الباحث القرآني

﴿وإنّا لَنَحْنُ نُحْيِي﴾ بِإيجادِ الحَياةِ في بَعْضِ الأجْسامِ القابِلَةِ لَها ﴿ونُمِيتُ﴾ بِإزالَتِها عَنْها فالحَياةُ صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ وهي كَما قِيلَ صِفَةٌ تَقْتَضِي الحِسَّ والحَرَكَةَ الإرادِيَّةَ والمَوْتُ زَوالُ تِلْكَ الصِّفَةِ، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ تَضادُّ الحَياةَ لِظاهِرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ﴾ وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى تَحْقِيقُ ذَلِكَ، وقَدْ يُعَمَّمُ الإحْياءُ والإماتَةُ بِحَيْثُ يَشْمَلُ الحَيَوانَ والنَّباتَ مِثْلَ أنْ يُقالَ: المُرادُ إعْطاءُ قُوَّةِ النَّماءِ وسَلْبُها، وتَقْدِيمُ الضَّمِيرِ لِلْحَصْرِ، وهو إمّا تَوْكِيدٌ لِلْأوَّلِ أوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الجُمْلَةُ بَعْدَهُ والمَجْمُوعُ خَبَرٌ لِإنّا، وجُوِّزَ كَوْنُهُ ضَمِيرَ فَصْلٍ ورَدَّهُ أبُو البَقاءِ بِوَجْهَيْنِ أحَدُهُما أنَّهُ لا يَدْخُلُ عَلى الخَبَرِ الفِعْلِيِّ والثّانِي أنَّ اللّامَ لا تَدْخُلُ عَلَيْهِ، وتُعِقِّبَ ذَلِكَ في الدُّرِّ المَصُونِ بِأنَّ الثّانِي غَلَطٌ فَإنَّهُ ورَدَ دُخُولُ اللّامِ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ هَذا لَهو القَصَصُ الحَقُّ﴾ ودُخُولُهُ عَلى المُضارِعِ مِمّا ذَهَبَ إلَيْهِ الجُرْجانِيُّ وبَعْضُ النُّحاةِ، وجَعَلُوا مِن ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿إنَّهُ هو يُبْدِئُ ويُعِيدُ﴾ ولَعَلَّ ذَلِكَ المُجَوَّزُ مِمَّنْ يَرى هَذا الرَّأْيَ والعَجَبَ مِن أبِي البَقاءِ فَإنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ هُنا وجَوَّزَهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومَكْرُ أُولَئِكَ هو يَبُورُ﴾ كَما نَقَلَهُ في المُغْنِي. ﴿ونَحْنُ الوارِثُونَ﴾ أيِ الباقُونَ بَعْدَ فَناءِ الخَلْقِ قاطِبَةً المالِكُونَ لِلْمُلْكِ عِنْدَ انْقِضاءِ زَمانِ المُلْكِ المَجازِيِّ، الحاكِمُونَ في الكُلِّ أوَّلًا وآخِرًا أوْ لَيْسَ لِأحَدٍ إلّا التَّصَرُّفُ الصُّورِيُّ والمُلْكُ المَجازِيُّ وفي هَذا تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ المُتَأخِّرَ لَيْسَ بِوارِثٍ لِلْمُتَقَدِّمِ كَما يَتَراءى مِن ظاهِرِ الحالِ، وتَفْسِيرُ الوارِثِ بِالباقِي مَرْوِيٌّ عَنْ سُفْيانَ وغَيْرِهِ، وفُسِّرَ بِذَلِكَ في قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ««اللَّهُمَّ مَتِّعْنا بِأسْماعِنا وأبْصارِنا وقُوَّتِنا ما أحْيَيْتَنا واجْعَلْهُ الوارِثَ مِنّا»». وهُوَ مِن بابِ الِاسْتِعارَةِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب