الباحث القرآني

﴿قُلْ﴾ لَهم ثانِيًا مِن جِهَتِكَ بَعْدَ ما قُلْتَ لَهم مِن قَبْلِنا ما قُلْتَ وبَيَّنْتَ لَهم ما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ في البِعْثَةِ ولَمْ يَرْفَعُوا إلَيْهِ رَأْسًا ﴿كَفى بِاللَّهِ﴾ عَزَّ وجَلَّ وحْدَهُ ﴿شَهِيدًا﴾ عَلى أنِّي قَدْ أدَّيْتُ ما عَلَيَّ مِن مَواجِبِ الرِّسالَةِ أكْمَلَ أداءٍ وإنَّكم فَعَلْتُمْ ما فَعَلْتُمْ مِنَ التَّكْذِيبِ والعِنادِ، وقِيلَ شَهِيدًا عَلى أنِّي رَسُولُ اللَّهِ تَعالى إلَيْكم بِإظْهارِ المُعْجِزَةِ عَلى وفْقِ دَعْوايَ، ورُجَّحَ الأوَّلُ بِأنَّهُ أوْفَقُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَيْنِي وبَيْنَكُمْ﴾ وكَذا بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ تَعْلِيلًا لِلْكِفايَةِ: ﴿إنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ﴾ أيِ الرُّسُلِ والمُرْسَلِ إلَيْهِمْ ﴿خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ أيْ: مُحِيطًا بِظَواهِرِهِمْ وبَواطِنِهِمْ فَيُجازِيهِمْ عَلى ذَلِكَ، وزَعَمَ الخَفاجِيُّ أنَّ الثّانِيَ أوْفَقُ بِالسِّباقِ مِنهُ إذْ يَكُونُ الكَلامُ عَلَيْهِ كالسّابِقِ رَدًّا لِإنْكارِهِمْ أنْ يَكُونَ الرَّسُولُ بَشَرًا وإلى ذَلِكَ ذَهَبَ الإمامُ وأنَّ كَوْنَ الأوَّلِ أوْفَقَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّهُ كانَ﴾ إلَخْ لا وجْهَ لَهُ لِأنَّ مَعْناهُ التَّهْدِيدُ والوَعِيدُ بِأنَّهُ سُبْحانَهُ يَعْلَمُ ظَواهِرَهم وبَواطِنَهم وأنَّهم إنَّما ذَكَرُوا هَذِهِ الشُّبْهَةَ لِلْحَسَدِ وحُبِّ الرِّياسَةِ والِاسْتِنْكافِ عَنِ الحَقِّ وفِيهِ مِنَ التَّسْلِيَةِ لِحَبِيبِهِ ﷺ ما فِيهِ، وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ إنْكارَ كَوْنِ الأوَّلِ أوْفَقَ بِذَلِكَ مِمّا لا وجْهَ لَهُ لِظُهُورِ خِلافِهِ، ولا يُنافِيهِ تَضَمُّنُ الجُمْلَةِ الوَعِيدَ والتَّسْلِيَةَ، وأيْضًا يَبْقى أمْرُ أوْفَقِيَّتِهِ بَيْنِي وبَيْنَكم في البَيْنِ ومَعَ ذَلِكَ في تَصْدِيرِ الكَلامِ بِ «قُلْ» نَوْعُ تَأْيِيدٍ لِإرادَةِ الأوَّلِ كَما لا يَخْفى عَلى الذَّكِيِّ، هَذا وإنَّما لَمْ يَقُلْ سُبْحانَهُ: بَيْنَنا تَحْقِيقًا لِلْمُفارَقَةِ وإبانَةً لِلْمُبايَنَةِ، ونَصْبُ ( شَهِيدًا ) إمّا عَلى الحالِ أوْ عَلى التَّمْيِيزِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب