الباحث القرآني
﴿ولا تَتَّخِذُوا أيْمانَكم دَخَلا بَيْنَكُمْ﴾ قالُوا: هو تَصْرِيحٌ بِالنَّهْيِ عَنِ اتِّخاذِ الأيْمانِ دَخَلًا بَعْدَ التَّضْمِينِ لِأنَّ الِاتِّخاذَ المَذْكُورَ فِيما سَبَقَ وقَعَ قَيْدًا لِلْمَنهِيِّ عَنْهُ فَكانَ مَنهِيًّا عَنْهُ ضِمْنًا تَأْكِيدًا ومُبالَغَةً في قُبْحِ المَنهِيِّ عَنْهُ وتَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَتَزِلَّ قَدَمٌ﴾ عَنْ مَحَجَّةِ الحَقِّ ﴿بَعْدَ ثُبُوتِها﴾ عَلَيْها ورُسُوخِها فِيها بِالإيمانِ، وقِيلَ ما تَقَدَّمَ كانَ نَهْيًا عَنِ الدُّخُولِ في الحَلِفِ ونَقْضِ العَهْدِ بِالقِلَّةِ والكَثْرَةِ وما هُنا نَهْيٌ عَنِ الدَّخَلِ في الأيْمانِ الَّتِي يُرادُ بِها اقْتِطاعُ الحُقُوقِ فَكَأنَّهُ قِيلَ: لا تَتَّخِذُوا أيْمانَكم دَخَلًا بَيْنَكم لِتَتَوَصَّلُوا بِذَلِكَ إلى قَطْعِ حُقُوقِ المُسْلِمِينَ.
وقالَ أبُو حَيّانَ: لَمْ يَتَكَرَّرِ النَّهْيُ فَإنَّ ما سَبَقَ إخْبارٌ بِأنَّهُمُ اتَّخَذُوا أيْمانَهم دَخَلًا مُعَلَّلًا بِشَيْءٍ خاصٍّ وهو أنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هي أرْبى مِن أُمَّةٍ وجاءَ النَّهْيُ المُسْتَأْنَفُ الإنْشائِيُّ عَنِ اتِّخاذِ الإيمانِ دَخَلًا عَلى العُمُومِ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ الصُّوَرِ مِنَ الحَلِفِ في المُبايَعَةِ وقَطْعِ الحُقُوقِ المالِيَّةِ وغَيْرِ ذَلِكَ. ورُدَّ بِأنَّ قَيْدَ المَنهِيِّ عَنْهُ فَلَيْسَ إخْبارًا صِرْفًا (p-224)ولا عُمُومَ في الثّانِي لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فَتَزِلَّ﴾ إلَخْ إشارَةٌ إلى العِلَّةِ السّابِقَةِ إجْمالًا عَلى أنَّهُ قَدْ يُقالُ إنَّ الخاصَّ مَذْكُورٌ في ضِمْنِ العامِّ أيْضًا فَلا مَحِيصَ عَنِ التَّكْرارِ أيْضًا ولَوْ سُلِّمَ ما ذَكَرَهُ فَتَأمَّلْ، ونَصْبُ- تَزِلَّ- بِأنْ مُضْمَرَةٍ في جَوابِ النَّهْيِ لِبَيانِ ما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ويَقْتَضِيهِ، قالَ في البَحْرِ: وهو اسْتِعارَةٌ لِلْوُقُوعِ في أمْرٍ عَظِيمٍ لِأنَّ القَدَمَ إذا زَلَّتِ انْقَلَبَ الإنْسانُ مِن حالِ خَيْرٍ إلى حالٍ شَرٍّ، وتَوْحِيدُ القَدَمِ وتَنْكِيرُها- كَما قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ - لِلْإيذانِ بِأنَّ زَلَلَ قَدَمٍ واحِدَةٍ أيَّ قَدَمٍ كانَتْ عَزَّتْ أوْ هانَتْ مَحْذُورٌ عَظِيمٌ فَكَيْفَ بِأقْدامٍ، وقالَ أبُو حَيّانَ: إنَّ الجَمْعَ تارَةً يُلْحَظُ فِيهِ المَجْمُوعُ مِن حَيْثُ هو مَجْمُوعٌ وتارَةً يُلْحَظُ فِيهِ كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٍ وفي الأوَّلِ يَكُونُ الإسْنادُ مُعْتَبَرًا فِيهِ الجَمْعِيَّةُ وفي الثّانِي يَكُونُ الإسْنادُ مُطابِقًا لِلَفْظِ الجَمْعِ كَثِيرًا فَيُجْمَعُ ما أُسْنِدَ إلَيْهِ ومُطابِقًا لِكُلِّ فَرْدٍ فَيُفْرَدُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ فَأُفْرِدَ المُتَّكَأُ لِما لُوحِظَ في ( لَهُنَّ ) كُلُّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ ولَوْ جاءَ مُرادًا بِهِ الجَمْعِيَّةَ أوْ عَلى الكَثِيرِ في الوَجْهِ الثّانِي لَجُمِعَ وعَلى هَذا يَنْبَغِي أنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ:
؎فَإنِّي وجَدْتُ الضّامِرِينَ مَتاعَهم يَمُوتُ ويَفْنى فارْضَخِي مِن وعائِيا
أيْ كُلَّ ضامِرٍ، ولِذا أُفْرِدَ الضَّمِيرُ في يَمُوتُ ويَفْنى، ولَمّا كانَ المَعْنى هُنا لا يَتَّخِذُ كُلُّ واحِدٍ مِنكم جاءَ ﴿فَتَزِلَّ قَدَمٌ﴾ مُراعاةً لِهَذا المَعْنى. ثُمَّ قالَ سُبْحانَهُ ﴿وتَذُوقُوا السُّوءَ﴾ مُراعاةً لِلْمَجْمُوعِ أوْ لِلَفْظِ الجَمْعِ عَلى الوَجْهِ الكَثِيرِ إذا قُلْنا: إنَّ الإسْنادَ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ فَتَكُونُ الآيَةُ قَدْ تَعَرَّضَتْ لِلنَّهْيِ عَنِ اتِّخاذِ الأيْمانِ دَخَلًا بِاعْتِبارِ المَجْمُوعِ وبِاعْتِبارِ كُلِّ فَرْدٍ ودَلَّ عَلى ذَلِكَ بِإفْرادِ (قَدَمٌ) وجَمْعِ الضَّمِيرِ في ﴿وتَذُوقُوا﴾ . وتُعِقِّبَ بِأنَّ ما ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ نُكْتَةً سِرِّيَّةً وهَذا تَوْجِيهٌ لِلْأفْرادِ مِن جِهَةِ العَرَبِيَّةِ فَلا يُنافِي النُّكْتَةَ المَذْكُورَةَ، والمُرادُ مِنَ السُّوءِ العَذابُ الدُّنْيَوِيُّ مِنَ القَتْلِ والأسْرِ والنَّهْبِ والجَلاءُ غَيْرُ ذَلِكَ مِمّا يَسُوءُ ولا يَخْفى ما في (تَذُوقُوا) مِنَ الِاسْتِعارَةِ ﴿بِما صَدَدْتُمْ﴾ بِسَبَبِ صُدُودِكم وإعْراضِكم أوْ صَدِّ غَيْرِكم ومَنعِهِ ﴿عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الَّذِي يَنْتَظِمُ الوَفاءَ بِالعُهُودِ والأيْمانِ فَإنَّ مَن نَقَضَ البَيْعَةَ وارْتَدَّ جَعَلَ ذَلِكَ سُنَّةً لِغَيْرِهِ يَتْبَعُهُ فِيها مَن بَعْدَهُ مِن أهْلِ الشَّقاءِ والإعْراضِ عَنِ الحَقِّ فَيَكُونُ صادًّا عَنِ السَّبِيلِ.
وجَعَلَ هَذِهِ بَعْضُهم دَلِيلًا أنَّ الآيَةَ فِيمَن بايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وهو كَما تَرى ﴿ولَكُمْ﴾ في الآخِرَةِ ﴿عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ لا يَعْلَمُ عِظَمَهُ إلّا اللَّهُ تَعالى
{"ayah":"وَلَا تَتَّخِذُوۤا۟ أَیۡمَـٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَیۡنَكُمۡ فَتَزِلَّ قَدَمُۢ بَعۡدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا۟ ٱلسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمۡ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلَكُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق