيعِ؛ أيْ لِكُلٍّ مِنهم نَصِيبٌ مِن جِنْسِ ما كَسَبُوا، أوْ مِن أجْلِهِ، أوْ مِمّا دَعَوْا بِهِ نُعْطِيهِمْ مِنهُ ما قَدَّرْناهُ، و( مِن ) إمّا لِلتَّبْعِيضِ أوْ لِلِابْتِداءِ، والمَبْدَئِيَّةُ عَلى تَقْدِيرِ الأجَلِيَّةِ عَلى وجْهِ التَّعْلِيلِ، وفي الآيَةِ عَلى الِاحْتِمالِ الثّالِثِ وُضِعَ الظّاهِرُ مَوْضِعَ المُضْمَرِ بِغَيْرِ لَفْظِ السّابِقِ؛ لِأنَّ المَفْهُومَ مِن ( رَبِّنا آتِنا ) الدُّعاءُ لا الكَسْبُ إلّا أنَّهُ يُسَمّى كَسْبًا؛ لِأنَّهُ مِنَ الأعْمالِ، وقُرِئَ: ( مِمّا اكْتَسَبُوا ). ﴿واللَّهُ سَرِيعُ الحِسابِ 202﴾ يُحاسِبُ العِبادَ عَلى كَثْرَتِهِمْ في قَدْرِ نِصْفِ نَهارٍ مِن أيّامِ الدُّنْيا، ورُوِيَ: بِمِقْدارِ فَواقِ ناقَةٍ، ورُوِيَ بِمِقْدارِ لَمْحَةِ البَصَرِ، أوْ يُوشِكُ أنْ يُقِيمَ القِيامَةَ ويُحاسِبَ النّاسَ فَبادِرُوا إلى الطّاعاتِ واكْتِسابِ الحَسَناتِ، والجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكم آباءَكُمْ﴾ إلَخْ، والمُحاسَبَةُ إمّا عَلى حَقِيقَتِها كَما هو قَوْلُ أهْلِ الحَقِّ، مِن أنَّ النُّصُوصَ عَلى ظاهِرِها ما لَمْ يَصْرِفْ عَنْها صارِفٌ، أوْ مَجازٌ عَنْ خَلْقِ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ فِيهِمْ بِأعْمالِهِمْ وجَزائِها كَمًّا وكَيْفًا، أوْ مُجازاتِهِمْ عَلَيْها هَذا. * * * ومِن بابِ الإشارَةِ في الآياتِ: ﴿ولَيْسَ البِرُّ بِأنْ تَأْتُوا﴾ بُيُوتَ قُلُوبِكم مِن طَرَفِ حَواسِّكم ومَعْلُوماتِكُمُ البَدَنِيَّةِ المَأْخُوذَةِ مِنَ المَشاعِرِ، فَإنَّها ظُهُورُ القُلُوبِ الَّتِي تَلِي البَدَنَ، ﴿ولَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقى﴾ شَواغِلَ (p-92)الحَواسِّ وهَواجِسَ الخَيالِ ووَساوِسَ النَّفْسِ الأمّارَةِ وأْتُوا هاتِيكَ البُيُوتَ ﴿مِن أبْوابِها﴾ الَّتِي تَلِي الرُّوحَ، ويَدْخُلُ مِنها الحَقُّ، ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ عَنْ رُؤْيَةِ تَقْواكم لَعَلَّكم تَفُوزُونَ بِهِ، ﴿وقاتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ﴾ مِن قُوى نُفُوسِكم ودَواعِي بَشَرِيَّتَكُمْ، فَإنَّ ذَلِكَ هو الجِهادُ الأكْبَرُ، ﴿ولا تَعْتَدُوا﴾ بِإهْمالِها والوُقُوفِ مَعَ حُظُوظِها، أوْ تَتَجاوَزُوا في القِتالِ إلى أنْ تُضْعِفُوا البَدَنَ عَنِ القِيامِ بِمَراسِمَ الطّاعَةِ، ووَظائِفِ العُبُودِيَّةِ، ( فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ ) . ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ الواقِفِينَ مَعَ نُفُوسِهِمْ أوِ المُتَجاوِزِينَ ظِلَّ الوَحْدَةِ وهو العَدالَةُ ﴿واقْتُلُوهُمْ﴾ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ؛ أيِ: امْنَعُوا هاتِيكَ القُوى عَنْ شَمِّ لَذائِذِ الشَّهَواتِ والهَوى حَيْثُ كانُوا ﴿وأخْرِجُوهُمْ﴾ عَنْ مَكَّةَ الصَّدْرِ كَما أخْرَجُوكم عَنْها، واسْتَنْزَلُوكم إلى بُقْعَةِ النَّفْسِ، وحالُوا بَيْنَكم وبَيْنَ مَقَرِّ القَلْبِ وفِتْنَتِهِمُ الَّتِي هي عِبادَةُ الهَوى والسُّجُودِ لِأصْنامِ اللَّذّاتِ أشَدُّ مِنَ الإماتَةِ بِالكُلِّيَّةِ أوْ بَلاؤُكم عِنْدَ اسْتِيلاءِ النَّفْسِ أشَدُّ عَلَيْكم مِنَ القَتْلِ الَّذِي هو مَحْوُ الِاسْتِعْدادِ وطَمْسِ الغَرائِزِ لِما يَتَرَتَّبُ عَلى ذَلِكَ مِن ألَمِ الفِراقِ عَنْ حَضْرَةِ القُدْسِ الَّذِي لا يَتَناهى، ﴿ولا تُقاتِلُوهم عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ وهو مَقامُ القَلْبِ إذا وافَقُوكم في تَوَجُّهِكم حَتّى يُنازِعُوكم في مَطالِبِكم ويَجُرُّوكم عَنْ دِينِ الحَقِّ، ويَدْعُوكم إلى عِبادَةِ عِجْلِ النَّظَرِ إلى الأغْيارِ، فَإنْ نازَعُوكم فاقْتِلُوهم بِسَيْفِ الصِّدْقِ واقْطَعُوا مادَّةَ تِلْكَ الِدَواعِي ﴿كَذَلِكَ جَزاءُ الكافِرِينَ﴾ السّاتِرِينَ لِلْحَقِّ ﴿فَإنِ انْتَهَوْا﴾ عَنْ نِزاعِهِمْ ﴿فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وقاتِلُوهم عَلى دَوامِ الرِّعايَةِ وصِدْقِ العُبُودِيَّةِ ﴿حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ ولا يَحْصُلُ التِفاتٌ إلى السِّوى ﴿ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ بِتَوَجُّهِ الجَمْعِ إلى الجَنابِ الأقْدَسِ والذّاتِ المُقَدَّسِ ﴿فَإنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ﴾ إلّا عَلى المُجاوِزِينَ لِلْحُدُودِ ﴿الشَّهْرُ الحَرامُ﴾ الَّذِي قامَتْ بِهِ النَّفْسُ لِحُقُوقِها ﴿بِالشَّهْرِ الحَرامِ﴾ الَّذِي هو وقْتُ حُضُورِكم ومُراقَبَتِكم ﴿والحُرُماتُ قِصاصٌ﴾ فَلا تُبالُوا بِهَتْكِ حُرْمَتِها ﴿وأنْفِقُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ ما مَعَكم مِنَ العُلُومِ بِالعَمَلِ بِهِ والإرْشادِ ﴿ولا تُلْقُوا بِأيْدِيكم إلى﴾ تَهْلُكَةِ التَّفْرِيطِ ﴿وأحْسِنُوا﴾ بِأنْ تَكُونُوا مُشاهِدِينَ رَبَّكم في سائِرِ أعْمالِكم إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُشاهِدِينَ لَهُ، ﴿وأتِمُّوا﴾ حَجَّ تَوْحِيدِ الذّاتِ وعُمْرَةَ تَوْحِيدِ الصِّفاتِ لِلَّهِ، بِإتْمامِ جَمِيعِ المَقاماتِ والأحْوالِ، ﴿فَإنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ بِمَنعِ أعْداءِ النُّفُوسِ أوْ مَرَضِ الفُتُورِ، فَجاهِدُوا في اللَّهِ بِسَوْقِ هُدى النَّفْسِ وذَبْحِها بِفَناءِ كَعْبَةِ القَلْبِ، ولِاخْتِلافِ النُّفُوسِ في الِاسْتِعْدادِ قالَ: ﴿فَما اسْتَيْسَرَ﴾ ﴿ولا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ﴾ ولا تُزِيلُوا آثارَ الطَّبِيعَةِ وتَخْتارُوا فَراغَ الخاطِرِ حَتّى يَبْلُغَ هَدْيُ النَّفْسِ مَحِلَّهُ، فَحِينَئِذٍ تَأْمَنُونَ مِنَ التَّشْوِيشِ وتَكَدُّرِ الصَّفاءِ، ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا﴾ ضَعِيفَ الِاسْتِعْدادِ ﴿أوْ بِهِ أذًى مِن رَأْسِهِ﴾ أيْ: مُبْتَلًى بِالتَّعَلُّقاتِ، ولَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ السُّلُوكُ عَلى ما يَنْبَغِي، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِن إمْساكٍ عَنْ بَعْضِ لَذّاتِهِ وشَواغِلِهِ، أوْ فِعْلِ بِرٍّ أوْ رِياضَةٍ تَقْمَعُ بَعْضَ القُوى، ﴿فَإذا أمِنتُمْ﴾ مِنَ المانِعِ المُحْصِرِ، فَمَن تَمَتَّعَ بِذَوْقِ تَجَلِّي الصِّفاتِ، مُتَوَسِّلًا بِهِ إلى حَجِّ تَجَلِّي الذّاتِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ ما أمْكَنَ مِنَ الهَدْيِ بِحَسَبِ حالِهِ، ﴿فَمَن لَمْ يَجِدْ﴾ لِضَعْفِ نَفْسِهِ وانْقِهارِها ﴿فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ﴾ أيْ: فَعَلَيْهِ الإمْساكُ عَنْ أفْعالِ القُوى الَّتِي هي الأُصُولُ القَوِيَّةُ في وقْتِ التَّجَلِّي والِاسْتِغْراقُ في الجَمْعِ والفَناءُ، وهي العَقْلُ والوَهْمُ والمُتَخَيَّلَةُ ﴿وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ إلى مَقامِ التَّفْصِيلِ والكَثْرَةِ، وهي الحَواسُّ الخَمْسَةُ الظّاهِرَةُ والغَضَبُ والشَّهْوَةُ؛ لِتَكُونَ عِنْدَ الِاسْتِقامَةِ في الأشْياءِ بِاللَّهِ – عَزَّ وجَلَّ - ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ﴾ مُوجِبَةٌ لِأفاعِيلَ عَجِيبَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلى أسْرارٍ غَرِيبَةٍ ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ مِنَ الكامِلِينَ الحاضِرِينَ مَقامَ الوَحْدَةِ؛ لِأنَّ أُولَئِكَ لا يُخاطَبُونَ ولا يُعاتَبُونَ، ومَن وصَلَ فَقَدِ اسْتَراحَ ﴿الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾ وهي مُدَّةُ الحَياةِ الفانِيَةِ أوْ مِن وقْتِ بُلُوغِ الحُلُمِ إلى الأرْبَعِينَ كَما قالَ في البَقَرَةِ: ﴿لا فارِضٌ ولا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ . ومِن هُنا قِيلَ: الصُّوفِيُّ بَعْدَ الأرْبَعِينَ بارِدٌ، نَعَمِ العَمَشُ خَيْرٌ مِنَ العَمى والقَلِيلُ خَيْرٌ مِنَ الحِرْمانِ، ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ﴾ عَلى نَفْسِهِ بِالعَزِيمَةِ، فَلا رَفَثَ؛ أيْ: فَلا يَمِلْ إلى الدُّنْيا وزِينَتِها، ﴿ولا فُسُوقَ﴾ ولا يُخْرِجُ القُوَّةَ الغَضَبِيَّةَ عَنْ طاعَةِ القَلْبِ، بَلْ (p-93)لا يَخْرُجُ عَنِ الوَقْتِ ولا يَدْخُلُ فِيما يُورِثُ المَقْتَ ﴿ولا جِدالَ في الحَجِّ﴾ أيْ: ولا يُنازِعُ أحَدًا في مَقامِ التَّوَجُّهِ إلَيْهِ - تَعالى -؛ إذِ الكُلُّ مِنهُ وإلَيْهِ، ومَن نازَعَهُ في شَيْءٍ يَنْبَغِي أنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ ويُسَلِّمَ عَلَيْهِ، ﴿وإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا﴾ وما تَفْعَلُوا مِن فَضِيلَةٍ في تَرْكِ شَيْءٍ مِن هَذِهِ الأُمُورِ يَعْلَمُهُ اللَّهُ ويُثِيبُكم عَلَيْهِ، وتَزَوَّدُوا مِنَ الفَضائِلِ الَّتِي يَلْزَمُها الِاجْتِنابُ عَنِ الرَّذائِلِ ﴿فَإنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى﴾ وتَمامُها بِنَفْيِ السِّوى ﴿واتَّقُونِ يا أُولِي الألْبابِ﴾ فَإنَّ قَضِيَّةَ العَقْلِ الخالِصِ عَنْ شَوْبِ الوَهْمِ وقِشْرِ المادَّةِ اتِّقاءُ اللَّهَ - تَعالى - لَيْسَ عَلَيْكم حَرَجٌ عِنْدَ الرُّجُوعِ إلى الكَثْرَةِ أنْ تَطْلُبُوا رِفْقًا لِأنْفُسِكم عَلى مُقْتَضى ما حَدَّهُ المَظْهَرُ الأعْظَمُ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - فَإذا دَفَعْتُمْ أنْفُسَكم مِن عَرَفاتِ المَعْرِفَةِ ﴿فاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرامِ﴾ أيْ: شاهِدُوا جَمالَهُ - سُبْحانَهُ - عِنْدَ السِّرِّ الرُّوحِيِّ المُسَمّى بِالخَفِيِّ، وسُمِّيَ مَشْعَرًا؛ لِأنَّهُ مَحَلُّ الشُّعُورِ بِالجَمالِ، ووُوصِفَ بِالحَرامِ؛ لِأنَّهُ مُحَرَّمٌ أنْ يَصِلَ إلَيْهِ الغَيْرُ ﴿واذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ﴾ إلى ذِكْرِهِ في المَراتِبِ ﴿وإنْ كُنْتُمْ مِن قَبْلِهِ﴾ الوُصُولِ إلى عَرَفاتِ المَعْرِفَةِ والوُقُوفِ بِها ﴿لَمِنَ الضّالِّينَ﴾ عَنْ هَذِهِ الأذْكارِ في طَلَبِ الدُّنْيا ﴿ثُمَّ أفِيضُوا﴾ إلى ظَواهِرِ العِباداتِ ﴿مِن حَيْثُ أفاضَ﴾ سائِرُ النّاسِ إلَيْها، وكُونُوا كَأحَدِهِمْ، فَإنَّ النِّهايَةَ الرُّجُوعُ إلى البِدايَةِ أوْ أفِيضُوا مِن حَيْثُ أفاضَ الأنْبِياءُ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ - لِأجْلِ أداءِ الحُقُوقِ والشَّفَقَةِ عَلى عِبادِ اللَّهِ - تَعالى - بِالإرْشادِ والتَّعْلِيمِ ﴿واسْتَغْفِرُوا اللَّهَ﴾ فَقَدْ كانَ الشّارِعُ الأعْظَمُ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - يَغانُ عَلى قَلْبِهِ ويَسْتَغْفِرُ اللَّهَ - تَعالى - في اليَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً، ومَن أنْتَ يا مِسْكِينُ بَعْدَهُ ﴿إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ﴾ وفَرَغْتُمْ مِنَ الحَجِّ ﴿فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكم آباءَكُمْ﴾ قَبْلَ السُّلُوكِ ﴿أوْ أشَدَّ ذِكْرًا﴾؛ لِأنَّ المَبْدَأ الحَقِيقِيَّ: فَكُونُوا مَشْغُولِينَ بِهِ حَسْبَما تَقْتَضِيهِ ذاتُهُ - سُبْحانَهُ - فَمِنَ النّاسِ مَن لا يَطْلُبُ إلّا الدُّنْيا ولا يَعْبُدُ إلّا لِأجْلِها وما لَهُ في مَقامِ الفَناءِ مِن نَصِيبٍ لِقُصُورِ هِمَّتِهِ واكْتِسابِهِ الظُّلْمَةَ المُنافِيَةَ لِلنُّورِ، ومِنهم مَن يَطْلُبُ خَيْرَ الدّارَيْنِ، ويَحْتَرِزُ عَنْ الِاحْتِجابِ بِالظِّمَةِ والتَّعْذِيبِ بِنِيرانِ الطَّبِيعَةِ ﴿أُولَئِكَ لَهم نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا﴾ مِن حُظُوظِ الآخِرَةِ والأنْوارِ الباهِرَةِ واللَّذّاتِ الباقِيَةِ والمَراتِبِ العالِيَةِ، ﴿واللَّهُ سَرِيعُ الحِسابِ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب