الباحث القرآني
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويَدْعُ الإنْسانُ بِالشَّرِّ﴾ قالَ شَيْخُ الإسْلامِ: بَيانٌ لِحالِ المَهْدِيِّ إثْرَ بَيانِ حالِ الهادِي، وإظْهارٌ لِما بَيْنَهُما مِنَ التَّبايُنِ، والمُرادُ بِالإنْسانِ الجِنْسُ، أُسْنِدَ إلَيْهِ حالُ بَعْضِ أفْرادِهِ وهو الكافِرُ، وإلَيْهِ يُشِيرُ كَلامُ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أوْ حَكى عَنْهُ حالَهُ في بَعْضِ أحْيانِهِ كَما يَقْتَضِيهِ ما رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ ومُجاهِدٍ فالمَعْنى عَلى الأوَّلِ: أنَّ القُرْآنَ يَدْعُو الإنْسانَ إلى الخَيْرِ الَّذِي لا خَيْرَ فَوْقَهُ مِنَ الأجْرِ الكَبِيرِ ويُحَذِّرُهُ مِنَ الشَّرِّ الَّذِي لا شَرَّ وراءَهُ مِنَ العَذابِ الألِيمِ، وهو أيْ بَعْضُ أفْرادِهِ أعْنِي الكافِرَ يَدْعُو لِنَفْسِهِ بِما هو الشَّرُّ مِنَ العَذابِ المَذْكُورِ إمّا بِلِسانِهِ حَقِيقَةً كَدَأْبِ مَن قالَ مِنهُمْ: ﴿اللَّهُمَّ إنْ كانَ هَذا هو الحَقَّ مِن عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِن السَّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ ومَن قالَ: ﴿فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا حُكِيَ عَنْهُمْ، وإمّا بِأعْمالِهِمُ السَّيِّئَةِ المُفْضِيَةِ إلَيْهِ المُوجِبَةِ لَهُ مَجازًا كَما هو دَيْدَنُ كُلِّهِمْ، وبَعْضُهم جَعَلَ الدُّعاءَ بِاللِّسانِ مَجازًا أيْضًا عَنِ الِاسْتِعْجالِ اسْتِهْزاءً.
﴿دُعاءَهُ﴾ أيْ دُعاءً كَدُعائِهِ فَحُذِفَ المَوْصُوفُ وحَرْفُ التَّشْبِيهِ وانْتَصَبَ المَجْرُورُ عَلى المَصْدَرِيَّةِ، وهو مُرادُ مَن قالَ: مِثْلَ دُعائِهِ ﴿بِالخَيْرِ﴾ المَذْكُورِ فَرْضًا لا تَحْقِيقًا؛ فَإنَّهُ بِمَعْزِلٍ عَنِ الدُّعاءِ بِهِ، وفِيهِ رَمْزٌ إلى أنَّهُ اللّائِقُ بِحالِهِ.
﴿وكانَ الإنْسانُ﴾ أيْ: مَن أُسْنِدَ إلَيْهِ الدُّعاءُ المَذْكُورُ مِن أفْرادِهِ ﴿عَجُولا﴾ يُسارِعُ إلى طَلَبِ كُلِّ ما يَخْطُرُ بِبالِهِ مُتَعامِيًا عَنْ ضَرَرِهِ أوْ مُبالِغًا في العَجَلَةِ يَسْتَعْجِلُ الشَّرَّ والعَذابَ، وهو آتِيهِ لا مَحالَةَ، فَفِيهِ نَوْعُ تَهَكُّمٍ بِهِ، وعَلى تَقْدِيرِ حَمْلِ الدُّعاءِ عَلى أعْمالِهِمْ تُجْعَلُ العُجُولِيَّةُ عَلى اللَّجِّ والتَّمادِي في اسْتِيجابِ العَذابِ بِتِلْكَ الأعْمالِ، والمَعْنى عَلى الثّانِي أنَّ القُرْآنَ يَدْعُو الإنْسانَ إلى ما هو خَيْرٌ وهو في بَعْضِ أحْيانِهِ كَما عِنْدَ الغَضَبِ يَدَعُهُ ويَدْعُو اللَّهَ تَعالى لِنَفْسِهِ وأهْلِهِ ومالِهِ بِما هو شَرٌّ، وكانَ الإنْسانُ بِحَسَبِ جِبِلَّتِهِ عَجُولًا ضَجِرًا لا يَتَأنّى إلى أنْ يَزُولَ عَنْهُ ما يَعْتَرِيهِ.
أخْرَجَ الواقِدِيُّ في المَغازِي «عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْها بِأسِيرٍ وقالَ لَها: احْتَفِظِي بِهِ (p-24)قالَتْ: فَلَهَوْتُ مَعَ امْرَأةٍ فَخَرَجَ ولَمْ أشْعُرْ فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ فَسَألَ عَنْهُ فَقُلْتُ: واللَّهِ لا أدْرِي وغَفَلْتُ عَنْهُ فَخَرَجَ فَقالَ:
قَطَعَ اللَّهُ يَدَكَ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَصاحَ بِهِ فَخَرَجُوا في طَلَبِهِ حَتّى وجَدُوهُ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَآنِي وأنا أُقَلِّبُ يَدِي فَقالَ: ما لَكِ؟ قُلْتُ: أنْتَظِرُ دَعْوَتَكَ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُمَّ إنَّما أنا بَشَرٌ آسَفُ وأغْضَبُ كَما يَغْضَبُ البَشَرُ، فَأيُّما مُؤْمِنٍ أوْ مُؤْمِنَةٍ دَعَوْتُكَ عَلَيْهِ بِدَعْوَةٍ فاجْعَلْها لَهُ زَكاةً وطُهْرًا»».
أوْ يَدْعُو بِما هو شَرٌّ ويَحْسَبُهُ خَيْرًا، وكانَ الإنْسانُ عَجُولًا، غَيْرَ مُسْتَبْصِرٍ لا يَتَدَبَّرُ في أُمُورِهِ حَقَّ التَّدَبُّرِ، لِيَتَحَقَّقَ ما هو خَيْرٌ حَقِيقٌ بِالدُّعاءِ بِهِ وهو شَرٌّ جَدِيرٌ بِالِاسْتِعاذَةِ مِنهُ اه. مَعَ بَعْضِ زِيادَةٍ وتَغْيِيرٍ.
واخْتارَ إرادَةَ الكافِرِ مِنَ الإنْسانِ الأوَّلِ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ، وذَكَرَ في وجْهِ رَبْطِ الآياتِ أنَّهُ تَعالى لَمّا شَرَحَ ما خَصَّ بِهِ نَبِيَّهُ ﷺ مِنَ الإسْراءِ وإيتاءِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ التَّوْراةَ وما فَعَلَهُ بِالعُصاةِ المُتَمَرِّدِينَ مِن تَسْلِيطِ البَلاءِ عَلَيْهِمْ كانَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ طاعَةَ اللَّهِ تَعالى تُوجِبُ كُلَّ خَيْرٍ وكَرامَةً ومَعْصِيَتَهُ سُبْحانَهُ تُوجِبُ كُلَّ بَلِيَّةٍ وغَرامَةٍ، لا جَرَمَ قالَ: ﴿إنَّ هَذا القُرْآنَ يَهْدِي﴾ إلَخْ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ:
{"ayah":"وَیَدۡعُ ٱلۡإِنسَـٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَاۤءَهُۥ بِٱلۡخَیۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَجُولࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق