الباحث القرآني
﴿وكَمْ أهْلَكْنا قَبْلَهم مِن قَرْنٍ هم أحْسَنُ أثاثًا ورِئْيًا﴾ .
وحاصِلُهُ أنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ كانَ أعْظَمَ نِعْمَةً مِنكم في الدُّنْيا كَعادٍ وثَمُودَ وأضْرابِهِمْ مِنَ الأُمَمِ العاتِيَةِ قَدْ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعالى، فَلَوْ دَلَّ حُصُولُ نِعْمَةِ الدُّنْيا لِلْإنْسانِ عَلى كَوْنِهِ مُكَرَّمًا عِنْدَ اللَّهِ تَعالى وجَبَ أنْ لا يُهْلِكَ أحَدًا مِنَ المُتَنَعِّمِينَ في الدُّنْيا، وفِيهِ مِنَ التَّهْدِيدِ والوَعِيدِ ما لا يَخْفى كَأنَّهُ قِيلَ فَلْيَنْظُرْ هَؤُلاءِ أيْضًا مِثْلَ ذَلِكَ، ﴿وكَمْ﴾ خَبَرِيَّةٌ لِلتَّكْثِيرِ مَفْعُولُ (p-126)﴿أهْلَكْنا﴾، وقُدِّمْتَ لِصَدارَتِها، وقِيلَ: اسْتِفْهامِيَّةٌ والأوَّلُ هو الظّاهِرُ و﴿مِن قَرْنٍ﴾ بَيانٌ لِإبْهامِها. والقَرْنُ أهْلُ كُلِّ عَصْرٍ، وقَدِ اخْتُلِفَ في مُدَّتِهِ وهو مِن قَرْنِ الدّابَّةِ سُمِّيَ بِهِ لِتَقَدُّمِهِ، ومِنهُ قَرْنُ الشَّمْسِ لِأوَّلِ ما يَطْلُعُ مِنها. و( هم أحْسَنُ ) في حَيِّزِ النَّصْبِ عَلى ما ذَهَبَ إلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ وتَبِعَهُ أبُو البَقاءِ صِفَةً لَكم ورَدَّهُ أبُو حَيّانَ بِأنَّهُ قَدْ صَرَّحَ الأصْحابُ بِأنَّ كَمْ سَواءٌ كانَتْ خَبَرِيَّةً أوِ اسْتِفْهامِيَّةً لا تُوصَفُ ولا يُوصَفُ بِها، وجَعَلَهُ صِفَةَ (قَرْنٍ) وضَمِيرُ الجَمْعِ لِاشْتِمالِ القَرْنِ عَلى أفْرادٍ كَثِيرَةٍ، ولَوْ أُفْرِدَ الضَّمِيرُ لَكانَ عَرَبِيًّا أيْضًا. ولا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَما قالالخَفاجِيُّ: كَمْ مِن رَجُلٍ قامَ وكَمْ مِن قَرْيَةٍ هَلَكَتْ بِناءً عَلى أنَّ الجارَّ والمَجْرُورَ يَتَعَيَّنُ تَعَلُّقُهُ بِمَحْذُوفٍ هو صِفَةٌ لَكم كَما ادَّعى بَعْضُهم أنَّ الرَّضِيَّ أشارَ إلَيْهِ لِأنَّهُ يَجُوزُ في الجارِّ والمَجْرُورِ أنْ يَكُونَ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ والجُمْلَةُ مُفَسِّرَةٌ لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ، فَما ادَّعى غَيْرُ مُسْلِمٍ عِنْدَهُ، و(أثاثًا) تَمْيِيزٌ وهو مَتاعُ البَيْتِ مِنَ الفَرْشِ والثِّيابِ وغَيْرِها واحِدُها أثاثَةٌ، وقِيلَ: لا واحِدَ لَها وقِيلَ: الأثاثُ ما جَدَّ مِنَ المَتاعِ والخُرْثِيُّ ما قَدُمَ وبَلى، وأنْشَدَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ:
؎تَقادُمُ العَهْدِ مِن أُمِّ الوَلِيدِ بِنا دَهْرًا وصارَ أثاثُ البَيْتِ خُرْثِيًّا
والرِّئْيُ المَنظَرُ كَما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وغَيْرُهُ، وهو فِعْلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ كالطَّحْنِ والسَّقْيِ. وقَرَأ الزَّهْرِيُّ وأبُو جَعْفَرٍ وشَيْبَةُ وطَلْحَةُ في رِوايَةِ الهَمْدانِيِّ وأيُّوبَ وابْنِ سَعْدانَ وابْنِ ذَكْوانَ وقالُوا ( رِيًّا ) بِتَشْدِيدِ الياءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ، فاحْتُمِلَ أنْ يَكُونَ مِن ذَلِكَ عَلى قَلْبِ الهَمْزَةِ ياءً وإدْغامِها. واحْتَمَلَ أنْ يَكُونَ مِنَ الرِّيِّ ضِدِّ العَطَشِ والمُرادُ بِهِ النَّضارَةُ والحُسْنُ.
وقَرَأ أبُو بَكْرٍ في رِوايَةِ الأعْمَشِ ( رِيئًا ) بِياءٍ ساكِنَةٍ بَعْدَها هَمْزَةٌ وهو عَلى القَلْبِ ووَزْنُهُ فِلْعًا، وقُرِئَ ( رِياءً ) بِياءٍ بَعْدَها ألِفٌ بَعْدَها هَمْزَةٌ حَكاها اليَزِيدِيُّ. ومَعْناها كَما في الدُّرِّ المَصُونِ مُراءاةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا.
وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما ( رِيًّا ) بِحَذْفِ الهَمْزَةِ والقَصْرِ فَتَجاسَرَ بَعْضُ النّاسِ وقالَ: هي لَحْنٌ، ولَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ خَرَجَتْ عَلى وجْهَيْنِ أحَدُهُما أنْ يَكُونَ الأصْلُ (رِيًّا) بِتَشْدِيدِ الياءِ فَخُفِّفَ بِحَذْفِ إحْدى الياءَيْنِ وهي الثّانِيَةُ لِأنَّها الَّتِي حَصَلَ بِها الثِّقَلُ ولِأنَّ الآخَرَ مَحَلُّ التَّغْيِيرِ وذَلِكَ كَما حُذِفَتْ في لا سِيَّما. والثّانِي أنْ يَكُونَ الأصْلُ ( رِيئًا ) بِياءٍ ساكِنَةٍ بَعْدَها هَمْزَةٌ فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الهَمْزَةِ إلى الياءِ ثُمَّ حُذِفَتْ عَلى القاعِدَةِ المَعْرُوفَةِ.
وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا، وابْنُ جُبَيْرٍ ويَزِيدُ البَرْبَرِيُّ والأعْصَمُ المَكِّيُّ (زِيًّا) بِالزّايِ وتَشْدِيدِ الياءِ وهو المَحاسِنُ المَجْمُوعَةُ يُقالُ: زَواهُ زَيًّا بِالفَتْحِ أيْ جَمَعَهُ، ويُرادُ مِنهُ الأثاثُ أيْضًا كَما ذَكَرَهُ المُبَرِّدُ في قَوْلِ الثَّقَفِيِّ:
؎أشاقَتْكَ الظَّعائِنُ يَوْمَ بانُوا ∗∗∗ بِذِي الزِّيِّ الجَمِيلِ مِنَ الأثاثِ
والظّاهِرُ في الآيَةِ المَعْنى الأوَّلُ
{"ayah":"وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هُمۡ أَحۡسَنُ أَثَـٰثࣰا وَرِءۡیࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











