الباحث القرآني
﴿فَوَرَبِّكَ﴾ إقْسامُهُ بِاسْمِهِ عَزَّتْ أسْماؤُهُ مُضافًا إلى ضَمِيرِهِ ﷺ لِتَحْقِيقِ الأمْرِ بِالإشْعارِ بِعِلَّتِهِ وتَفْخِيمِ شَأْنِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ورَفْعِ مَنزِلَتِهِ ﴿لَنَحْشُرَنَّهُمْ﴾ أيْ لَنَجْمَعَنَّ القائِلِينَ ما تَقَدَّمَ بِالسُّوقِ إلى المَحْشَرِ بَعْدَما أخْرَجْناهم أحْياءً، وفي القَسَمِ عَلى ذَلِكَ دُونَ البَعْثِ إثْباتٌ لَهُ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ وآكَدِهِ كَأنَّهُ أمْرٌ واضِحٌ غَنِيٌّ عَنِ التَّصْرِيحِ بِهِ بَعْدَ بَيانِ إمْكانِهِ بِما تَقَدَّمَ مِنَ الحُجَّةِ البالِغَةِ وإنَّما المُحْتاجُ إلى البَيانِ ما بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الأهْوالِ، وكَوْنُ الضَّمِيرِ لِلْكَفَرَةِ القائِلِينَ هو الظّاهِرُ نَظَرًا إلى السِّياقِ وإلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عَطِيَّةَ. وجَماعَةٌ. ولا يُنافِي ذَلِكَ إرادَةَ الواحِدِ مِنَ الإنْسانِ كَما لا يَخْفى.
واسْتَظْهَرَ أبُو حَيّانَ أنَّهُ لِلنّاسِ كُلِّهِمْ مُؤْمِنِهِمْ وكافِرِهِمْ ﴿والشَّياطِينَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى الضَّمِيرِ المَنصُوبِ أوْ مَفْعُولٌ مَعَهُ. رُوِيَ أنَّ الكَفَرَةَ يُحْشَرُونَ مَعَ قُرَنائِهِمْ مِنَ الشَّياطِينِ الَّذِينَ كانُوا يُغْوُونَهم كُلٌّ مِنهم مَعَ شَيْطانِهِ في سِلْسِلَةٍ، ووَجْهُ ذَلِكَ عَلى تَقْدِيرِ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلنّاسِ أنَّهم لَمّا حُشِرُوا وفِيهِمُ الكَفَرَةُ مَقْرُونِينَ بِالشَّياطِينِ فَقَدْ حُشِرُوا مَعَهم جَمِيعًا عَلى طَرْزِ ما قِيلَ في نِسْبَةِ القَوْلِ إلى الجِنْسِ، وقِيلَ: يُحْشَرُ كُلُّ واحِدٍ مِنَ النّاسِ مُؤْمِنُهم وكافِرُهم مَعَ قَرِينِهِ مِنَ الشَّياطِينِ ولا يَخْتَصُّ الكافِرُ بِذَلِكَ. وقَدْ يُسْتَأْنَسُ لَهُ بِما في الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ مَرْفُوعًا: ( «ما مِنكم مِن أحَدٍ إلّا وكُلٌّ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالُوا: وإيّاكَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: وإيّايَ إلّا أنَّ اللَّهَ تَعالى أعانَنِي عَلَيْهِ فَأسْلَمَ فَلا يَأْمُرُنِي إلّا بِخَيْرٍ» )
﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهم حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾ بارِكِينَ عَلى الرُّكَبِ، وأصْلُهُ جُثُووٌ بِواوَيْنِ فاسْتُثْقِلَ اجْتِماعُهُما بَعْدَ ضَمَّتَيْنِ فَكُسِرَتِ الثّاءُ لِلتَّخْفِيفِ فانْقَلَبَتِ الواوُ الأُولى ياءً لِسُكُونِها وانْكِسارِ ما قَبْلَها فاجْتَمَعَتْ واوٌ وياءٌ وسُبِقَتْ إحْداهُما بِالسُّكُونِ، فَقُلِبَتِ الواوُ ياءً فَأُدْغِمَتِ الياءُ في الياءِ وكُسِرَتِ الجِيمُ إتْباعًا لِما بَعْدَها.
وقَرَأ غَيْرُ واحِدٍ مِنَ السَّبْعَةِ بِضَمِّها وهو جَمْعُ جاثٍ في القِراءَتَيْنِ، وجَوَّزَ الرّاغِبُ كَوْنَهُ مَصْدَرًا نَظِيرَ ما قِيلَ في بَكى وقَدْ مَرَّ، ولَعَلَّ إحْضارَ الكَفَرَةِ بِهَذِهِ الحالِ إهانَةٌ لَهم أوْ لِعَجْزِهِمْ عَنِ القِيامِ لِما اعْتَراهم مِنَ الشِّدَّةِ.
(p-119)وقالَ بَعْضُهم: إنَّ المُحاسَبَةَ تَكُونُ حَوْلَ جَهَنَّمَ فَيَجْثُونَ لِمُخاصَمَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا ثُمَّ يَتَبَرَّأُ بَعْضُهم مِن بَعْضٍ، وقالَ السُّدِّيُّ: يَجْثُونَ لِضِيقِ المَكانِ بِهِمْ فالحالُ عَلى القَوْلَيْنِ مُقَدَّرَةٌ بِخِلافِهِ عَلى ما تَقَدَّمَ. وقِيلَ: إنَّها عَلَيْهِ مُقَدَّرَةٌ أيْضًا لِأنَّ المُرادَ الجِثِيُّ حَوْلَ جَهَنَّمَ، ومَن جَعَلَ الضَّمِيرَ لِلْكَفَرَةِ وغَيْرِهِمْ قالَ: إنَّهُ يَحْضُرُ السُّعَداءُ والأشْقِياءُ حَوْلَ جَهَنَّمَ لِيَرى السُّعَداءُ ما نَجّاهُمُ اللَّهُ تَعالى مِنهُ فَيَزْدادُوا غِبْطَةً وسُرُورًا ويَنالَ الأشْقِياءُ ما ادَّخَرُوا لِمَعادِهِمْ ويَزْدادُوا غَيْظًا مِن رُجُوعِ السُّعَداءِ عَنْهم إلى دارِ الثَّوابِ وشَماتَتِهِمْ بِهِمْ ويَجْثُونَ كُلُّهم ثُمَّ لِما يَدْهَمُهم مِن هَوْلِ المَطْلَعِ أوْ لِضِيقِ المَكانِ أوْ لِأنَّ ذَلِكَ مِن تَوابِعِ التَّواقُفِ لِلْحِسابِ والتَّقاوُلِ قَبْلَ الوُصُولِ إلى الثَّوابِ والعِقابِ، وقِيلَ: إنَّهم يَجْثُونَ عَلى رُكَبِهِمْ إظْهارًا لِلذُّلِّ في ذَلِكَ المَوْطِنِ العَظِيمِ، ويَدُلُّ عَلى جِثِيِّ جَمِيعِ أهْلِ المَوْقِفِ ظاهِرُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً﴾ لَكِنْ سَيَأْتِي قَرِيبًا إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى ما هو ظاهِرٌ في عَدَمِ جِثِيِّ الجَمِيعِ مِنَ الأخْبارِ واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ، والحالُ قِيلَ: مُقَدَّرَةٌ، وقِيلَ: غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ إلّا أنَّهُ أسْنَدَ ما لِلْبَعْضِ إلى الكُلِّ، وجَعْلُها مُقَدَّرَةً بِالنِّسْبَةِ إلى السُّعَداءِ وغَيْرَ مُقَدَّرَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلى الأشْقِياءِ لا يَصِحُّ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّهُ فَسَّرَ (جِثِيًّا) بِجَماعاتٍ عَلى أنَّهُ جَمْعُ جَثْوَةٍ وهو المَجْمُوعُ مِنَ التُّرابِ والحِجارَةِ أيْ لَنُحْضِرَنَّهم جَماعاتٍ
{"ayah":"فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّیَـٰطِینَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق