الباحث القرآني
﴿أنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ ولَدًا﴾ بِتَقْدِيرِ اللّامِ التَّعْلِيلِيَّةِ. ومَحَلُّهُ بَعْدَ الحَذْفِ نَصْبٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وجَرٌّ عِنْدَ الخَلِيلِ والكِسائِيِّ، وهو عِلَّةٌ لِلْعِلِّيَّةِ الَّتِي تَضَمَّنَها (مِنهُ) لَكِنْ بِاعْتِبارِ ما تَدُلُّ عَلَيْهِ الحالُ أعْنِي قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وما يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أنْ يَتَّخِذَ ولَدًا﴾ وقِيلَ: عِلَّةٌ لِتَكادَ إلَخْ، واعْتُرِضَ بِأنَّ كَوْنَ (تَكادُ) إلَخْ مُعَلَّلًا بِذَلِكَ قَدْ عُلِمَ مِن (إدًّا) فَيَلْزَمُ التَّكْرارُ. وأُجِيبُ بِما لا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ. وقِيلَ: عِلَّةٌ لِهَذا وهو عِلَّةٌ لِلْخُرُورِ، وقِيلَ: لَيْسَ هُناكَ لامٌ مُقَدَّرَةٌ بَلْ إنَّ وما بَعْدَها في تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِالإبْدالِ مِنَ الهاءِ في مِنهُ كَما في قَوْلِهِ:
؎عَلى حالَةٍ لَوْ أنَّ في القَوْمِ حاتِمًا عَلى جُودِهِ لَضَنَّ بِالماءِ حاتِمِ
يُجَرُّ حاتِمٌ بِالإبْدالِ مِنَ الهاءِ في جُودِهِ، واسْتَبْعَدَهُ أبُو حَيّانَ لِلْفَصْلِ بِجُمْلَتَيْنِ بَيْنَ البَدَلِ والمُبْدَلِ مِنهُ، وقِيلَ: المَصْدَرُ مَرْفُوعٌ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ أيْ المُوجِبُ لِذَلِكَ دُعاؤُهم لِلرَّحْمَنِ ولَدًا وفِيهِ بَحْثٌ. وقِيلَ: هو مَرْفُوعٌ عَلى أنَّهُ فاعِلُ هَذا ويُعْتَبَرُ مَصْدَرًا مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ أيْ هَدَّها دُعاؤُهم لِلرَّحْمَنِ ولَدًا. وتَعَقَّبَهُ أبُو حَيّانَ بِأنَّ فِيهِ بُعْدًا لِأنَّ الظّاهِرَ كَوْنُ هَذا المَصْدَرِ تَأْكِيدِيًّا والمَصْدَرُ التَّأْكِيدِيُّ لا يَعْمَلُ ولَوْ فُرِضَ غَيْرُ تَأْكِيدِيٍّ لَمْ يَعْمَلْ بِقِياسٍ إلّا إذا كانَ أمْرًا كَضَرْبًا زَيْدًا أوْ بَعْدَ اسْتِفْهامٍ كاضْرِبا زَيْدًا وما هُنا لَيْسَ أحَدُ الأمْرَيْنِ وما جاءَ عامِلًا ولَيْسَ أحَدُهُما كَقَوْلِهِ:
؎وُقُوفًا بِها صَحْبِي عَلى مَطِيِّهِمْ
نادِرٌ. والتِزامُ كَوْنِ ما هُنا مِنَ النّادِرِ لا يَدْفَعُ البُعْدَ. ولَعَلَّ ما ذَكَرْناهُ أدَقُّ الأوْجَهِ وأوْلاها فَتَدَبَّرْ واللَّهُ تَعالى الهادِي إلى سَواءِ السَّبِيلِ. و(ولَدًا) عِنْدَ الأكْثَرِينَ بِمَعْنى سُمُوًّا. والدُّعاءُ بِمَعْنى التَّسْمِيَةِ يَتَعَدّى لِمَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ كَما في قَوْلِهِ:
؎دَعَتْنِي أخاها أُمُّ عَمْرٍو ولَمْ أكُنْ ∗∗∗ أخاها ولَمْ أرْضَعْ لَها بِلَبانِ
وقَدْ يَتَعَدّى لِلثّانِي بِالباءِ فَيُقالُ دَعَوْتُ ولَدِي بِزَيْدٍ واقْتَصَرَ هُنا عَلى الثّانِي وحُذِفَ الأوَّلُ دَلالَةً عَلى العُمُومِ والإحاطَةِ لِكُلِّ ما دَعا لَهُ عَزَّ وجَلَّ ولَدًا مِن عِيسى وعُزَيْرٌ عَلَيْهِما السَّلامُ وغَيْرُهُما. وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مِن دَعا بِمَعْنى نَسَبَ الَّذِي مُطاوِعُهُ ما في قَوْلِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ ( «مَنِ ادَّعى إلى غَيْرِ مَوالِيهِ» )
وقَوْلِ الشّاعِرِ:(p-142)
؎إنّا بَنِي نَهْشَلٍ لا نُدْعى لِأبٍ ∗∗∗ عَنْهُ ولا هو بِالأبْناءِ يَشْرِينا
فَيَتَعَدّى لِواحِدٍ، والجارُّ والمَجْرُورُ جُوِّزَ أنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن (ولَدًا) وأنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِما عِنْدَهُ، وجُمْلَةُ (ما يَنْبَغِي) حالٌ مِن فاعِلِ (دَعَوْا)، وقِيلَ: مِن فاعِلِ (قالُوا)، (ويَنْبَغِي) مُضارِعُ انْبَغى مُطاوِعُ بَغى بِمَعْنى طَلَبَ وقَدْ سُمِعَ ماضِيهِ فَهو فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ في الجُمْلَةِ، وعَدَّهُ ابْنُ مالِكٍ في التَّسْهِيلِ مِنَ الأفْعالِ الَّتِي لا تَتَصَرَّفُ وغَلَّطَهُ في ذَلِكَ أبُو حَيّانَ، ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ: مُرادُهُ أنَّهُ لا يَتَصَرَّفُ تامًّا، و(أنْ يَتَّخِذَ) في تَأْوِيلِ مَصْدَرِ فاعِلِهِ، والمُرادُ لا يَلِيقُ بِهِ سُبْحانَهُ اتِّخاذُ الوَلَدِ ولا يَتَطَلَّبُ لَهُ عَزَّ وجَلَّ لِاسْتِحالَةِ ذَلِكَ في نَفْسِهِ لِاقْتِضائِهِ الجُزْئِيَّةِ أوِ المُجانَسَةِ واسْتِحالَةِ كُلِّ ظاهِرَةٍ، ووَضْعُ الرَّحْمَنِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِلْإشْعارِ بِعِلَّةِ الحُكْمِ بِالتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ كُلَّ ما سِواهُ تَعالى إمّا نِعْمَةٌ أوْ مُنْعِمٌ عَلَيْهِ وأيْنَ ذَلِكَ مِمَّنْ هو مَبْدَأُ النِّعَمِ ومَوالِي أُصُولِها وفُرُوعِها.
{"ayahs_start":91,"ayahs":["أَن دَعَوۡا۟ لِلرَّحۡمَـٰنِ وَلَدࣰا","وَمَا یَنۢبَغِی لِلرَّحۡمَـٰنِ أَن یَتَّخِذَ وَلَدًا"],"ayah":"وَمَا یَنۢبَغِی لِلرَّحۡمَـٰنِ أَن یَتَّخِذَ وَلَدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











