الباحث القرآني

﴿واللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ﴾ أيْ تُضْمِرُونَهُ مِنَ العَقائِدِ والأعْمالِ ﴿وما تُعْلِنُونَ﴾ أيْ تُظْهِرُونَهُ مِنهُما، وحَذْفُ العائِدِ لِمُراعاةِ الفَواصِلِ أيْ يَسْتَوِي بِالنِّسْبَةِ إلى عِلْمِهِ سُبْحانَهُ المُحِيطِ الأمْرانِ، وفي تَقْدِيمِ الأوَّلِ عَلى الثّانِي تَحْقِيقٌ لِلْمُساواةِ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ، وفي ذَلِكَ مِنَ الوَعِيدِ والدَّلالَةِ عَلى اخْتِصاصِهِ تَعالى بِصِفاتِ الإلَهِيَّةِ ما لا يَخْفى، أمّا الأوَّلُ فَلِأنَّ عِلْمَ المَلِكِ القادِرِ بِمُخالَفَةِ عَبْدِهِ يَقْتَضِي مُجازاتَهُ، وكَثِيرًا ما ذُكِرَ عِلْمُ اللَّهِ تَعالى وقُدْرَتُهُ وأُرِيدَ ذَلِكَ، وأمّا الثّانِي فَبِناءً عَلى ما قِيلَ: إنَّ تَقْدِيمَ المُسْنَدِ إلَيْهِ في مِثْلِ ذَلِكَ يُفِيدُ الحَصْرَ، ومِن هُنا قِيلَ: إنَّهُ سُبْحانَهُ أبْطَلَ شِرْكَهم لِلْأصْنامِ أوَّلًا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلُقُ﴾ وأبْطَلَهُ ثانِيًا بِقَوْلِهِ تَبارَكَ اسْمُهُ: ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ﴾ إلَخْ كَأنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ تَعالى عالِمٌ بِذَلِكَ دُونَ ما تُشْرِكُونَ بِهِ فَإنَّهُ لا يَعْلَمُ ذَلِكَ بَلْ لا يَعْلَمُ شَيْئًا أصْلًا فَكَيْفَ يُعَدُّ شَرِيكًا لِعالِمِ السِّرِّ والخَفِيّاتِ. وفِي الكَشْفِ أنَّ في الجُمْلَةِ الأُولى إشْعارًا بِأنَّهُ تَعالى وما كَلَّفَهم حَقَّ الشُّكْرَ لِعَدَمِ الإمْكانِ وتَجاوُزِ سُبْحانَهُ عَنِ المُمْكِنِ إلى السَّهْلِ المَيْسُورِ، وفي الثّانِيَةِ ما يُشْعِرُ بِأنَّهم قَصَّرُوا في هَذا المَيْسُورِ أيْضًا فاسْتَحَقُّوا العِتابَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب