الباحث القرآني
﴿قالَ فَما خَطْبُكُمْ﴾ أيْ أمْرُكم وشَأْنُكُمُ الخَطِيرُ الَّذِي لِأجْلِهِ أُرْسِلْتُمْ سِوى البِشارَةِ ﴿أيُّها المُرْسَلُونَ﴾ لَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلِمَ أنَّ كَمالَ المَقْصُودِ لَيْسَ البِشارَةُ مِن مَقالَةٍ لَهم في أثْناءِ المُحاوَرَةِ مَطْوِيَّةً هُنا، وتَوْسِيطُ ( قالَ ) بَيْنَ كَلامَيْهِ عَلَيْهِ السَّلامُ مُشِيرًا إلى أنَّ هُناكَ ما طُوِيَ ذِكْرُهُ، وخِطابُهُ لَهم عَلَيْهِمُ السَّلامُ بِعُنْوانِ الرِّسالَةِ بَعْدَ ما كانَ خِطابُهُ السّابِقُ مُجَرَّدًا عَنْ ذَلِكَ مَعَ تَصْدِيرِهِ بِالفاءِ ظاهِرٌ في أنَّ مَقالَتَهُمُ المَطْوِيَّةَ كانَتْ مُتَضَمِّنَةً ما فُهِمَ مِنهُ ذَلِكَ فَلا حاجَةَ إلى الِالتِجاءِ أنَّ عِلْمَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأنَّ كُلَّ المَقْصُودِ لَيْسَ البِشارَةُ بِسَبَبِ أنَّهم كانُوا ذَوِي عَدَدٍ والبِشارَةُ لا تَحْتاجُ إلى عَدَدٍ ولِذَلِكَ اكْتَفى بِواحِدٍ في زَكَرِيّا ومَرْيَمَ عَلَيْهِما السَّلامُ ولا إلى أنَّهم بَشَّرُوهُ في تَضاعِيفِ الحالِ لِإزالَةِ الوَجِلِ ولَوْ كانَتْ تَمامَ المَقْصُودِ لابْتَدَءُوا بِها عَلى أنَّ فِيما ذُكِرَ بَحْثًا فَقَدْ قِيلَ: إنَّ التَّعْذِيبَ كالبِشارَةِ لا يَحْتاجُ أيْضًا إلى العَدَدِ ألا يَرى أنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَلَبَ مَدائِنَهم بِأحَدِ جَناحَيْهِ، وأيْضًا يُرَدُّ عَلى قَوْلِهِ: ولِذَلِكَ اكْتَفى إلَخْ (p-63)أنَّ زَكَرِيّا عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَكْتَفِ في بِشارَتِهِ بِواحِدٍ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَنادَتْهُ المَلائِكَةُ وهو قائِمٌ يُصَلِّي في المِحْرابِ أنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى﴾ وأمّا مَرْيَمُ عَلَيْها السَّلامُ فَإنَّما جاءَها الواحِدُ لِنَفْخِ الرُّوحِ والهِبَةِ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿لأهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا﴾ وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَنَفَخْنا فِيهِ مِن رُوحِنا﴾ وأمّا التَّبْشِيرُ فَلازِمٌ لِتِلْكَ الهِبَةِ وفي ضِمْنِها ولَيْسَتْ مَقْصُودَةً بِالذّاتِ، وأيْضًا يَخْدِشُ قَوْلُهُ: ولَوْ كانَتْ تَمامَ المَقْصُودِ لابْتَدَأُوا بِها ما في قِصَّةِ مَرْيَمَ عَلَيْها السَّلامُ قالَتْ: ﴿إنِّي أعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ ﴿قالَ إنَّما أنا رَسُولُ رَبِّكِ لأهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا﴾ .
فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ: ﴿لا تَوْجَلْ﴾ تَمْهِيدًا لِلْبِشارَةِ. وأُجِيبَ عَنْ هَذا بِأنَّهُ لا وُرُودَ لَهُ لِأنَّ مَرْيَمَ عَلَيْها السَّلامُ لِنَزاهَةِ شَأْنِها أوَّلُ ما أبْصَرَتْهُ مُتَمَثِّلًا عاجَلَتْهُ بِالِاسْتِعاذَةِ فَلَمْ تَدَعْهُ يَبْتَدِئُ بِالبِشارَةِ بِخِلافِ ما نَحْنُ فِيهِ، وعَمّا تَقَدَّمَ بِأنَّ المَعْنى إنَّ العادَةَ الجارِيَةَ بَيْنَ النّاسِ ذَلِكَ فَيُرْسَلُ الواحِدُ لِلْبِشارَةِ والجَمْعُ لِغَيْرِها مِن حَرْبٍ وأخْذٍ ونَحْوَ ذَلِكَ واللَّهُ تَعالى يُجْرِي الأُمُورَ لِلنّاسِ عَلى ما اعْتادُوهُ فَلا يَرُدُّ قِصَّةَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ في ذَلِكَ وإنْ قِيلَ: المُرادُ بِالمَلائِكَةِ في تِلْكَ الآيَةِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَقَوْلِهِمْ: فُلانٌ يَرْكَبُ الخَيْلَ ويَلْبَسُ الثِّيابَ أيِ الجِنْسَ الصّادِقَ بِالواحِدِ مِن ذَلِكَ قالَهُ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ، وتُعِقِّبَ ما تَقَدَّمَ مِن كَوْنِ العِلْمِ مِن كَلامٍ وقَعَ في أثْناءِ المُحاوَرَةِ وطُوِيَ ذِكْرُهُ بِأنَّهُ بَعِيدٌ وتَوْسِيطُ ( قالَ ) والفاءُ والخِطابُ بِعُنْوانِ الرِّسالَةِ لا يَقْرَبُهُ، أمّا الأوَّلُ فَلِجَوازِ أنْ يَكُونَ لِما أنَّ هُناكَ انْتِقالًا إلى بَحْثٍ آخَرَ ومِثْلُهُ كَثِيرٌ في الكَلامِ، وأمّا الثّانِي فَلِجَوازِ أنْ تَكُونَ فَصِيحَةً عَلى مَعْنًى إذا تَحَقَّقَ هَذا فَأخْبِرُونِي ما أمْرُكُمُ الَّذِي جِئْتُمْ لَهُ سِوى البُشْرى؟، وأمّا الثّالِثُ فَلِجَوازِ أنْ يُقالَ: إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَعْلَمْ بِأنَّهم مَلائِكَةٌ مُرْسَلُونَ مِنَ اللَّهِ تَعالى إلّا بَعْدَ البِشارَةِ ولَمْ يَكُ يُحْسِنُ خِطابَهم بِذَلِكَ عِنْدَ الإنْكارِ أوِ التَّعَجُّبِ مِن بِشارَتِهِمْ، وكَذا لا يُحْسِنُ في الجَوابِ كَما لا يَخْفى عَلى أرْبابِ الأذْواقِ السَّلِيمَةِ بَلْ قَدْ يُقالُ: إنَّهُ لا يُحْسِنُ أيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿إنّا مِنكم وجِلُونَ﴾ عَلى تَقْدِيرِ أنْ يَكُونَ عَلِمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ذَلِكَ قَبْلَ البِشارَةِ لِما أنَّ المَقامَ هُناكَ ضَيِّقٌ مِن أنْ يُطالَ فِيهِ الكَلامُ بِنَحْوِ ذَلِكَ الخِطابِ فَتَدَبَّرْ.
{"ayah":"قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَیُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق