الباحث القرآني
﴿فَضَرَبْنا عَلى آذانِهِمْ﴾ أيْ: ضَرَبْنا عَلَيْها حِجابًا يَمْنَعُ السَّماعَ، فالمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ كَما في قَوْلِهِمْ: بَنى عَلى امْرَأتِهِ، (p-212)والمُرادُ أنَمْناهم إنامَةً ثَقِيلَةً لا تُنَبِّهُهم فِيها الأصْواتُ، بِأنْ يُجْعَلَ الضَّرْبُ عَلى الآذانِ كِنايَةً عَنِ الإنامَةِ الثَّقِيلَةِ، وإنَّما صَلُحَ كِنايَةً لِأنَّ الصَّوْتَ والتَّنْبِيهَ طَرِيقٌ مِن طُرُقِ إزالَةِ النَّوْمِ فَسَدُّ طَرِيقِهِ يَدُلُّ عَلى اسْتِحْكامِهِ، وأمّا الضَّرْبُ عَلى العَيْنِ وإنْ كانَ تَعَلُّقُهُ بِها أشَدَّ فَلا يَصْلُحُ كِنايَةً؛ إذْ لَيْسَ المُبْصَراتُ مِن طُرُقِ إزالَتِهِ حَتّى يَكُونَ سَدُّ الأبْصارِ كِنايَةً ولَوْ صَلُحَ كِنايَةً فَعَنِ ابْتِداءِ النَّوْمِ لا النَّوْمَةِ الثَّقِيلَةِ.
واعْتَرَضَ القُطْبُ جَعْلَهُ كِنايَةً عَمّا ذُكِرَ بِما لا يَخْفى رَدُّهُ وخَرَّجَ الآيَةَ عَلى الِاسْتِعارَةِ المَكْنِيَّةِ بِأنْ يُقالَ: شَبَّهَ الإنامَةَ الثَّقِيلَةَ بِضَرْبِ الحِجابِ عَلى الآذانِ ثُمَّ ذَكَرَ ضَرَبْنا وأُرِيدَ: أنَمْنا وهو وجْهٌ فِيها، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ مِن بابِ الِاسْتِعارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ، واخْتارَهُ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ.
ومِنَ النّاسِ مَن حَمَلَ الضَّرْبَ عَلى الآذانِ عَلى تَعْطِيلِها كَما في قَوْلِهِمْ ضَرَبَ الأمِيرُ عَلى يَدِ الرَّعِيَّةِ، أيْ: مَنَعَهم عَنِ التَّصَرُّفِ. وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ مَعَ عَدَمِ مُلاءَمَتِهِ لِما سَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى مِنَ البَعْثِ لا يَدُلُّ عَلى إرادَةِ النَّوْمِ مَعَ أنَّهُ المُرادُ قَطْعًا. وأُجِيبَ بِأنَّهُ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ مُرادُ الحامِلِ التَّوَصُّلَ بِذَلِكَ إلى إرادَةِ الإنامَةِ فافْهَمْ.
والضَّرْبُ إمّا مِن ضَرَبْتُ القُفْلَ عَلى البابِ أوْ مِن ضَرَبْتُ الخِباءَ عَلى ساكِنِهِ، والفاءُ هُنا مِثْلُها في قَوْلِهِ تَعالى: ( فاسْتَجَبْنا لَهُ ) بَعْدَ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ( إذْ نادى ) فَإنَّ الضَّرْبَ المَذْكُورَ وما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ التَّقْلِيبِ ذاتَ اليَمِينِ وذاتَ الشِّمالِ والبَعْثِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِن آثارِ اسْتِجابَةِ دُعائِهِمُ السّابِقِ ﴿فِي الكَهْفِ﴾ ظَرْفٌ لِضَرْبِنا وكَذا قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿سِنِينَ﴾ ولا مانِعَ مِن ذَلِكَ لا سِيَّما وقَدْ تَغايَرا بِالمَكانِيَّةِ والزَّمانِيَّةِ ﴿عَدَدًا﴾ أيْ: ذَواتِ عَدَدٍ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِالتَّأْوِيلِ الشّائِعِ، وقِيلَ: إنَّهُ صِفَةٌ بِمَعْنى مَعْدُودَةٍ، وقِيلَ: إنَّهُ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أيْ: تَعَدَّ عَدَدًا، والعَدَدُ عَلى ما قالَ الرّاغِبُ وغَيْرُهُ قَدْ يُرادُ بِهِ التَّكْثِيرُ لِأنَّ القَلِيلَ لا يَحْتاجُ إلى العَدِّ غالِبًا، وقَدْ يَذْكُرُ لِلتَّقْلِيلِ في مُقابَلَةِ ما لا يُحْصى كَثْرَةً، كَما يُقالُ: بِغَيْرِ حِسابٍ، وهو هُنا يَحْتَمِلُ الوَجْهَيْنِ، والأوَّلُ هو الأنْسَبُ بِإظْهارِ كَمالِ القُدْرَةِ، والثّانِي هو الألْيَقُ بِمَقامِ إنْكارِ كَوْنِ القِصَّةِ عَجَبًا مِن بَيْنِ سائِرِ الآياتِ العَجِيبَةِ، فَإنَّ مُدَّةَ لُبْثِهِمْ وإنْ كَثُرَتْ في نَفْسِها فَهي كَبَعْضِ يَوْمٍ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ.
وفِي الكَشْفِ أنَّ الكَثْرَةَ تُناسِبُ نَظَرًا إلى المُخاطَبِينَ، والقِلَّةَ تُناسِبُ نَظَرًا إلى المُخاطَبِ اه، وقَدْ خَفِيَ عَلى العِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ أمْرُ هَذا الوَصْفِ وظَنَّ أنَّهُ لا يَكُونُ لِلتَّكْثِيرِ وأنَّ التَّقْلِيلَ لا يُمْكِنُ هاهُنا وهو غَرِيبٌ مِن جَلالَةِ قَدْرِهِ ولَهُ في أمالِيهِ أمْثالُ ذَلِكَ. ولِلْعَلّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ في ذَلِكَ كَلامٌ ذَكَرَهُ في الفَتاوى الحَدِيثِيَّةِ لا أظُنُّهُ شَيْئًا.
{"ayah":"فَضَرَبۡنَا عَلَىٰۤ ءَاذَانِهِمۡ فِی ٱلۡكَهۡفِ سِنِینَ عَدَدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











