الباحث القرآني

﴿والخَيْلَ﴾ هو كَما قالَ غَيْرُ واحِدِ اسْمُ جِنْسٍ لِلْفَرَسِ لا واحِدَ لَهُ مَن لَفْظِهِ كالإبِلِ، وذَكَرَ الرّاغِبُ أنَّهُ في الأصْلِ يُطْلَقُ عَلى الأفْراسِ والفُرْسانِ، وهو عَطْفٌ عَلى الأنْعامِ أيْ وخَلَقَ الخَيْلَ ﴿والبِغالَ﴾ جَمْعُ بَغْلٍ مَعْرُوفٌ ﴿والحَمِيرَ﴾ جَمْعُ حِمارٍ كَذَلِكَ ويُجْمَعُ في القِلَّةِ عَلى أحْمِرَةٍ وفي الكَثْرَةِ عَلى حُمُرٍ وهو القِياسُ، وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ بِرَفْعِ «الخَيْلُ» وما عُطِفَ عَلَيْهِ ﴿لِتَرْكَبُوها﴾ تَعْلِيلٌ لِخَلْقِ المَذْكُوراتِ، والكَلامُ في تَعْلِيلِ أفْعالِ اللَّهِ تَعالى مَبْسُوطٌ في الكَلامِ ﴿وزِينَةً﴾ عَطْفٌ عَلى مَحَلِّ ﴿لِتَرْكَبُوها﴾ فَهو مِثْلُهُ مَفْعُولٌ لِأجْلِهِ وتَجْرِيدُهُ عَنِ اللّامِ دُونَهُ لِأنَّ الزِّينَةَ فِعْلُ الزّائِنِ وهو الخالِقُ تَعالى فَفاعِلُ الفِعْلَيْنِ المُعَلَّلِ والمُعَلَّلِ بِهِ واحِدٌ بِخِلافِ فاعِلِ الرُّكُوبِ وفاعِلِ المُعَلَّلِ بِهِ فَشَرْطُ النَّصْبِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ مَنِ اشْتَرَطَهُ مَوْجُودٌ في المَعْطُوفِ دُونَ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ قالَهُ غَيْرُ واحِدٍ، وذَكَرَ بَعْضُ المُدَقِّقِينَ أنَّ في عَدَمِ مَجِيئِها عَلى سَنَنٍ واحِدٍ دَلالَةً عَلى أنَّ المَقْصُودَ الأصْلِيَّ الأوَّلُ فَجِيءَ بِالحُرُوفِ المَوْضُوعَةِ لِذَلِكَ وسِيقَ الخِطابُ وأُعِيدَ الضَّمِيرُ لِلثَّلاثَةِ في ﴿لِتَرْكَبُوها﴾ وجِيءَ بِالثّانِي تَتْمِيمًا ودَلالَةً عَلى أنَّهُ لَمّا كانَ مِن مَقاصِدِهِمْ عُدَّ في مَعْرِضِ الِامْتِنانِ وإلّا فَلَيْسَ التَّزَيُّنُ بِالعَرَضِ الزّائِلِ مِمّا يَقْصِدُهُ أهْلُ اللَّهِ تَعالى وهم أهْلُ الخِطابِ بِالقَصْدِ الأوَّلِ واعْتُرِضَ ما تَقَدَّمَ بِأنَّهُ وإنْ ثَبَتَ اتِّحادُ الفاعِلِ لَكِنْ لَمْ تَتِمَّ بِهِ شُرُوطُ صِحَّةِ النَّصْبِ لِفَقْدِ شَرْطٍ آخَرَ مِنها وهو المُقارَنَةُ في الوُجُودِ فَإنَّ الخَلْقَ مُتَقَدِّمٌ عَلى الزِّينَةِ. وأُجِيبُ بِأنَّ ذَلِكَ عَلى إرادَةِ إرادَةِ الزِّينَةِ كَما قِيلَ فِي: ضَرَبْتُ زَيْدًا تَأْدِيبًا أنَّ التَّأْدِيبَ بِتَأْوِيلِ إرادَتِهِ، وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ كَوْنَ ( زِينَةً ) مَصْدَرًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أيْ ولِتَتَزَيَّنُوا بِها زِينَةً، وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ إنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أيْ وجَعَلَها زِينَةً، ورَوى قَتادَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قَرَأ «لِتَرْكَبُوها زِينَةً» بِغَيْرِ واوٍ، قالَ صاحِبُ اللَّوامِحِ إنَّ ( زِينَةً ) حِينَئِذٍ نَصْبٌ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ في ﴿خَلَقَها﴾ أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في ﴿لِتَرْكَبُوها﴾ ولَمْ يُعَيِّنِ الضَّمِيرَ وعَيَّنَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فَقالَ هو المَنصُوبُ، وقالَ غَيْرُ واحِدٍ تَجُوزُ الحالِيَّةُ مِن كُلٍّ مِنَ الضَّمِيرَيْنِ أيْ لِتَرْكَبُوها مُتَزَيِّنِينَ أوْ مُتَزَيَّنًا بِها، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ بَعْدَ حِكايَةِ القِراءَةِ: أيْ خَلَقَها زِينَةً لِتَرْكَبُوها، ومُرادُهُ عَلى ما قِيلَ أنَّ الزِّينَةَ إمّا ثانِي مَفْعُولَيْ- خَلَقَ- عَلى إجْرائِهِ مَجْرى جَعَلَ أوْ هو حالٌ عَنِ المَفْعُولاتِ الثَّلاثَةِ عَلى الجَمْعِ، وجَوَّزَ كَوْنَهُ مَفْعُولًا لَهُ ﴿لِتَرْكَبُوها﴾ وهو بِمَعْنى التَّزَيُّنِ فَلا يَرِدُ عَلَيْهِ اخْتِلافُ فاعِلِ الفِعْلَيْنِ قِيلَ: وأمّا لُزُومُ تَخْصِيصِ الرُّكُوبِ المَطْلُوبِ بِكَوْنِهِ لِأجْلِ الزِّينَةِ وكَوْنِ الحِكْمَةِ في خَلْقِها ذَلِكَ وكَوْنِ ذَلِكَ هو المَقْصُودَ الأصْلِيَّ لَنا فَلا ضَيْرَ فِيهِ لِأنَّ التَّجَمُّلَ بِالمَلابِسِ والمَراكِبِ لا مانِعَ مِنهُ شَرْعًا وهو لا يُنافِي أنْ يَكُونَ لِخَلْقِها حُكْمٌ أهَمُّ كالجِهادِ عَلَيْها وسَفَرِ الطّاعاتِ، وإنَّما خُصَّ لِمُناسَبَتِهِ لِمَقامِ الِامْتِنانِ مَعَ أنَّ الزِّينَةَ عَلى ما قالَ الرّاغِبُ ما لا يَشِينُ في الدُّنْيا ولا في الآخِرَةِ، وأمّا ما يَزِينُ في حالَةٍ دُونِ أُخْرى فَهو مِن وجْهِ شَيْنٍ اهـ فَتَأمَّلْ ولا تَغْفُلْ. واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى حُرْمَةِ أكْلِ لُحُومِ المَذْكُوراتِ لِأنَّ السَّوْقَ في مَعْرِضِ الِاسْتِدْلالِ بِخَلْقِ هَذِهِ النِّعَمِ مِنَّةً عَلى هَذا النَّوْعِ دَلالَةً عَلى التَّوْحِيدِ وسُوءِ صَنِيعِ مَن يُقابِلُها بِالإشْراكِ والحَكِيمُ لا يَمُنُّ بِأدْنى النِّعْمَتَيْنِ تارِكًا أعْلاهُما، كَيْفَ وقَدْ ذُكِرَ أمامًا. ورَوى ابْنُ جَرِيرٍ وغَيْرُهُ القَوْلَ بِكَراهَةِ أكْلِ لُحُومِ الخَيْلِ لِهَذِهِ الآيَةِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما، ورُوِيَ عَنْ أبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ أنَّهُ قالَ: رَخَّصَ بَعْضُ العُلَماءِ في لَحْمِ الخَيْلِ فَأمّا أنا فَلا يُعْجِبُنِي أكْلُهُ، وفي رِوايَةٍ أُخْرى أنَّهُ قالَ: أكْرَهُهُ والأُولى تَلُوحُ إلى قَوْلِهِ بِكَراهَةِ التَّنْزِيهِ والثّانِيَةُ تَدُلُّ عَلى التَّحْرِيمِ بِناءً عَلى ما رُوِيَ عَنْ (p-102)أبِي يُوسُفَ أنَّهُ سَألَهُ إذا قُلْتَ في شَيْءٍ: أكْرَهُهُ فَما رَأْيُكَ فِيهِ؟ فَقالَ: التَّحْرِيمُ، وكَأنَّهُ لِهَذا قالَ صاحِبُ الهِدايَةِ: الأصَحُّ أنَّ كَراهَةَ أكْلِ لَحْمِها تَحْرِيمِيَّةٌ عِنْدَ الإمامِ، وفي العِمادِيَّةِ أنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ رَجَعَ عَنِ القَوْلِ بِالكَراهَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاثَةِ أيّامٍ وعَلَيْهِ الفَتْوى، وقالَ صاحِباهُ والإمامُ الشّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُمْ: لا بَأْسَ بِأكْلِ لُحُومِ الخَيْلِ. وأجابَ بَعْضُ الشّافِعِيَّةِ عَنِ الِاسْتِدْلالِ بِالآيَةِ بِمَنعِ كَوْنِ المَذْكُورِ أدْنى النِّعْمَتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إلى الخَيْلِ قالَ: وذَلِكَ لِأنَّ الآيَةَ ورَدَتْ لِلِامْتِنانِ عَلَيْهِمْ عَلى نَحْوِ ما ألِفُوهُ، ولا يُنْكِرُ ذُو أرَبٍ أنَّ مُعْظَمَ الغَرَضِ مِنَ الخَيْلِ الرُّكُوبُ والزِّينَةُ لا الأكْلُ بِخِلافِ النِّعَمِ، وذِكْرُ أغْلَبِ المَنفَعَتَيْنِ وتَرْكُ أدْناهُما لَيْسَ بِدْعًا بَلْ هو دَأْبُ اخْتِصاراتِ القُرْآنِ وذِكْرُهُ في الأوَّلِ إنْ لَمْ يَصِرْ حُجَّةً لَنا في الِاكْتِفاءِ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلى أنَّهُ نَزْرٌ في المُقابِلِ فَلا يَصِيرُ حُجَّةً عَلَيْنا، فَظَهَرَ أنَّهُ لا اسْتِدْلالَ لا مِن عِبارَةِ الآيَةِ ولا مِن إشارَتِها. واسْتَدَلُّوا عَلى الحِلِّ بِما صَحَّ مِن حَدِيثِ جابِرٍ «أنَّهُ ﷺ نَهى عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ والبِغالِ وأذِنَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في لَحْمِ الخَيْلِ يَوْمَ خَيْبَرَ،» وفِيهِ دَلِيلٌ عِنْدَهم عَلى أنَّ الآيَةَ لا تَدُلُّ عَلى التَّحْرِيمِ لِإفادَتِهِ أنَّ تَحْرِيمَ لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ إنَّما وقَعَ عامَ خَيْبَرَ كَما هو الثّابِتُ عِنْدَ أكْثَرِ المُحَدِّثِينَ وهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فَلَوْ عُلِمَ التَّحْرِيمُ مِمّا فِيها كانَ ثابِتًا قَبْلَهُ، وبُحِثَ فِيهِ بِأنَّ السُّورَةَ وإنْ كانَتْ مَكِّيَّةً يَجُوزُ كَوْنُ هَذِهِ الآيَةِ مَدَنِيَّةً، وفِيهِ أنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَحْتاجُ إلى الرِّوايَةِ ومُجَرَّدُ الجَوازِ لا يَكْفِي، وعُورِضَ حَدِيثُ جابِرٍ بِما أخْرَجَهُ أبُو عُبَيْدٍ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ خالِدِ بْنِ الوَلِيدِ قالَ: ««نَهى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ أكْلِ كُلِّ ذِي نابٍ مِنَ السِّباعِ وعَنْ لُحُومِ الخَيْلِ والبِغالِ والحَمِيرِ»». والتَّرْجِيحُ كَما قالَ في الهِدايَةِ لِلْمُحَرَّمِ، لَكِنْ أنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذا الخَبَرَ يُوهِي أمْرَ الِاسْتِدْلالِ لِما أنَّ خالِدًا قَدْ أسْلَمَ بِالمَدِينَةِ والآيَةُ مَكِّيَّةٌ فَلَوْ كانَ التَّحْرِيمُ مَعْلُومًا مِنها لَما كانَ لِلنَّهْيِ الَّذِي سَمِعَهُ كَثِيرُ فائِدَةٍ، والجُمْلَةُ الِاسْتِدْلالُ بِالآيَةِ عَلى حُرْمَةِ لُحُومِ الخَيْلِ لا يَسْلَمُ مِنَ العِثارِ فَلا بُدَّ مِنَ الرُّجُوعِ في ذَلِكَ إلى الأخْبارِ. والحُكْمُ عِنْدَ تَعارُضِها لا يَخْفى عَلى ذَوِي الِاسْتِبْصارِ، والَّذِي أمِيلُ إلَيْهِ الحَلُّ واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ ﴿ويَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ أيْ ويَخْلُقُ غَيْرَ ذَلِكَ الَّذِي فَصَّلَهُ سُبْحانَهُ لَكُمْ، والتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِما ذَكَرَ لِأنَّ مَجْمُوعَهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ ولا يَكادُ يَكُونُ مَعْلُومًا فالكَلامُ إجْمالًا لِما عَدا الحَيَواناتِ المُحْتاجُ غالِبًا احْتِياجًا ضَرُورِيًّا أوْ غَيْرَ ضَرُورِيٍّ، والعُدُولُ إلى صِيغَةِ الِاسْتِقْبالِ لِلدَّلالَةِ عَلى الِاسْتِمْرارِ والتَّجَدُّدِ أوْ لِاسْتِحْضارِ الصُّورَةِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ إخْبارًا مِنهُ تَعالى بِأنَّ لَهُ سُبْحانَهُ ما لا عِلْمَ لَنا بِهِ مِنَ الخَلائِقِ فَـ (ما لا تَعْلَمُونَ) عَلى ظاهِرِهِ فَقَدْ أخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ««قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إنَّ مِمّا خَلَقَ اللَّهُ تَعالى لَأرْضًا لُؤْلُؤَةً بَيْضاءَ مَسِيرَةَ ألْفِ عامٍ عَلَيْها جَبَلٌ مِن ياقُوتَةٍ حَمْراءَ مُحَدَّقٍ بِها في تِلْكَ الأرْضِ مَلَكٌ قَدْ مَلَأ شَرْقَها وغَرْبَها لَهُ سِتُّمِائَةِ رَأْسٍ في كُلِّ رَأْسٍ سِتُّمِائَةِ وجْهٍ في كُلِّ وجْهٍ سِتُّمِائَةِ ألْفٍ وسِتُّونَ ألْفَ فَمٍ في كُلِّ فَمٍ سِتُّونَ ألْفَ لِسانٍ يُثْنِي عَلى اللَّهِ تَعالى ويُقَدِّسُهُ ويُهَلِّلُهُ ويُكَبِّرُهُ بِكُلِّ لِسانٍ سِتَّمِائَةِ ألْفٍ وسِتِّينَ ألْفَ مَرَّةٍ فَإذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ نَظَرَ إلى عَظَمَةِ اللَّهِ تَعالى فَيَقُولُ: وعِزَّتِكَ ما عَبَدْتُكَ حَقَّ عِبادَتِكَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾» وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنْهُ أنَّ عَنْ يَمِينِ العَرْشِ نَهْرًا مِن نُورٍ مِثْلِ السَّماواتِ السَّبْعِ والأرْضِينَ السَّبْعِ والبِحارِ السَّبْعِ يَدْخُلُ فِيهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ كُلَّ سَحَرٍ فَيَغْتَسِلُ فَيَزْدادُ جَمالًا إلى جَمالِهِ وعِظَمًا إلى عِظَمِهِ ثُمَّ يَنْتَفِضُ فَيَخْلُقُ اللَّهُ تَعالى مِن كُلِّ قَطْرَةٍ تَقَعُ مِن رِيشِهِ كَذا وكَذا ألْفَ مَلَكٍ فَيَدْخَلَ مِنهم كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ (p-103)ألْفَ مَلَكٍ البَيْتَ المَعْمُورَ وسَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ الكَعْبَةَ لا يَعُودُونَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ. ورُوِيَ هَذا أيْضًا عَنِ الضَّحّاكِ ومُقاتِلٍ وعَطاءٍ، ومِمّا لا نَعْلَمُهُ أرْضُ السِّمْسِمَةِ الَّتِي ذَكَرَ عَنْها الشَّيْخُ الأكْبَرُ قُدِّسَ سِرُّهُ ما ذَكَرَ، وجابْرَصا وجابْلَقا حَسْبَما ذَكَرَ غَيْرُ واحِدٍ، وإنْ زَعَمَتْ ذَلِكَ مِنَ الخُرافاتِ كالَّذِي ذَكَرَهُ عَصْرِيُّنا رَئِيسُ الطّائِفَةِ الَّذِينَ سَمَّوْا أنْفُسَهم بِالكَشْفِيَّةِ ودَعاهم أعْداؤُهم مِنَ الإمامِيَّةِ بِالكَشْفِيَّةِ في غالِبِ كُتُبِهِ مِمّا تَضْحَكُ مِنهُ لَعَمْرُ أبِيكَ الثَّكْلى ويَتَمَنّى العالِمُ عِنْدَ سَماعِهِ لِمَزِيدِ حَيائِهِ مِنَ الجَهَلَةِ نُزُولَهُ إلى الأرْضِ السُّفْلى فاقْنَعْ بِما جاءَ في الآثارِ، ولا يُثْنِيَنَّكَ عَنْهُ شِبْهُ الفَلاسِفَةِ إذا صَحَّ سَنَدُهُ فَإنَّها كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ، والَّذِي أظُنُّهُ أنَّهُ لَيْسَ أحَدٌ مِنَ الكُفّارِ فَضْلًا عَنِ المُؤْمِنِينَ يَشُكُّ في أنَّ لِلَّهِ تَعالى خَلْقًا لا نَعْلَمُهم لِيُحْتاجَ إلى إيرادِ الشَّواهِدِ عَلى ذَلِكَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِهَذا الخَلْقِ الخَلْقَ في الجَنَّةِ أيْ ويَخْلُقُ في الجَنَّةِ غَيْرَ ما ذَكَرَ مِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ ما لا تَعْلَمُونَ أيْ ما لَيْسَ مِن شَأْنِكم أنْ تَعْلَمُوهُ، وهو ما أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ﷺ حِكايَةً عَنِ اللَّهِ تَعالى: ««أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ»».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب