الباحث القرآني

﴿إذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أسْلِمْ قالَ أسْلَمْتُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ ظَرْفٌ (لِاصْطَفَيْناهُ)، والمُتَوَسِّطُ المَعْطُوفُ لَيْسَ بِأجْنَبِيٍّ، لِأنَّهُ لِتَقْدِيرِ المُتَعَلِّقِ المَعْطُوفِ تَأْكِيدُهُ، لِأنَّ اصْطِفاءَهُ في الدُّنْيا إنَّما هو لِلرِّسالَةِ، وما يَتَعَلَّقُ بِصَلاحِ الآخِرَةِ فَلا حاجَةَ إلى أنْ يُجْعَلَ اعْتِراضًا أوْ حالًا مُقَدَّرَةً كَما قِيلَ بِهِ، أوْ تَعْلِيلٌ لَهُ، أوْ مَنصُوبٌ (بِاذْكُرْ) كَأنَّهُ قِيلَ: اذْكُرْ ذَلِكَ الوَقْتَ لِتَقِفَ عَلى أنَّهُ المُصْطَفى الصّالِحُ وأنَّهُ ما نالَ ما نالَ إلّا بِالمُبادَرَةِ والِانْقِيادِ إلى ما أُمِرَ بِهِ، وإخْلاصِ سِرِّهِ حِينَ دَعاهُ رَبُّهُ، وجُوِّزَ جَعْلُهُ ظَرْفًا لِقالَ، ولَيْسَ الأمْرُ وما في جَوابِهِ عَلى حَقِيقَتِهِما، بَلْ هو تَمْثِيلٌ، والمَعْنى: أخَطَرَ بِبالِهِ الدَّلائِلُ المُؤَيِّدَةُ إلى المَعْرِفَةِ، واسْتَدَلَّ بِها، وأذْعَنَ بِمَدْلُولاتِها، إلّا أنَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالقَوْلَيْنِ تَصْوِيرًا لِسُرْعَةِ الِانْتِقالِ بِسُرْعَةِ الإجابَةِ، فَهو إشارَةٌ إلى اسْتِدْلالِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالكَوْكَبِ والشَّمْسِ والقَمَرِ، واطِّلاعِهِ عَلى أماراتِ الحُدُوثِ عَلى ما يُشِيرُ إلَيْهِ كَلامُ الحَسَنِ، وابْنِ عَبّاسٍ مِن أنَّ ذَلِكَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وقَبْلَ البُلُوغِ، ومَن ذَهَبَ إلى أنَّهُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ قالَ: المُرادُ الأمْرُ بِالطّاعَةِ، والإذْعانُ لِجُزْئِيّاتِ الأحْكامِ، والِاسْتِقامَةُ، والثَّباتُ عَلى التَّوْحِيدِ عَلى حَدِّ: ﴿فاعْلَمْ أنَّهُ لا إلَهَ إلا اللَّهُ﴾ ولا يُمْكِنُ الحَمْلُ عَلى الحَقِيقَةِ أعْنِي إحْداثَ الإسْلامِ والإيمانِ، لِأنَّ الأنْبِياءَ مَعْصُومُونَ عَنِ الكُفْرِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وبَعْدَها، ولِأنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ الوَحْيُ، والِاسْتِنْباءُ قَبْلَ الإسْلامِ، نَعَمْ إذا حُمِلَ الإسْلامُ عَلى العَمَلِ بِالجَوارِحِ لا عَلى مَعْنى الإيمانِ أمْكَنَ الحَمْلُ عَلى الحَقِيقَةِ كَما قِيلَ بِهِ، وفي الِالتِفاتِ مَعَ التَّعَرُّضِ لِعُنْوانِ الرُّبُوبِيَّةِ والإضافَةِ إلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلامُ إظْهارٌ لِمَزِيدِ اللُّطْفِ بِهِ، والِاعْتِناءِ بِتَرْبِيَتِهِ، وإضافَةُ الرَّبِّ في الجَوابِ إلى العامِلِينَ لِلْإيذانِ بِكَمالِ قُوَّةِ إسْلامِهِ حَيْثُ أتْقَنَ حِينَ النَّظَرِ شُمُولَ رُبُوبِيَّتِهِ تَعالى لِلْعالَمِينَ قاطِبَةً لا لِنَفْسِهِ فَقَطْ، كَما هو المَأْمُورُ بِهِ ظاهِرًا
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب