الباحث القرآني

﴿فاذْكُرُونِي﴾ بِالطّاعَةِ قَلْبًا وقالِبًا، فَيَعُمُّ الذِّكْرَ بِاللِّسانِ والقَلْبِ والجَوارِحِ، فالأوَّلُ - كَما في المُنْتَخَبِ - الحَمْدُ والتَّسْبِيحُ والتَّحْمِيدُ وقِراءَةُ كِتابِ اللَّهِ تَعالى، والثّانِي: الفِكْرُ في الدَّلائِلِ الدّالَّةِ عَلى التَّكالِيفِ والوَعْدِ والوَعِيدِ وفي الصِّفاتِ الإلِهِيَّةِ والأسْرارِ الرَّبّانِيَّةِ. والثّالِثُ: اسْتِغْراقُ الجَوارِحِ في الأعْمالِ المَأْمُورِ بِها خالِيَةً عَنِ الأعْمالِ المَنهِيِّ عَنْها ولِكَوْنِ الصَّلاةِ مُشْتَمِلَةً عَلى هَذِهِ الثَّلاثَةِ، سَمّاها اللَّهُ – تَعالى - ذِكْرًا في قَوْلِهِ: ﴿فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ . وقالَ أهْلُ الحَقِيقَةِ: حَقِيقَةُ ذِكْرِ اللَّهِ - تَعالى - أنْ يُنْسى كُلُّ شَيْءٍ سِواهُ. ﴿أذْكُرْكُمْ﴾ أيْ: أُجازِكم بِالثَّوابِ، وعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالذِّكْرِ لِلْمُشاكَلَةِ، ولِأنَّهُ نَتِيجَتُهُ ومَنشَؤُهُ، وفي الصَّحِيحَيْنِ: «”مَن ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، ومَن ذَكَرَنِي في مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَأٍ خَيْرٍ مِن مَلَئِهِ“». ﴿واشْكُرُوا لِي﴾: ما أنْعَمْتُ بِهِ عَلَيْكُمْ، وهو – واشْكُرُونِي - بِمَعْنى، و( لِي ) أفْصَحُ مَعَ الشُّكْرِ، وإنَّما قَدَّمَ الذِّكْرَ عَلى الشُّكْرِ؛ لِأنَّ في الذِّكْرِ اشْتِغالا بِذاتِهِ – تَعالى - وفي الشُّكْرِ اشْتِغالا بِنِعْمَتِهِ، والِاشْتِغالُ بِذاتِهِ - تَعالى - أوْلى مِنَ الِاشْتِغالِ بِنِعْمَتِهِ. ﴿ولا تَكْفُرُونِ﴾ بِجَحْدِ نِعْمَتِي وعِصْيانِ أمْرِي، وأرْدَفَ الأمْرَ بِهَذا النَّهْيِ لِيُفِيدَ عُمُومَ الأزْمانِ، وحَذْفُ ياءِ المُتَكَلِّمِ تَخْفِيفًا لِتَناسُبِ الفَواصِلِ، وحُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ لِلْجازِمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب