الباحث القرآني
﴿وحَنانًا مِن لَدُنّا﴾ عَطْفٌ عَلى (الحُكْمَ) وتَنْوِينُهُ لِلتَّفْخِيمِ وهو في الأصْلِ مِن حَنَّ إذا ارْتاحَ واشْتاقَ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ في الرَّحْمَةِ والعَطْفِ، ومِنهُ الحَنانُ لِلَّهِ تَعالى خِلافًا لِمَن مَنَعَ إطْلاقَهُ عَلَيْهِ عَزَّ وجَلَّ، وإلى تَفْسِيرِهِ بِالرَّحْمَةِ هُنا ذَهَبَ الحَسَنُ وقَتادَةُ والضَّحّاكُ وعِكْرِمَةُ والفَرّاءُ وأبُو عُبَيْدَةَ وهو رِوايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ويُرْوى أنَّهُ أنْشَدَ في ذَلِكَ لِابْنِ الأزْرَقِ قَوْلَ طَرَفَةَ:
؎أبا مُنْذِرٍ أفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا حَنانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أهْوَنُ مِن بَعْضِ
وأنْشَدَ سِيبَوَيْهِ قَوْلَ المُنْذِرِ بْنِ دِرْهَمٍ الكَلْبِيِّ:
؎وأحْدَثُ عَهْدٍ مِن أمِينَةَ نَظْرَةٌ ∗∗∗ عَلى جانِبِ العَلْياءِ إذْ أنا واقِفُ
؎تَقُولُ حَنانًا ما أتى بِكَ ها هُنا ∗∗∗ أذُو نَسَبٍ أمْ أنْتَ بِالحَيِّ عارِفُ
والجارُّ والمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً مُؤَكِّدَةً لِما أفادَهُ التَّنْوِينُ مِنَ الفَخامَةِ الذّاتِيَّةِ بِالفَخامَةِ الإضافِيَّةِ أيْ وآتَيْناهُ رَحْمَةً عَظِيمَةً عَلَيْهِ كائِنَةً مِن جَنابِنا وهَذا أبْلَغُ مِن ورَحِمْناهُ ورُوِيَ هَذا التَّفْسِيرُ عَنْ مُجاهِدٍ، وقِيلَ: المُرادُ وآتَيْناهُ رَحْمَةً في قَلْبِهِ وشَفَقَةً عَلى أبَوَيْهِ وغَيْرِهِما، وفائِدَةُ الوَصْفِ عَلى هَذا الإشارَةُ إلى أنَّ ذَلِكَ كانَ مُرْضِيًا لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ فَإنَّ مِنَ الرَّحْمَةِ والشَّفَقَةِ ما هو غَيْرُ مَقْبُولٍ كالَّذِي يُؤَدِّي إلى تَرْكِ شَيْءٍ مِن حُقُوقِ اللَّهِ سُبْحانَهُ كالحُدُودِ مَثَلًا أوِ الإشارَةِ إلى أنَّ تِلْكَ الرَّحْمَةَ زائِدَةٌ عَلى ما في جِبِلَّةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأنَّ ما يَهَبُهُ العَظِيمُ عَظِيمٌ. وأوْرَدَ عَلى هَذا أنَّ الإفْراطَ مَذْمُومٌ كالتَّفْرِيطِ وخَيْرُ الأُمُورِ أوْسَطُها. ورُدَّ بِأنَّ مَقامَ المَدْحِ يَقْتَضِي ذَلِكَ. ورُبَّ (p-73)إفْراطٍ يُحْمَدُ مِن شَخْصٍ ويُذَمُّ مِن آخَرَ فَإنَّ السُّلْطانَ يَهَبُ الأُلُوفَ ولَوْ وهَبَها غَيْرُهُ كانَ إسْرافًا مَذْمُومًا.
وعَنِ ابْنِ زَيْدٍ أنَّ الحَنانَ هُنا المَحَبَّةُ وهو رِوايَةٌ عَنْ عِكْرِمَةَ أيْ وآتَيْناهُ مَحَبَّةً مَن لَدُنّا، والمُرادُ عَلى ما قِيلَ جَعَلْناهُ مُحَبَّبًا عِنْدَ النّاسِ فَكُلُّ مَن رَآهُ أحَبَّهُ نَظِيرَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وألْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾ وجَوَّزَ بَعْضُهم أنْ يَكُونَ المَعْنى نَحْوَ ما تَقَدَّمَ عَلى القَوْلِ السّابِقِ، وقِيلَ: هو مَنصُوبٌ عَلى المَصْدَرِيَّةِ فَيَكُونُ مِن بابِ (ولَقَدْ زَيَّنّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وحِفْظًا) .
وجُوِّزَ أنْ يُجْعَلَ مَفْعُولًا لِأجْلِهِ وأنْ يُجْعَلَ عَطْفًا عَلى (صَبِيًّا) وذَلِكَ ظاهِرٌ عَلى تَقْدِيرِ أنْ يَكُونَ المَعْنى رَحْمَةً لِأبَوَيْهِ وغَيْرِهِما، وعَلى تَقْدِيرِ أنْ يَكُونَ وحَنانًا مِنَ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ لا يَجِيءُ الحالُ وباقِي الأوْجُهِ بِحالِهِ، ولا يَخْفى عَلى المُتَأمِّلِ الحالُ عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ (وزَكاةً) أيْ: بَرَكَةٍ كَما أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وهو عَطْفٌ عَلى المَفْعُولِ، ومَعْنى إيتائِهِ البَرَكَةَ عَلى ما قِيلَ جَعْلُهُ مُبارَكًا نَفّاعًا مُعَلِّمًا لِلْخَيْرِ. وقِيلَ: الزَّكاةُ الصَّدَقَةُ والمُرادُ ما يُتَصَدَّقُ بِهِ، والعَطْفُ عَلى حالِهِ أيْ آتَيْناهُ ما يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى النّاسِ وهو كَما تَرى.
وقِيلَ: هي بِمَعْنى الصَّدَقَةِ والعَطْفُ عَلى الحالِ والمُرادُ آتَيْناهُ الحُكْمَ حالَ كَوْنِهِ مُتَصَدِّقًا بِهِ عَلى أبَوَيْهِ ورُوِيَ هَذا عَنِ الكَلْبِيِّ، وابْنِ السّائِبِ، وجُوِّزَ عَلَيْهِ العَطْفُ عَلى (حَنانًا) بِتَقْدِيرِ العِلْيَةِ، وقِيلَ: العَطْفُ عَلى المَفْعُولِ، ومَعْنى إيتائِهِ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِما كَوْنُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ صَدَقَةً عَلَيْهِما، وعَنِ الزَّجّاجِ هي الطَّهارَةُ مِنَ الذُّنُوبِ ولا يَضُرُّ في مَقامِ المَدْحِ الإتْيانُ بِألْفاظٍ رُبَّما يُسْتَغْنى بِبَعْضِها عَنْ بَعْضٍ ﴿وكانَ تَقِيًّا﴾ مُطِيعًا مُتَجَنِّبًا عَنِ المَعاصِي وقَدْ جاءَ في غَيْرِ ما حَدِيثٍ أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ ما عَمِلَ مَعْصِيَةً ولا هَمَّ بِها.
وأخْرَجَ مالِكٌ وأحْمَدُ في الزُّهْدِ وابْنُ المُبارَكِ وأبُو نُعَيْمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: كانَ طَعامُ يَحْيى بْنِ زَكَرِيّا عَلَيْهِما السَّلامُ العُشْبَ وإنَّهُ كانَ لَيَبْكِي مِن خَشْيَةِ اللَّهِ تَعالى حَتّى لَوْ كانَ القارُ عَلى عَيْنِهِ لَخَرَقَهُ، وقَدْ كانَتِ الدُّمُوعُ اتَّخَذَتْ مَجْرًى في وجْهِهِ
{"ayah":"وَحَنَانࣰا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةࣰۖ وَكَانَ تَقِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











