الباحث القرآني

﴿ومِن حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿فاسْتَبِقُوا﴾ وحَيْثُ ظَرْفٌ لازِمُ الإضافَةِ إلى الجُمَلِ غالِبًا، والعامِلُ فِيها ما هو في مَحَلُّ الجَزاءِ لا الشُّرَطِ، فَهي هُنا مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ول والفاءُ صِلَةٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ ما بَعْدَها لازِمٌ لِما قَبْلَها لُزُومَ الجَزاءِ لِلشَّرْطِ؛ لِأنَّ ( حيث ) وإنْ لَمْ تَكُنْ شَرْطِيَّةً لَكِنَّها لِدَلالَتِها عَلى العُمُومِ أشْبَهَتْ كَلِماتِ الشَّرْطِ، فَفِيها رائِحَةُ الشَّرْطِ، ولا يَجُوزُ تَعَلُّقُها بِـ خُرْجت لَفْظًا، وإنْ كانَتْ ظَرْفًا لَهُ مَعْنًى لِئَلّا يَلْزَمَ عَدَمُ الإضافَةِ، والمَعْنى مِن أيِّ مَوْضِعٍ ( خَرَجَتْ فَوَلِّ وجْهَك ) مِن ذَلِكَ المَوْضِعِ شَطْر إلَخْ، ومِن ابْتِدائِيَّةٌ؛ لِأنَّ الخُرُوجَ أصْلٌ لِفِعْلٍ مُمْتَدٍّ، وهو المَشْيُ، وكَذا التَّوْلِيَةُ أصْلٌ لِلِاسْتِقْبالِ وقْتَ الصَّلاةِ الَّذِي هو مُمْتَدٌّ، وقِيلَ: إنْ حَيْثُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ولِّ والفاءُ لَيْسَتْ زائِدَةً، وما بَعْدَها يَعْمَلُ فِيما قَبْلَها كَما بَيَّنَ في مَحَلِّهِ إلّا أنَّهُ لا وجْهَ لِاجْتِماعِ الفاءِ والواوِ، فالوَجْهُ أنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ افْعَلْ ما أُمِرْتَ بِهِ ( مِن حَيْثُ خَرَجَتْ فول ) فَيَكُونُ فُول عَطْفًا عَلى المُقَدَّرِ، ويَجُوزُ أنْ يَجْعَلَ ( مِن حَيْثُ خَرَجَتْ ) بِمَعْنى أيْنَما كُنْتَ وتَوَجَّهَتْ فَيَكُونُ فُول جَزاءً لَهُ عَلى أنَّها شَرْطِيَّةٌ العامِلُ فِيها الشَّرْطُ - ولا يَخْفى ما فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ - والتَّخْرِيجُ عَلى قَوْلٍ ضَعِيفٍ لَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ إلّا الفَرّاءُ، وهو شَرْطِيَّةٌ حَيْثُ بِدُونِ ( ما ) حَتّى قالُوا: إنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ في كَلامِ العَرَبِ، ثُمَّ الأمْرُ بِالتَّوْلِيَةِ مُقَيَّدٌ بِالقِيامِ إلى الصَّلاةِ لِلْإجْماعِ عَلى عَدَمِ وُجُوبِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ في غَيْرِ ذَلِكَ. وإنَّهُ أيْ: الِاسْتِقْبالَ أوِ الصَّرْفَ أوِ التَّوْلِيَةَ والتَّذْكِيرُ بِاعْتِبارِ أنَّها أمْرٌ مِنَ الأُمُورِ أوْ لِتَذْكِيرِ الخَبَرِ أوْ لِعَدَمِ الِاعْتِدادِ بِتَأْنِيثِ المَصْدَرِ أوْ بِذِي التّاءِ الَّذِي لا مَعْنى لِلْمُجَرَّدِ عَنْهُ سَواءٌ كانَ مَصْدَرًا أوْ غَيْرَهُ، وإرْجاعُ الضَّمِيرِ لِلْأمْرِ السّابِقِ واحِدُ الأوامِرِ عَلى قُرْبِهِ بَعِيدٌ ﴿لَلْحَقُّ مِن رَبِّكَ﴾ أيِ: الثّابِتُ المُوافِقُ لِلْحِكْمَةِ. ﴿وما اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ 149﴾ فَيُجازِيكم بِذَلِكَ أحْسَنَ الجَزاءِ فَهو وعِيدٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، وقُرِئَ ( يَعْمَلُونَ ) عَلى صِيغَةِ الغَيْبَةِ فَهو وعِيدٌ لِلْكافِرِينَ، والجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلى ما قَبْلَها، وهُما اعْتِراضٌ لِلتَّأْكِيدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب