الباحث القرآني
﴿ألَمْ تَرَ أنّا أرْسَلْنا الشَّياطِينَ عَلى الكافِرِينَ﴾ قَيْضَناهم وجَعَلْناهم قُرَناءَ لَهم مُسَلَّطِينَ عَلَيْهِمْ أوْ سَلَّطْناهم عَلَيْهِمْ ومَكَّنّاهم مِن إضْلالِهِمْ ﴿تَؤُزُّهم أزًّا﴾ تُغْرِيهِمْ وتُهَيِّجُهم عَلى المَعاصِي تَهْيِيجًا شَدِيدًا بِأنْواعِ التَّسْوِيلاتِ والوَساوِسِ فَإنَّ الأزَّ والهَزَّ والِاسْتِفْزازَ أخَواتٌ مَعْناها شِدَّةُ الإزْعاجِ، وجُمْلَةُ ( تَؤُزُّهم ) إمّا حالٌ مُقَدَّرَةٌ مِنَ الشَّياطِينِ أوِ اسْتِئْنافٌ وقَعَ جَوابًا عَمّا نَشَأ مِن صَدْرِ الكَلامِ كَأنَّهُ قِيلَ: ماذا تَفْعَلُ الشَّياطِينُ بِهِمْ؟ فَقِيلَ تَؤُزُّهم إلَخْ. والمُرادُ مِنَ الآيَةِ تَعْجِيبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِمّا تَضَمَّنَتْهُ الآياتُ السّابِقَةُ الكَرِيمَةُ (p-135)مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ ﴿ويَقُولُ الإنْسانُ أإذا ما مِتُّ﴾ إلى هُنا وحَكَتْهُ عَنْ هَؤُلاءِ الكَفَرَةِ الغُواةِ والمَرَدَةِ العُتاةِ مِن فُنُونِ القَبائِحِ مِنَ الأقاوِيلِ والأفاعِيلِ والتَّمادِي في الغَيِّ والِانْهِماكِ في الضَّلالِ والإفْراطِ في العِنادِ والتَّصْمِيمِ عَلى الكُفْرِ مِن غَيْرِ صارِفٍ يُلْوِيهِمْ ولا عاطِفٍ يُثْنِيهِمْ والإجْماعُ عَلى مُدافَعَةِ الحَقِّ بَعْدَ إيضاحِهِ وانْتِفاءِ الشِّرْكِ عَنْهُ بِالكُلِّيَّةِ وتَنْبِيهٍ عَلى أنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ بِإضْلالِ الشَّياطِينِ وإغْوائِهِمْ لا لِأنَّ هُناكَ قُصُورًا في التَّبْلِيغِ أوْ مُسَوِّغًا في الجُمْلَةِ، وفِيها تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَهي تَذْيِيلٌ لِتِلْكَ الآياتِ لِما ذُكِرَ، ولَيْسَ المُرادُ مِنها تَعْجِيبَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِن إرْسالِ الشَّياطِينِ عَلَيْهِمْ كَما يُوهِمُهُ تَعْلِيقُ الرُّؤْيَةِ بِهِ بَلْ مِمّا ذُكِرَ مِن أحْوالِهِمْ مِن حَيْثُ كَوْنُها مِن آثارِ إغْواءِ الشَّياطِينِ كَما يُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ ﴿تَؤُزُّهم أزًّا﴾ ﴿فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ﴾ بِأنْ يَهْلَكُوا حَسْبَما تَقْتَضِيهِ جِناياتُهم ويَبِيدَ عَنْ آخِرِهِمْ وتَطْهُرَ الأرْضُ مِن خَباثاتِهِمْ، والفاءُ لِلْإشْعارِ بِكَوْنِ ما قَبْلَها مَظِنَّةَ الوُقُوعِ المَنهِيِّ عَنْهُ مُحَوِّجَةً إلى النَّهْيِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ هَذا عَدُوٌّ لَكَ ولِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ﴾ .
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما نَعُدُّ لَهم عَدًّا﴾ تَعْلِيلٌ لِمُوجِبِ النَّهْيِ بِبَيانِ اقْتِرابِ هَلاكِهِمْ فَإنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهم إلّا أيّامٌ وأنْفاسٌ نَعُدُّها عَدًّا أيْ قَلِيلَةٌ كَما قِيلَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ ولا يُنافِي هَذا ما مَرَّ مِن أنَّهُ يُمَدُّ لِمَن كانَ في الضَّلالَةِ أيْ يَطُولُ لِأنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِظاهِرِ الحالِ عِنْدَهم وهو قَلِيلٌ بِاعْتِبارِ عاقِبَتِهِ وعِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وقِيلَ: إنَّ التَّعْلِيلَ بِما ذُكِرَ دَلَّ أنَّ أنْفاسَهم وأيّامَهم تَنْتَهِي بِانْتِهاءِ العَدِّ ولا شَكَّ أنَّها عَلى كَثْرَتِها يَسْتَوْفِي إحْصاؤُها في سُرْعَةٍ، فَعَبَّرَ بِهَذا المَعْنى عَنِ القَلِيلِ فَكَأنَّهُ قِيلَ: لَيْسَ بَيْنَكَ وبَيْنَ هَلاكِهِمْ إلّا أيّامٌ مَحْصُورَةٌ وأنْفاسٌ مَعْدُودَةٌ كَأنَّها في سُرْعَةٍ تَقْضِيها السّاعَةُ الَّتِي تُعَدُّ فِيها لَوْ عُدَّتْ، وهَذا لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلى أنَّ كُلَّ ما يُعَدُّ فَهو قَلِيلٌ انْتَهى، والأوَّلُ هو الظّاهِرُ وهَذا أبْعَدُ مَغْزًى، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّهُ كانَ إذا قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ بَكى وقالَ: آخِرُ العَدَدِ خُرُوجُ نَفَسِكَ آخِرُ العَدَدِ فِراقُ أهْلِكَ آخِرُ العَدَدِ دُخُولُ قَبْرِكَ، وعَنِ ابْنِ السَّمّاكِ أنَّهُ كانَ عِنْدَ المَأْمُونِ فَقَرَأها فَقالَ: إذا كانَتِ الأنْفاسُ بِالعَدَدِ ولَمْ يَكُنْ لَها مَدَدٌ فَما أسْرَعَ ما تَنْفَدُ ولِلَّهِ تَعالى دَرُّ مَن قالَ:
؎إنَّ الحَبِيبَ مِنَ الأحْبابِ مُخْتَلِسٌ لا يَمْنَعُ المَوْتَ بَوّابٌ ولا حَرَسُ
؎وكَيْفَ يَفْرَحُ بِالدُّنْيا ولَذَّتِها ∗∗∗ فَتًى يُعَدُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ والنَّفْسُ
وقِيلَ: المُرادُ إنَّما نَعُدُّ أعْمالَهم لِنُجازِيَهم عَلَيْها
{"ayahs_start":83,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَ أَنَّاۤ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّیَـٰطِینَ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ تَؤُزُّهُمۡ أَزࣰّا","فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَیۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدࣰّا"],"ayah":"فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَیۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











