الباحث القرآني

﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ في مُباشَرَتِكم لِما يَسُوءُنِي ﴿ولا تُخْزُونِ﴾ أيْ لا تُذِلُّونِي ولا تُهِينُونِي بِالتَّعَرُّضِ بِالسُّوءِ لِمَن أجَرْتُهم فَهو مِنَ الخِزْيِ بِمَعْنى الذُّلِّ والهَوانِ، وحَيْثُ كانَ التَّعَرُّضُ لَهم بَعْدَ أنْ نَهاهم عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَلا تَفْضَحُونِ﴾ أكْثَرَ تَأْثِيرًا في جانِبِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ وأجْلَبَ (p-72)لِلْعارِ إلَيْهِ إذِ التَّعَرُّضُ لِلْجارِ قَبْلَ العِلْمِ رُبَّما يَتَسامَحُ فِيهِ وأمّا بَعْدَ العِلْمِ والمُناصَبَةِ بِحِمايَتِهِ والذَّبِّ عَنْهُ فَذاكَ أعْظَمُ العارِ، عَبَّرَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَمّا يَعْتَرِيهِ مِن جِهَتِهِمْ بَعْدَ النَّهْيِ المَذْكُورِ بِسَبَبِ لُجاجِهِمْ ومُجاهَرَتِهِمْ بِمُخالَفَتِهِ بِالخِزْيِ وأمْرِهِمْ بِتَقْوى اللَّهِ تَعالى في ذَلِكَ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الخَزايَةِ وهي الحَياءُ أيْ لا تَجْعَلُونِي أسْتَحْيِي مِنَ النّاسِ بِتَعَرُّضِكم لَهم بِالسُّوءِ، واسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمُ الأوَّلَ، وإنَّما لَمْ يُصَرِّحْ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالنَّهْيِ عَنْ نَفْسِ تِلْكَ الفاحِشَةِ قِيلَ: لِأنَّهُ كانَ يَعْرِفُ أنَّهُ لا يُفِيدُهم ذَلِكَ، وقِيلَ: رِعايَةً لِمَزِيدِ الأدَبِ مَعَ ضَيْفِهِ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِما يَثْقُلُ عَلى سَمْعِهِمْ وتَنْفِرُ عَنْهُ طِباعُهم ويَرى الحُرُّ المَوْتَ ألَذَّ طَعْمًا مِنهُ، وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: المُرادُ بِاتَّقُوا اللَّهَ أمْرُهم بِتَقْواهُ سُبْحانَهُ عَنِ ارْتِكابِ الفاحِشَةِ. وتُعِقَّبَ بِأنَّهُ لا يُساعِدُ ذَلِكَ تَوْسِيطَهُ بَيْنَ النَّهْيَيْنِ المُتَعَلِّقَيْنِ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب