الباحث القرآني

﴿قالَ أبَشَّرْتُمُونِي﴾ بِذَلِكَ ﴿عَلى أنْ مَسَّنِيَ الكِبَرُ﴾ وأثَّرَ فِيَّ والِاسْتِفْهامُ لِلتَّعَجُّبِ، ( وعَلى ) بِمَعْنى مَعَ مِثْلِها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وآتى المالَ عَلى حُبِّهِ﴾ عَلى أحَدِ القَوْلَيْنِ في الضَّمِيرِ، والجارُّ والمَجْرُورُ في مَوْضِعِ الحالِ فَيَكُونُ قَدْ تَعَجَّبَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن بِشارَتِهِمْ إيّاهُ مَعَ هَذِهِ الحالِ المُنافِيَةِ لِذَلِكَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهامُ لِلْإنْكارِ ( وعَلى ) عَلى ما سَمِعْتُ بِمَعْنى أنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ تَكُونَ البِشارَةُ مَعَ الحالِ المَذْكُورَةِ. وزَعَمَ بَعْضُ المُنْتَمِينَ إلى أهْلِ العِلْمِ أنَّ الأوْلى جَعْلُ ( عَلى ) بِمَعْنى في مِثْلُها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ودَخَلَ المَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ﴾ وقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ﴾ لِوَجْهَيْنِ الِاسْتِغْناءِ عَنِ التَّقْدِيرِ وكَوْنِ المُصاحَبَةِ لِصِدْقِها بِأوَّلِ المَسِّ لا تُنافِي البِشارَةَ، وهو لَعَمْرِي ضَرْبٌ مِنَ الهَذَيانِ كَما لا يَخْفى عَلى إنْسانٍ ثُمَّ إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ زادَ في ذَلِكَ فَقالَ: ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ أيْ فَبِأيِّ أُعْجُوبَةٍ تُبَشِّرُونَ أوْ بِأيِّ شَيْءٍ تُبَشِّرُونَ فَإنَّ البِشارَةَ بِما لا يَقَعُ عادَةً بِشارَةٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ الباءُ لِلْمُلابَسَةِ والِاسْتِفْهامُ سُؤالٌ عَنِ الوَجْهِ والطَّرِيقَةِ أيْ تُبَشِّرُونَ مُلْتَبِسِينَ بِأيِّ طَرِيقَةٍ ولا طَرِيقَ لِذَلِكَ في العادَةِ. وقَرَأ الأعْرَجُ «بَشَّرْتُمُونِ» بِغَيْرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ «الكُبْرُ» بِضَمِّ الكافِ وسُكُونِ الباءِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ بِكَسْرِ النُّونِ مُشَدِّدَةً بِدُونِ ياءٍ عَلى إدْغامِ نُونِ الجَمْعِ في نُونِ الوِقايَةِ والِاكْتِفاءِ بِالكَسْرَةِ عَنِ الياءِ. وقَرَأ نافِعٌ بِكَسْرِ النُّونِ مُخَفِّفَةً، واعْتَرَضَ عَلى ذَلِكَ أبُو حاتِمٍ بِأنَّ مِثْلَهُ لا يَكُونُ إلّا في الشِّعْرِ وهو مِمّا لا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وخَرَجَ عَلى حَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ كَما هو مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ اسْتِثْقالًا لِاجْتِماعِ المِثْلَيْنِ ودَلالَةً بِإبْقاءِ نُونِ الوِقايَةِ عَلى الياءِ. وقِيلَ: حُذِفَتْ نُونُ الوِقايَةِ وكُسِرَتْ نُونُ الرَّفْعِ وحُذِفَتِ الياءُ اجْتِزاءً بِالكَسْرَةِ وحَذْفُها كَذَلِكَ كَثِيرٌ فَصِيحٌ وقَدْ قُرِئَ بِهِ في مَواضِعَ عَدِيدَةٍ، ورُجِّحَ الأوَّلُ بِقِلَّةِ المَئُونَةِ واحْتِمالِ عَدَمِ حَذْفِ نُونٍ في هَذِهِ القِراءَةِ بِأنْ يَكُونَ اكْتَفى بِكَسْرِ نُونِ الرَّفْعِ مِن أوَّلِ الأمْرِ خِلافَ المَنقُولِ في كُتُبِ النَّحْوِ والتَّصْرِيفِ وإنْ ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهم. (p-62)وقَرَأ الحَسَنُ كابْنِ كَثِيرٍ إلّا أنَّهُ أثْبَتَ الياءَ وباقِي السَّبْعَةِ يَقْرَؤُونَ بِفَتْحِ النُّونِ وهو نُونُ الرَّفْعِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب