الباحث القرآني
﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثالَ﴾ التِفاتٌ إلى الخِطابِ لِلْإيذانِ بِالِاهْتِمامِ بِشَأْنِ النَّهْيِ، والفاءُ لِلدَّلالَةِ عَلى تَرْتِيبِ النَّهْيِ عَلى ما عَدَّدَ مِنَ النِّعَمِ (p-194)الفائِضَةِ عَلَيْهِمْ مِنهُ تَعالى وكَوْنِ آلِهَتِهِمْ بِمَعْزِلٍ مِن أنْ يَمْلِكُوا لَهم رِزْقًا فَضْلًا عَمّا فَضَلَ، والأمْثالُ جَمْعُ مَثَلٍ كَعَلَمٍ، والمُرادُ مِنَ الضَّرْبِ الجَعْلُ فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ تَعالى الأمْثالَ والأكْفاءَ فالآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أنْدادًا﴾ وهَذا ما يَقْتَضِيهِ ظاهِرُ كَلامِ ابْنِ عَبّاسٍ، فَقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ أنَّهُ قالَ في الآيَةِ: يَقُولُ سُبْحانَهُ لا تَجْعَلُوا مَعِي إلَهًا غَيْرِي فَإنَّهُ لا إلَهَ غَيْرِي.
وجَعَلَ كَثِيرَ الأمْثالِ جَمْعَ مَثَلٍ بِالتَّحْرِيكِ، والمُرادُ مِن ضَرْبِ المَثَلِ لِلَّهِ سُبْحانَهُ الإشْراكُ والتَّشْبِيهُ بِهِ جَلَّ وعَلا مِن بابِ الِاسْتِعارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ، فَفي الكَشْفِ أنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَ المُشْرِكَ بِهِ الَّذِي يُشَبِّهُهُ تَعالى بِخَلْقِهِ بِمَنزِلَةِ ضارِبِ المَثَلِ فَإنَّ المُشَبِّهَ المَخْذُولَ يُشَبِّهُ صِفَةً بِصِفَةٍ وذاتًا بِذاتٍ كَما أنَّ ضارِبَ المَثَلِ كَذَلِكَ فَكَأنَّهُ قِيلَ: ولا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ سُبْحانَهُ، وعَدَلَ عَنْهُ إلى المُنَزَّلِ دَلالَةً عَلى التَّعْمِيمِ في النَّهْيِ عَنِ التَّشْبِيهِ وصْفًا وذاتًا، وفي لَفْظِ ( الأمْثالَ ) لِمَن لا مِثالَ لَهُ أصْلًا نَعْيٌ عَظِيمٌ عَلَيْهِمْ بِسُوءِ فِعْلِهِمْ، وفِيهِ إدْماجٌ أنَّ الأسْماءَ تَوْقِيفِيَّةٌ وهَذا هو الظّاهِرُ لِدَلالَةِ الفاءِ وعَدَمِ ذِكْرِ ضَرْبِ مَثَلٍ مِنهم سابِقًا، وهَذا الوَجْهُ هو الَّذِي اخْتارَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وكَلامُ الحَبْرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ لا يَأْباهُ فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ أيْ أنَّهُ تَعالى يَعْلَمُ كُنْهَ ما تَفْعَلُونَ وعِظَمَهُ وهو سُبْحانَهُ مُعاقِبُكم عَلَيْهِ أعْظَمَ العِقابِ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ كُنْهَهُ وكُنْهَ عِقابِهِ فَلِذا صَدَرَ مِنكم وتَجاسَرْتُمْ عَلَيْهِ.
وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المُرادُ النَّهْيَ عَنْ قِياسِ اللَّهِ تَعالى عَلى غَيْرِهِ بِجَعْلِ ضَرْبِ المَثَلِ اسْتِعارَةً لِلْقِياسِ، فَإنَّ القِياسَ إلْحاقُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وهو عِنْدَ التَّحْقِيقِ تَشْبِيهُ مُرَكَّبٍ بِمُرَكَّبٍ، والفَرْقُ بَيْنَهُ وبَيْنَ الوَجْهِ السّابِقِ قَلِيلٌ، وأمْرُ التَّعْلِيلِ عَلى حالِهِ. وجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ وغَيْرُهُ أنْ يَكُونَ المُرادُ النَّهْيَ عَنْ ضَرْبِ الأمْثالِ لِلَّهِ سُبْحانَهُ حَقِيقَةً والمَعْنى فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ تَعالى الأمْثالَ الَّتِي يَضْرِبُها بَعْضُكم لِبَعْضٍ إنَّ اللَّهَ تَعالى يَعْلَمُ كَيْفَ تُضْرَبُ الأمْثالُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ، ووَجْهُ التَّعْلِيلِ ظاهِرٌ، واللّامُ عَلى سائِرِ الأوْجُهِ مُتَعَلِّقَةٌ- بِـ تَضْرِبُوا- وزَعَمَ ابْنُ المُنِيرِ تَعَلُّقَها- بِالأمْثالِ- فِيما إذا كانَ المُرادُ التَّمْثِيلَ لِلْإشْراكِ والتَّشْبِيهِ ثُمَّ قالَ: كَأنَّهُ قِيلَ فَلا تُمَثِّلُوا اللَّهَ تَعالى ولا تُشَبِّهُوهُ، وتَعَلُّقُها- بِـ تَضْرِبُوا- عَلى هَذا الوَجْهِ ثُمَّ قالَ كَأنَّهُ قِيلَ فَلا تُمَثِّلُوا لِلَّهِ تَعالى الأمْثالَ فَإنَّ ضَرْبَ المَثَلِ إنَّما يُسْتَعْمَلُ مِنَ العالِمِ لِغَيْرِ العالِمِ لِيُبَيِّنَ لَهُ ما خَفِيَ عَنْهُ واللَّهُ تَعالى هو العالِمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فَتَمْثِيلُ غَيْرِ العالِمِ لِلْعالِمِ عَكْسٌ لِلْحَقِيقَةِ، ولَيْسَ بِشَيْءٍ والمَعْنى الَّذِي ذَكَرَهُ عَلى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِهِ بِالفِعْلِ خِلافُ ما يَقْتَضِيهِ السِّياقُ وإنْ كانَ التَّعْلِيلُ عَلَيْهِ أظْهَرَ، ومِن هُنا قالَ العَلّامَةُ المُدَقِّقُ في الكَشْفِ في ذَلِكَ بَعْدَ أنْ قالَ إنَّهُ نَهى عَنْ ضَرْبِ الأمْثالِ حَقِيقَةً: كَأنَّهُ أُرِيدَ المُبالَغَةُ في أنْ لا يُلْحِدُوا في أسْمائِهِ تَعالى وصِفاتِهِ فَإنَّهُ إذا لَمْ يَجُزْ ضَرْبُ المَثَلِ والِاسْتِعاراتِ يَكْفِي فِيها شَبَهٌ ما والإطْلاقُ لِتِلْكَ العَلاقَةِ كافٍ فَعَدَمُ جَوازِ إطْلاقِ الأسْماءِ مِن غَيْرِ سَبْقِ تَعْلِيمٍ مِنهُ وإثْباتِ الصِّفاتِ أوْلى وأوْلى،
{"ayah":"فَلَا تَضۡرِبُوا۟ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











