الباحث القرآني
﴿أفَرَأيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا﴾ أيْ بِآياتِنا الَّتِي مِن جُمْلَتِها آياتُ البَعْثِ. أخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ حِبّانَ وغَيْرُهم عَنْ خَبّابِ بْنِ الأرَتِّ قالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا وكانَ لِي عَلى العاصِي بْنِ وائِلٍ دَيْنٌ فَأتَيْتُهُ أتَقاضاهُ فَقالَ: لا واللَّهِ لا أقْضِيَكَ حَتّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ فَقُلْتُ: لا واللَّهِ لا أكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ ﷺ حَتّى تَمُوتَ ثُمَّ تَبْعَثَ قالَ: فَإنِّي إذا مِتُّ ثُمَّ بُعِثْتُ جِئْتَنِي ولِي ثَمَّ مالٌ ووَلَدٌ فَأُعْطِيكَ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى (أفَرَأيْتَ) إلَخْ.
وفِي رِوايَةٍ أنَّ خَبّابًا قالَ لَهُ: لا واللَّهِ لا أكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ ﷺ حَيًّا ولا مَيِّتًا ولا إذا بُعِثْتَ فَقالَ العاصِي: فَإذا بُعِثْتُ جِئْتَنِي إلَخْ، وفي رِوايَةٍ «أنَّ رِجالًا مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ أتَوْهُ يَتَقاضَوْنَ دَيْنًا لَهم عَلَيْهِ فَقالَ: ألَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أنَّ في الجَنَّةِ ذَهَبًا وفِضَّةً وحَرِيرًا ومِن كُلِّ الثَّمَراتِ؟ قالُوا: بَلى قالَ: مَوْعِدُكُمُ الآخِرَةُ واللَّهِ لَأُوتِينَ مالًا ووَلَدًا ولَأُوتِينَ مِثْلَ كِتابِكُمُ الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ» فَنَزَلَتْ، وقِيلَ: نَزَلَتْ في الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ، وقَدْ كانَتْ لَهُ أقْوالٌ تُشْبِهُ ذَلِكَ، وقالَ أبُو مُسْلِمٍ: هي عامَّةٌ في كُلِّ مَن لَهُ هَذِهِ الصِّفَةُ، والأوَّلُ هو الثّابِتُ في كُتُبِ الصَّحِيحِ، والهَمْزَةُ لِلتَّعْجِيبِ مِن حالِ ذَلِكَ الكافِرِ والإيذانِ بِأنَّها مِنَ الغَرابَةِ والشَّناعَةِ بِحَيْثُ يَجِبُ أنْ تُرى ويَقْضِيَ مِنها العَجَبُ، والفاءُ لِلْعَطْفِ عَلى مُقَدَّرٍ يَقْتَضِيهِ المَقامُ أيْ أنَظَرْتَ فَرَأيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا الباهِرَةِ الَّتِي حَقُّها أنْ يُؤْمِنَ بِها كُلُّ مَن وقَفَ عَلَيْها (وقالَ) (p-130)مُسْتَهْزَأً بِها مُصَدِّرًا كَلامَهُ بِاليَمِينِ الفاجِرَةِ واللَّهِ ﴿لأُوتَيَنَّ﴾ في الآخِرَةِ وارِدَةً في الدُّنْيا كَما حَكاهُ الطَّبَرَسِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ تَأْباهُ الأخْبارُ الصَّحِيحَةُ إلّا أنْ يُحْمَلَ الإيتاءُ عَلى ما قِيلَ عَلى الإيتاءِ المُسْتَمِرِّ إلى الآخِرَةِ أيْ لَأُوتَيَنَّ إيتاءً مُسْتَمِرًّا ﴿مالا ووَلَدًا﴾ والمُرادُ انْظُرْ إلَيْهِ فَتَعَجَّبْ مِن حالَتِهِ البَدِيعَةِ وجُرْأتِهِ الشَّنِيعَةِ، وقِيلَ: إنَّ الرُّؤْيَةَ مَجازٌ عَنِ الأخْبارِ مِن إطْلاقِ السَّبَبِ وإرادَةِ المُسَبِّبِ، والِاسْتِفْهامُ مَجازٌ عَنِ الأمْرِ بِهِ لِأنَّ المَقْصُودَ مِن نَحْوِ قَوْلِكَ: ما فَعَلْتَ؟ أخْبِرَنِي. فَهو إنْشاءٌ تُجُوِّزَ بِهِ عَنْ إنْشاءٍ آخَرَ والفاءُ عَلى أصْلِها.
والمَعْنى أخْبِرْ بِقِصَّةِ هَذا الكافِرِ عَقِيبَ حَدِيثِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالُوا: ﴿أيُّ الفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقامًا﴾ الآيَةَ، وقِيلَ: عَقِيبَ حَدِيثِ مَن قالَ: ﴿أإذا ما مِتُّ﴾ إلَخْ، وما قَدَّمْنا في مَعْنى الآيَةِ هو الأظْهَرُ واخْتارَهُ العَلّامَةُ أبُو السُّعُودِ.
وتُعُقِّبَ الثّانِي بِقَوْلِهِ: أنْتَ خَبِيرٌ بِأنَّ المَشْهُورَ اسْتِعْمالُ (أرَأيْتَ) في مَعْنى أخْبِرْنِي بِطَرِيقِ الِاسْتِفْهامِ جارِيًا عَلى أصْلِهِ أوْ مُخْرَجًا إلى ما يُناسِبُهُ مِنَ المَعانِي لا بِطَرِيقِ الأمْرِ بِالإخْبارِ لِغَيْرِهِ وإرادَةِ أخْبِرْنِي بِطَرِيقِ الِاسْتِفْهامِ جارِيًا عَلى أصْلِهِ أوْ مُخْرَجًا إلى ما يُناسِبُهُ مِنَ المَعانِي لا بِطَرِيقِ الأمْرِ بِالإخْبارِ لِغَيْرِهِ وإرادَةِ أخْبِرْنِي هُنا مِمّا لا يَكادُ يَصِحُّ كَما لا يَخْفى.
وقِيلَ: المُرادُ لَأُوتَيَنَّ في الدُّنْيا ويَأْباهُ سَبَبُ النُّزُولِ، قالَ العَلّامَةُ: إلّا أنْ يُحْمَلَ عَلى الإيتاءِ المُسْتَمِرِّ إلى الآخِرَةِ فَحِينَئِذٍ يَنْطَبِقُ عَلى ذَلِكَ. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ والأعْمَشُ وطَلْحَةُ وابْنُ أبِي لَيْلى وابْنُ عِيسى الأصْبَهانِيُّ ( وُلْدًا ) بِضَمِّ الواوِ وسُكُونِ اللّامِ فَقِيلَ: هو جَمْعُ ولَدٍ كَأسَدٍ وأُسْدٍ وأنْشَدُوا لَهُ قَوْلَهُ:
؎ولَقَدْ رَأيْتُ مَعاشِرًا قَدْ ثَمَّرُوا مالًا ووُلْدًا
وقِيلَ هو لُغَةٌ في ولَدٍ كالعَرَبِ والعُرْبِ، وأنْشَدُوا لَهُ قَوْلَهُ:
؎فَلَيْتَ فُلانًا كانَ في بَطْنِ أُمِّهِ ∗∗∗ ولَيْتَ فُلانًا كانَ ولَدَ حِمارٍ
والحَقُّ أنَّهُ ورَدَ في كَلامِ العَرَبِ مُفْرَدًا وجَمْعًا وكِلاهُما صَحِيحٌ هُنا. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ ويَحْيى بْنُ يَعْمُرَ ( وِلْدًا ) بِكَسْرِ الواوِ وسُكُونِ اللّامِ وهو بِمَعْنى ذَلِكَ.
{"ayah":"أَفَرَءَیۡتَ ٱلَّذِی كَفَرَ بِـَٔایَـٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَیَنَّ مَالࣰا وَوَلَدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











