الباحث القرآني
﴿ألَمْ تَرَ﴾ الخِطابُ لِسَيِّدِ المُخاطَبِينَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وقِيلَ: لِمَن يَصْلُحُ لَهُ والفِعْلُ مُعَلَّقٌ بِما بَعْدَهُ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا﴾ أيْ كَيْفَ اعْتَمَلَهُ ووَضَعَهُ في مَوْضِعِهِ اللّائِقِ بِهِ ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ نُصِبَ عَلى البَدَلِيَّةِ مِن ﴿مَثَلا﴾ و﴿ضَرَبَ﴾ مُتَعَدِّيَةٌ إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ كَما ذَهَبَ إلى ذَلِكَ الحَوْفِيُّ والمَهْدَوِيُّ وأبُو البَقاءِ وهو عَلى ما قِيلَ: بَدَلُ اشْتِمالٍ ولَوْ جُعِلَ بَدَلَ كُلٍّ مِن كُلٍّ لَمْ يَبْعُدْ واعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأنَّهُ لا مَعْنى لِقَوْلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ كَلِمَةً طَيِّبَةً إلّا بِضَمِّ ﴿مَثَلا﴾ إلَيْهِ فَمَثَلًا هو المَقْصُودُ بِالنِّسْبَةِ فَكَيْفَ يُبْدَلُ مِنهُ غَيْرُهُ ولا يَخْفى أنَّ هَذا بِناءً عَلى ظاهِرِ قَوْلِ النُّحاةِ: إنَّ المُبْدَلَ في نِيَّةِ الطَّرْحِ وهو غَيْرُ مُسَلَّمٍ وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ صِفَةُ ﴿كَلِمَةً﴾ أوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ هي كَشَجَرَةٍ وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ ﴿كَلِمَةً﴾ مَنصُوبًا بِمُضْمَرٍ و﴿ضَرَبَ﴾ أيْضًا مُتَعَدِّيَةً لِواحِدٍ أيْ جَعَلَ كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أيْ حُكِمَ بِأنَّها مِثْلُها والجُمْلَةُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا﴾ كَقَوْلِكَ: شَرَّفَ الأمِيرُ زَيْدًا كَساهُ حُلَّةً وحَمَلَهُ عَلى فَرَسٍ وتَعَقَّبَ ذَلِكَ أبُو حَيّانَ بِأنَّ فِيهِ تَكَلُّفَ إضْمارٍ لا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ.
وأجابَ عَنْهُ السَّمِينُ بِما فِيهِ بَحْثٌ وجُوِّزَ أيْضًا أنْ يَكُونَ ﴿ضَرَبَ﴾ المَذْكُورُ مُتَعَدِّيًا إلى مَفْعُولَيْنِ إمّا لِكَوْنِهِ (p-213)بِمَعْنى جَعَلَ واتَّخَذَ أوْ لِتَضْمِينِهِ مَعْناهُ و﴿كَلِمَةً﴾ أوَّلُ مَفْعُولَيْهِ قَدْ أُخِّرَ عَنْ ثانِيهِما أعْنِي ﴿مَثَلا﴾ لِئَلّا يَبْعُدَ عَنْ صِفَتِهِ الَّتِي هي ﴿كَشَجَرَةٍ﴾ قِيلَ: ولا يَرِدُ عَلى هَذا بِأنَّ المَعْنى أنَّهُ تَعالى ضَرَبَ لِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ مَثَلًا لا كَلِمَةً طَيِّبَةً مَثَلًا لِأنَّ المَثَلَ عَلَيْهِ بِمَعْنى المُمَثَّلِ بِهِ والتَّقْدِيرُ ذاتُ مَثَلٍ أوَّلُها مَثَلًا وقُرِئَ ( كَلِمَةٌ ) بِالرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ لِكَوْنِها نَكِرَةً مَوْصُوفَةً والخَبَرُ ﴿كَشَجَرَةٍ﴾ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ و﴿كَشَجَرَةٍ﴾ صِفَةً أُخْرى ﴿أصْلُها ثابِتٌ﴾ أيْ ضارِبٌ بِعُرُوقِهِ في الأرْضِ وقَرَأ أنَسُ بْنُ مالِكٍ ( كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ثابِتٍ أصْلُها ) وقِراءَةُ الجَماعَةِ عَلى الأصْلِ وذَكَرُوا أنَّها أقْوى مَعْنًى.
قالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: لِأنَّكَ إذا قُلْتَ ثابِتٍ أصْلُها فَقَدْ أجْرَيْتَ الصِّفَةَ عَلى شَجَرَةٍ ولَيْسَ الثَّباتِ لَها إنَّما هو لِلْأصْلِ والصِّفَةُ إذا كانَتْ في المَعْنى لِما هو مِن سَبَبِ المَوْصُوفِ قَدْ تَجْرِي عَلَيْهِ لَكِنَّها أخَصُّ بِما هي لَهُ لَفْظًا ومَعْنًى فالأحْسَنُ تَقْدِيمُ الأصْلِ عِنايَةً بِهِ ومِن ثَمَّ قالُوا: زَيْدٌ ضَرَبْتُهُ فَقَدَّمُوا المَفْعُولَ عِنايَةً بِهِ حَيْثُ أنَّ الغَرَضَ لَيْسَ ذِكْرَ الفاعِلِ وإنَّما هو ذِكْرُ المَفْعُولِ ثُمَّ لَمْ يَقْنَعُوا بِذَلِكَ حَيْثُ أزالُوهُ عَنْ لَفْظِ الفَضْلَةِ وجَعَلُوهُ رَبَّ الجُمْلَةِ لَفْظًا فَرَفَعُوهُ بِالِابْتِداءِ وصارَ ضَرَبْتُهُ ذَيْلًا لَهُ وفَضْلَةً مُلْحَقَةً بِهِ وكَذَلِكَ قَوْلُكَ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أبُوهُ قائِمٌ أقْوى مَعْنًى مِن قَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ قائِمٍ أبُوهُ لِأنَّ المُخْبَرَ عَنْهُ بِالقِيامِ إنَّما هو الأبُ لا الرَّجُلُ مَعَ ما في التَّقْدِيمِ هُنا مِن حُسْنِ التَّقابُلِ والتَّقْسِيمِ إلّا أنَّ لِقِراءَةِ أنْسٍ وجْهًا حَسَنًا وهو أنَّ ( ثابِتٍ أصْلُها ) صِفَةُ الشَّجَرَةِ وأصْلُ الصِّفَةِ أنْ تَكُونَ اسْمًا مُفْرَدًا لِأنَّ الجُمْلَةَ إذا وقَعَتْ صِفَةً حُكِمَ عَلى مَوْضِعِها بِإعْرابِ المُفْرَدِ وذَلِكَ لَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ الجُمْلَةِ بِخِلافِ ﴿أصْلُها ثابِتٌ﴾ فَإنَّهُ جُمْلَةٌ قَطْعًا وقالَ بَعْضُهم: إنَّها أبْلَغُ ولَمْ يَذْكُرْ وجْهَ ذَلِكَ فَزَعَمَ مَن زَعَمَ أنَّهُ ما أُشِيرَ إلَيْهِ مِن وجْهِ الحُسْنِ وهو بِمَعْزِلٍ عَنِ الصَّوابِ.
وقالَ ابْنُ تَمْجِيدٍ: هو أنَّهُ كَوَصْفِ الشَّيْءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً صُورَةً ومَرَّةً مَعْنًى مَعَ ما فِيهِ مِنَ الإجْمالِ والتَّفْصِيلِ كَما في ﴿ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ فَإنَّهُ لَمّا قِيلَ: ( كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ثابِتٍ ) تَبادَرَ الذِّهْنُ مِن جَعْلِ ( ثابِتٍ ) صِفَةً لِشَجَرَةٍ صُورَةً أنَّ شَيْئًا مِنَ الشَّجَرَةِ مُتَّصِفٌ بِالثَّباتِ ثُمَّ لَمّا قِيلَ: ( أصْلُها ) عُلِمَ صَرِيحًا أنَّ الثَّباتَ صِفَةُ أصْلِ الشَّجَرَةِ وقِيلَ: كَوْنُها أكْثَرَ مُبالَغَةً لِجَعْلِ الشَّجَرَةِ بِثَباتِ أُصُولِها ثابِتَةً بِجَمِيعِ أغْصانِها فَتَدَبَّرْ ﴿وفَرْعُها﴾ أيْ أعْلاها مِن قَوْلِهِمْ: فَرَعَ الجَبَلَ إذا عَلاهُ وسُمِّيَ الأعْلى فَرْعًا لِتَفَرُّعِهِ عَلى الأصْلِ ولِهَذا أُفْرِدَ وإلّا فَكُلُّ شَجَرَةٍ لَها فُرُوعٌ وأغْصانٌ ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ الفُرُوعُ لِأنَّهُ مُضافٌ والإضافَةُ حَيْثُ لا عَهْدَ تَرِدُ لِلِاسْتِغْراقِ أوْ لِأنَّهُ مَصْدَرٌ بِحَسَبِ الأصْلِ وإضافَتُهُ عَلى ما اشْتُهِرَ تُفِيدُ العُمُومَ فَكَأنَّهُ قِيلَ: وفُرُوعُها ﴿فِي السَّماءِ﴾ . (24) . أيْ في جِهَةِ العُلُوِّ
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا كَلِمَةࣰ طَیِّبَةࣰ كَشَجَرَةࣲ طَیِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتࣱ وَفَرۡعُهَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











