الباحث القرآني
﴿هُنالِكَ﴾ أيْ: في ذَلِكَ المَقامِ وتِلْكَ الحالِ الَّتِي وقَعَ فِيها الإهْلاكُ ﴿الوَلايَةُ لِلَّهِ الحَقِّ﴾ أيِ النُّصْرَةُ لَهُ تَعالى وحْدَهُ لا يَقْدِرُ عَلَيْها أحَدٌ، فالجُمْلَةُ تَقْرِيرٌ وتَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ﴾ إلَخْ، أوْ يَنْصُرُ فِيها أوْلِياءَهُ المُؤْمِنِينَ عَلى الكَفَرَةِ كَما نَصَرَ سُبْحانَهُ بِما فَعَلَ بِالكافِرِ أخاهُ المُؤْمِنَ فالوِلايَةُ بِمَعْنى النُّصْرَةِ عَلى الوَجْهَيْنِ إلّا أنَّها عَلى الأوَّلِ مُطْلَقَةٌ أوْ مُقَيَّدَةٌ بِالمُضْطَرِّ ومَن وقَعَ بِهِ الهَلاكُ وعَلى هَذا مُقَيَّدَةٌ بِغَيْرِ المُضْطَرِّ وهُمُ المُؤْمِنُونَ، ويُعَضِّدُ أنَّ المُرادَ نُصْرَتُهم قَوْلُهُ: تَعالى: ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوابًا وخَيْرٌ عُقْبًا﴾ أيْ: عاقِبَةً لِأوْلِيائِهِ، ووُجِّهَ ذَلِكَ أنَّ الآيَةَ خُتِمَتْ بِحالِ الأوْلِياءِ فَيُناسِبُ أنْ يَكُونَ ابْتِداؤُها كَذَلِكَ.
وقَرَأ الأخَوانِ والأعْمَشُ وابْنُ وثّابٍ وشَيْبَةُ وابْنُ غَزْوانَ عَنْ طَلْحَةَ وخَلَفٍ وابْنِ سَعْدانَ وابْنِ عِيسى الأصْبَهانِيِّ وابْنِ جَرِيرٍ: «الوِلايَةُ» بِكَسْرِ الواوِ وهي والوَلايَةُ بِالفَتْحِ بِمَعْنًى واحِدٍ عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ اللُّغَةِ كالوَكالَةِ والوِكالَةِ والوَصايَةِ والوِصايَةِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هي بِالفَتْحِ النُّصْرَةُ والتَّوَلِّي وبِالكَسْرِ السُّلْطانُ والمُلْكُ؛ أيْ: هُنالِكَ السُّلْطانُ لَهُ عَزَّ وجَلَّ لا يُغْلَبُ ولا يُمْتَنَعُ مِنهُ ولا يُعْبَدُ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإذا رَكِبُوا في الفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (p-285)فَتَكُونُ الجُمْلَةُ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ قَوْلَهُ ﴿يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ﴾ إلَخْ كانَ عَنِ اضْطِرارٍ وجَزَعٍ عَمّا دَهاهُ ولَمْ يَكُنْ عَنْ نَدَمٍ وتَوْبَةٍ، وحُكِيَ عَنْ أبِي عَمْرٍو والأصْمَعِيِّ أنَّهُما قالا: إنَّ كَسْرَ الواوِ لَحْنٌ هُنا؛ لِأنَّ فِعالَةَ إنَّما تَجِيءُ فِيما كانَ صَنْعَةً ومَعْنًى مُتَقَلَّدًا كالكِتابَةِ والإمارَةِ والخِلافَةِ ولَيْسَ هُنا تَوَلِّي أمْرٍ إنَّما هي الوَلايَةُ بِالفَتْحِ بِمَعْنى الدِّينِ بِالكَسْرِ ولا يُعَوَّلُ عَلى ذَلِكَ.
واسْتَظْهَرَ أبُو حَيّانَ كَوْنَ ﴿هُنالِكَ﴾ إشارَةً إلى الدّارِ الآخِرَةِ؛ أيْ: في تِلْكَ الدّارِ الوِلايَةُ لِلَّهِ الحَقِّ ويُناسِبُ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوابًا وخَيْرٌ عُقْبًا﴾ ويَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ﴾ والظّاهِرُ عَلى جَمِيعِ ذَلِكَ أنَّ الوَقْفَ عَلى ﴿مُنْتَصِرًا﴾ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُنالِكَ﴾ إلَخِ ابْتِداءُ كَلامٍ، وحِينَئِذٍ فالوِلايَةُ مُبْتَدَأٌ و«لِلَّهِ» الخَبَرُ، والظَّرْفُ مَعْمُولُ الِاسْتِقْرارِ، والجُمْلَةُ مُفِيدَةٌ لِلْحَصْرِ لِتَعْرِيفِ المُسْنَدِ إلَيْهِ، واقْتِرانُ الخَبَرِ بِلامِ الِاخْتِصاصِ كَما قُرِّرَ في «الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ» وقالَ أبُو البَقاءِ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ «هُنالِكَ» خَبَرَ «الوِلايَةُ» أوِ الوِلايَةُ مَرْفُوعَةٌ بِهِ و«لِلَّهِ» يَتَعَلَّقُ بِالظَّرْفِ أوْ بِالعامِلِ فِيهِ أوْ بِالوِلايَةِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِنها.
وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقٌ بِ «مُنْتَصِرًا» والإشارَةُ إلى الدّارِ الآخِرَةِ، والمُرادُ الإخْبارُ بِنَفْيِ أنْ يَنْتَصِرَ في الآخِرَةِ بَعْدَ نَفْيِ أنْ تَكُونَ لَهُ فِئَةٌ تَنْصُرُهُ في الدُّنْيا. والزَّجّاجُ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِ «مُنْتَصِرًا» أيْضًا إلّا أنَّهُ قالَ: وما كانَ مُنْتَصِرًا في تِلْكَ الحالَةِ، و«الحَقِّ» نَعْتٌ لِلِاسْمِ الجَلِيلِ.
وقَرَأ الأخَوانِ وحُمَيْدٌ والأعْمَشُ وابْنُ أبِي لَيْلى وابْنُ مُناذِرٍ واليَزِيدِيُّ وابْنُ عِيسى الأصْبَهانِيُّ: «الحَقُّ» بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ صِفَةُ ﴿الوَلايَةُ﴾ وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ أنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: هي أوْ هو الحَقُّ وأنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وهو خَبَرُهُ، وقَرَأ أُبَيٌّ: «هُنالِكَ الوَلايَةُ الحَقُّ لِلَّهِ» بِتَقْدِيمِ «الحَقُّ» ورَفْعِهِ وهو يُرَجِّحُ كَوْنَ «الحَقُّ» نَعْتًا لِلْوَلايَةِ في القِراءَةِ السّابِقَةِ.
وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ وأبُو السَّمّالِ ويَعْقُوبُ عَنْ عِصْمَةَ عَنْ أبِي عَمْرٍو: «الحَقَّ» بِالنَّصْبِ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ، والنّاصِبُ لَهُ عامِلٌ مُقَدَّرٌ كَما في قَوْلِكَ: هَذا عَبْدُ اللَّهِ حَقًّا، ويُحْتَمَلُ أنَّهُ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ.
وقَرَأ الحَسَنُ والأعْمَشُ وحَمْزَةُ وعاصِمٌ وخَلَفٌ: «عُقْبًا» بِسُكُونِ القافِ والتَّنْوِينِ، وعَنْ عاصِمٍ «عُقْبى» بِألِفِ التَّأْنِيثِ المَقْصُورِ عَلى وزْنِ رُجْعى، والجُمْهُورُ بِضَمِّ القافِ والتَّنْوِينِ والمَعْنى في الكُلِّ ما تَقَدَّمَ.
{"ayah":"هُنَالِكَ ٱلۡوَلَـٰیَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَیۡرࣱ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ عُقۡبࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











