الباحث القرآني
﴿وإنْ مِن شَيْءٍ﴾ (إنْ) نافِيَةٌ (p-30)(ومِن) مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ (وشَيْءٍ) في مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ أيْ ما شَيْءٌ مِنَ الأشْياءِ المُمْكِنَةِ فَيَدْخُلُ فِيها ما ذُكِرَ دُخُولًا أوَّلِيًّا والِاقْتِصارُ عَلَيْهِ قُصُورٌ. وزَعَمَ ابْنُ جُرَيْجٍ وغَيْرُهُ أنَّ الشَّيْءَ هُنا المَطَرُ خاصَّةً.
﴿إلا عِنْدَنا خَزائِنُهُ﴾ الظَّرْفُ خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَأِ (وخَزائِنُهُ) مُرْتَفِعٌ بِهِ عَلى أنَّهُ فاعِلُهُ لِاعْتِمادِهِ أوْ مُبْتَدَأٌ والظَّرْفُ خَبَرُهُ والجُمْلَةُ خَبَرُ لِلْمُبْتَدَأِ الأوَّلِ، والخَزائِنُ جَمْعُ خِزانَةٍ ولا تُفْتَحُ وهي اسْمٌ لِلْمَكانِ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ نَفائِسُ الأمْوالِ لا غَيْرَ غُلِبَتْ- عَلى ما قِيلَ- في العُرْفِ عَلى ما لِلْمُلُوكِ والسَّلاطِينِ مِن خَزائِنِ أرْزاقِ النّاسِ، شُبِّهَتْ مَقْدُوراتُهُ تَعالى الغائِبَةُ لِلْحُصْرِ المُنْدَرِجَةُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ الشّامِلَةِ في كَوْنِها مَسْتُورَةً عَنْ عُلُومِ العالَمِينَ ومَصُونَةً عَنْ وُصُولِ أيْدِيهِمْ مَعَ وُفُورِ رَغْبَتِهِمْ فِيها وكَوْنِها مُتَهَيِّئَةً مُتَأتِّيَةً لِإيجادِهِ وتَكْوِينِهِ بِحَيْثُ مَتى تَعَلَّقَتِ الإرادَةُ بِوُجُودِها وُجِدَتْ بِلا تَأخُّرٍ بِنَفائِسِ الأمْوالِ المَخْزُونَةِ في الخَزائِنِ السُّلْطانِيَّةِ فَذِكْرُ الخَزائِنِ عَلى طَرِيقَةِ الِاسْتِعارَةِ التَّخْيِيلِيَّةِ قالَهُ غَيْرُ واحِدٍ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ قَدْ شَبَّهَ اقْتِدارَهُ تَعالى عَلى كُلِّ شَيْءٍ وإيجادَهُ لِما يَشاءُ بِالخَزائِنِ المُودَعَةِ فِيها الأشْياءُ المُعَدَّةُ لِأنْ يَخْرُجَ مِنها ما شاءَ فَذَكَرَ ذَلِكَ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِعارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ، والمُرادُ ما مِن شَيْءٍ إلّا ونَحْنُ قادِرُونَ عَلى إيجادِهِ وتَكْوِينِهِ، وقِيلَ: الأنْسَبُ أنَّهُ مَثَلٌ لِعِلْمِهِ تَعالى بِكُلِّ مَعْلُومٍ، ووَجْهُهُ- عَلى ما قِيلَ- أنَّهُ يَبْقى (شَيْءٍ) عَلى عُمُومِهِ لِشُمُولِهِ الواجِبَ والمُمْكِنَ بِخِلافِ القُدْرَةِ ولِأنَّ (عِنْدَ) أنْسَبُ بِالعِلْمِ لِأنَّ المَقْدُورَ لَيْسَ عِنْدَهُ إلّا بَعْدَ الوُجُودِ. وتُعِقِّبَ بِأنَّ كَوْنَ المَقْدُوراتِ في خَزّانِ القُدْرَةِ لَيْسَ بِاعْتِبارِ الوُجُودِ الخارِجِيِّ بَلِ الوُجُودِ العِلْمِيِّ، وقالَ قَوْمٌ: الخَزائِنُ عَلى حَقِيقَتِها وهي الأماكِنُ الَّتِي تُحْفَظُ فِيها الأشْياءُ وإنَّ لِلرِّيحِ مَكانًا ولِلْمَطَرِ مَكانًا ولِكُلِّ مَكانٍ حَفَظَةٌ مِنَ المَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، ولا يَخْفى أنَّهُ لا يُمْكِنُ مَعَ تَعْمِيمِ الشَّيْءِ ﴿وما نُنَزِّلُهُ﴾ أيْ نُوجِدُ ما نُكَوِّنُ شَيْئًا مِن تِلْكَ الأشْياءِ مُلْتَبِسًا بِشَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ ﴿إلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ أيْ إلّا مُلْتَبِسًا بِمِقْدارٍ مُعَيَّنٍ تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ وتَسْتَدْعِيهِ المَشِيئَةُ التّابِعَةُ لَها مِن بَيْنِ المَقْدُوراتِ الغَيْرِ المُتَناهِيَةِ فَإنَّ تَخْصِيصَ كُلِّ شَيْءٍ بِصِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ وقَدْرٍ مُعَيَّنٍ ووَقْتٍ مَحْدُودٍ دُونَ ما عَدا ذَلِكَ مَعَ اسْتِواءِ الكُلِّ في الأشْكالِ وصِحَّةِ تَعَلُّقِ القُدْرَةِ بِهِ لا بُدَّ لَهُ مِن حِكْمَةٍ تَقْتَضِي اخْتِصاصَ كُلٍّ مِن ذَلِكَ بِما اخْتَصَّ بِهِ.
وهَذا لِبَيانِ سِرِّ عَدَمِ تَكَوُّنِ الأشْياءِ عَلى وجْهِ الكَثْرَةِ حَسْبَما هو في الخَزائِنِ، وهو إمّا عَطْفٌ عَلى مُقَدَّرٍ أيْ نُنَزِّلُهُ وما نُنَزِّلُهُ إلّا بِقَدَرٍ إلى آخِرِهِ أوْ حالٍ مِمّا سَبَقَ أيْ عِنْدَنا خَزائِنُ كُلِّ شَيْءٍ، والحالُ أنّا ما نُنَزِّلُهُ إلّا بِقَدَرٍ إلى آخِرِهِ، فالأوَّلُ لِبَيانِ سِعَةِ القُدْرَةِ، والثّانِي لِبَيانِ بالِغِ الحِكْمَةِ قالَهُ مَوْلانا شَيْخُ الإسْلامِ. وقَرَأ الأعْمَشُ «وما نُرْسِلُهُ إلّا» إلى آخِرِهِ، وهي عَلى ما في البَحْرِ قِراءَةُ تَفْسِيرٍ لِمُخالَفَتِها لِسَوادِ المُصْحَفِ، والأوْلى في التَّفْسِيرِ ما ذَكَرْنا، وإنَّما عَبَّرَ عَنْ إيجادِ ذَلِكَ وإنْشائِهِ بِالتَّنْزِيلِ لِما أنَّهُ بِطَرِيقِ التَّفَضُّلِ مِنَ العالَمِ العُلْوِيِّ إلى العالَمِ السُّفْلِيِّ وقِيلَ: لِما أنَّ فِيهِ إخْراجَ الشَّيْءِ مِمّا تَمِيلُ إلَيْهِ ذاتُهُ مِنَ العَدَمِ إلى ما لا تَمِيلُ إلَيْهِ ذاتُهُ مِنَ الوُجُودِ، وهَذا كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأنْزَلَ لَكم مِنَ الأنْعامِ ثَمانِيَةَ أزْواجٍ﴾ وقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وأنْزَلْنا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ وكَأنَّ مَن حَمَلَ الشَّيْءَ عَلى المَطَرِ غَرَّهُ ظاهِرُ التَّنْزِيلِ فارْتَكَبَ خِلافَ ظاهِرِهِ جِدًّا، وكَأنَّهُ لَمّا كانَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّدْرِيجِ عُبِّرَ عَنْهُ بِالتَّنْزِيلِ، وجِيءَ بِصِيغَةِ المُضارِعِ لِلدَّلالَةِ عَلى الِاسْتِمْرارِ. واسْتَدَلَّ بَعْضُ القائِلِينَ بِشَيْئِيَّةِ المَعْدُومِ عَلى ذَلِكَ بِهَذِهِ الآيَةِ، وقَدْ بَيَّنَ وجْهَهُ والجَوابَ عَنْهُ الإمامُ ونَحْنُ مَعَ القائِلِينَ بِالشَّيْئِيَّةِ
{"ayah":"وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَاۤىِٕنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥۤ إِلَّا بِقَدَرࣲ مَّعۡلُومࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











