الباحث القرآني
﴿وكَذَلِكَ أنْزَلْناهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا﴾ شُرُوعٌ في رَدِّ إنْكارِهِمْ لِفُرُوعِ الشَّرائِعِ الوارِدَةِ ابْتِداءً أوْ بَدَلًا مِنَ الشَّرائِعِ المَنسُوخَةِ بِبَيانِ الحِكْمَةِ في ذَلِكَ وأنَّ الضَّمِيرَ راجِعٌ لِما أُنْزِلَ إلَيْكَ والإشارَةُ إلى مَصْدَرِ ﴿أنْزَلْناهُ﴾ أوْ ﴿أُنْزِلَ إلَيْكَ﴾ أيْ مِثْلُ ذَلِكَ الإنْزالِ البَدِيعِ الجامِعِ لِأُصُولٍ مُجْمَعٍ عَلَيْها وفُرُوعٍ مُتَشَعِّبَةٍ إلى مُوافَقَةٍ ومُخالَفَةٍ حَسْبَما يَقْتَضِيهِ قَضِيَّةُ الحِكْمَةِ أنْزَلْناهُ حاكِمًا يَحْكُمُ في القَضايا والواقِعاتِ بِالحَقِّ ويَحْكُمُ بِهِ كَذَلِكَ والتَّعَرُّضُ لِهَذا العُنْوانِ مَعَ أنَّ بَعْضَهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ لِتَرْبِيَتِهِ وُجُوبَ مُراعاتِهِ وتَحَتُّمِ المُحافَظَةِ عَلَيْهِ والتَّعَرُّضُ لِكَوْنِهِ عَرَبِيًّا أيْ مُتَرْجَمًا بِلِسانِ العَرَبِ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ ذَلِكَ إحْدى مَوادِّ المُخالَفَةِ لِلْكُتُبِ السّابِقَةِ مَعَ أنَّ ذَلِكَ مُقْتَضى الحِكْمَةِ إذْ بِذَلِكَ يَسْهُلُ فَهْمُهُ وإدْراكُ إعْجازِهِ يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ لِلْعَرَبِ وأمّا بِالنِّسْبَةِ إلى غَيْرِهِمْ فَلَعَلَّ الحِكْمَةَ أنَّ ذَلِكَ يَكُونُ داعِيًا لِتَعَلُّمِ العُلُومِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْها ما ذُكِرَ ومِنهم مَنِ اقْتَصَرَ عَلى اشْتِمالِ الإنْزالِ عَلى أُصُولِ الدِّياناتِ المُجْمَعِ عَلَيْها حَسْبَما يُفِيدُهُ عَلى رَأْيِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّما أُمِرْتُ﴾ إلى آخِرِهِ وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ يَأْباهُ التَّعَرُّضُ لِاتِّباعِ أهْوائِهِمْ وحَدِيثِ المَحْوِ والإثْباتِ وأنَّهُ لِكُلِّ أجَلٍ كِتابٌ فَإنَّ المُجْمَعَ عَلَيْهِ لا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الِاسْتِتْباعُ والِاتِّباعُ وقِيلَ: إنَّ الإشارَةَ إلى إنْزالِ الكُتُبِ السّالِفَةِ عَلى الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ والمَعْنى كَما أنْزَلْنا الكُتُبَ عَلى مَن قَبْلَكَ أنْزَلْنا هَذا الكِتابَ عَلَيْكَ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ﴾ يَتَضَمَّنُ إنْزالَهُ تَعالى ذَلِكَ وهَذا الَّذِي أنْزَلْناهُ بِلِسانِ العَرَبِ كَما أنَّ الكُتُبَ السّابِقَةَ بِلِسانِ مَن أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ ﴿وما أرْسَلْنا مِن رَسُولٍ إلا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ وإلى هَذا ذَهَبَ الإمامُ وأبُو حَيّانَ وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: المَعْنى كَما يَسَّرْنا هَؤُلاءِ لِلْفَرَحِ وهَؤُلاءِ لِإنْكارِ البَعْضِ أنْزَلْناهُ حُكْمًا إلى آخِرِهِ ولَيْتَهُ ما قِيلَ والأبْلَغُ الِاحْتِمالُ الأوَّلُ مِمّا أشَرْنا إلَيْهِ ونُصِبَ ﴿حُكْمًا﴾ عَلى الحالِ مِنَ مَنصُوبِ ﴿أنْزَلْناهُ﴾ وإذا أُرِيدَ بِهِ حاكِمًا كانَ هُناكَ مَجازٌ في النِّسْبَةِ كَما لا يَخْفى ونُصِبَ ﴿عَرَبِيًّا﴾ عَلى الحالِ أيْضًا إمّا مِن ضَمِيرٍ ﴿أنْزَلْناهُ﴾ كالحالِ الأُولى فَتَكُونُ حالًا مُتَرادِفَةً أوْ مِنَ المُسْتَتِرِ في الأُولى فَتَكُونُ حالًا مُتَداخِلَةً ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ وصْفًا لِحُكْمًا الحالِ وهي مُوَطِّئَةٌ وهي الِاسْمُ الجامِدُ الواقِعُ حالًا لِوَصْفِهِ بِمُشْتَقٍّ وهو الحالُ في الحَقِيقَةِ والأوَّلُ أوْلى لِأنَّ ﴿حُكْمًا﴾ مَقْصُودٌ بِالحالِيَّةِ هُنا والحالُ المُوَطِّئَةُ لا تُقْصَدُ بِالذّاتِ.
واخْتارَ الطَّبَرْسِيُّ أنَّ مَعْنى ﴿حُكْمًا﴾ حِكْمَةً كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ( وآتَيْناهُ الحُكْمَ والنُّبُوَّةَ ) وهو أحَدُ أوْجُهٍ ذَكَرَها الإمامُ ونَصَبَهُ عَلى الحالِ أيْضًا فَلا تَغْفُلْ واسْتَدَلَّتِ المُعْتَزِلَةُ بِالآيَةِ عَلى حُدُوثِ القُرْآنِ مِن وُجُوهٍ الأوَّلُ أنَّهُ تَعالى وصَفَهُ بِكَوْنِهِ مُنَزَّلًا وذَلِكَ لا يَلِيقُ إلّا بِالمُحْدَثِ.
الثّانِي أنَّهُ وصَفَهُ بِكَوْنِهِ عَرَبِيًّا والعَرَبِيُّ أمْرٌ وضْعِيٌّ وما كانَ كَذَلِكَ كانَ مُحْدَثًا الثّالِثُ أنَّها دَلَّتْ عَلى أنَّهُ إنَّما كانَ حُكْمًا عَرَبِيًّا لِأنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَهُ كَذَلِكَ والمَجْعُولُ مُحْدَثٌ وأجابَ الإمامُ بِأنَّ كُلَّ ذَلِكَ إنَّما يَدُلُّ عَلى أنَّ المُرَكَّبَ مِنَ الحُرُوفِ والأصْواتِ مُحْدَثٌ ولا نِزاعَ فِيهِ (p-168)أيْ بَيْنَ المُعْتَزِلَةِ والأشاعِرَةِ وإلّا فالحَنابِلَةُ عَلى ما اشْتُهِرَ عَنْهم قائِلُونَ بِقِدَمِ الكَلامِ اللَّفْظِيِّ وقَدْ أسْلَفْنا في المُقَدِّماتِ كَلامًا نَفِيسًا في مَسْألَةِ الكَلامِ فارْجِعْ إلَيْهِ ولا يَهُولَنَّكَ قَعاقِعُ المُخالِفِينَ لِسَلَفِ الأُمَّةِ.
﴿ولَئِنِ اتَّبَعْتَ أهْواءَهُمْ﴾ الَّتِي يَدْعُونَكَ إلَيْها كالصَّلاةِ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ بَعْدَ تَحْوِيلِ القِبْلَةِ إلى الكَعْبَةِ وكَتَرْكِ الدَّعْوَةِ إلى الإسْلامِ ﴿بَعْدَما جاءَكَ مِنَ العِلْمِ﴾ العَظِيمِ الشَّأْنِ الفائِضِ عَلَيْكَ مِن ذَلِكَ الحُكْمِ العَرَبِيِّ أوَ العِلْمِ بِمَضْمُونِهِ ﴿ما لَكَ مِنَ اللَّهِ﴾ مِن جَنابِهِ العَزِيزِ جَلَّ شَأْنُهُ والِالتِفاتُ مِنَ التَّكَلُّمِ إلى الغِيبَةِ وإيرادُ الِاسْمِ الجَلِيلِ لِتَرْبِيَةِ المَهابَةِ مِن ولِيٍّ يَلِي أمْرَكَ ويَنْصُرُكَ عَلى مَن يَبْغِيكَ الغَوائِلُ ﴿ولا واقٍ﴾ . (37) . يَقِيكَ مِن مَصارِعِ السُّوءِ وحَيْثُ لَمْ يَسْتَلْزِمُ نَفْيُ النّاصِرِ عَلى العَدُوِّ نَفْيَ الواقِي مِن نِكايَتِهِ أدْخَلَ في المَعْطُوفِ حَرْفَ النَّفْيِ لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِكَ: ما لِيَ دِينارٌ ولا دِرْهَمٌ أوْ ما لَكَ مِن بَأْسِ اللَّهِ تَعالى مِن ناصِرٍ وواقٍ لِاتِّباعِكَ أهْواءَهم بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الحَقِّ وأمْثالُ هَذِهِ القَوارِعِ إنَّما هي لِقَطْعِ أطْماعِ الكَفَرَةِ وتَهْيِيجِ المُؤْمِنِينَ عَلى الثَّباتِ في الدِّينِ لا لِلنَّبِيِّ ﷺ فَإنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِمَكانٍ لا يَحْتاجُ فِيهِ إلى باعِثٍ أوْ مُهَيِّجٍ ومِن هُنا قِيلَ: إنَّ الخِطابَ لِغَيْرِهِ ﷺ واللّامُ في ( لَئِنْ ) مُوَطِّئَةٌ و( مِنَ ) الثّانِيَةِ مَزِيدَةٌ و( ما لَكَ ) سادٌّ مَسَدَّ جَوابَيِ الشَّرْطِ والقَسَمِ
{"ayah":"وَكَذَ ٰلِكَ أَنزَلۡنَـٰهُ حُكۡمًا عَرَبِیࣰّاۚ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم بَعۡدَ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا وَاقࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق