﴿ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ فَأمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ تَرَكْتُهم مِلاوَةً أيْ مِنَ الزَّمانِ ومِنهُ المَلَوانِ في أمْنٍ ودَعَةٍ كَما يُمْلى لِلْبَهِيمَةِ في المَرْعى وهَذا تَسْلِيَةٌ لِلْحَبِيبِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمّا لَقِيَ مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الِاسْتِهْزاءِ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وتَكْذِيبِهِ وعَدَمِ الِاعْتِدادِ بِآياتِهِ واقْتِراحِ غَيْرِها وكُلُّ ذَلِكَ في المَعْنى اسْتِهْزاءٌ ووَعِيدٌ لَهم والمَعْنى أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِكَ بَلْ هو أمْرٌ مُطَّرِدٌ قَدْ فُعِلَ بِرُسُلٍ جَلِيلَةٍ كَثِيرَةٍ كائِنَةٍ مِن قَبْلِكَ فَأمْهَلْتُ الَّذِينَ فَعَلُوهُ بِهِمْ والعُدُولُ في الصِّلَةِ إلى وصْفِ الكُفْرِ لَيْسَ لِأنَّ المُمْلى لَهم غَيْرُ المُسْتَهْزِئِينَ بَلْ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ ذَلِكَ الِاسْتِهْزاءَ كُفْرٌ كَما قِيلَ وفي الإرْشادِ لِإرادَةِ الجَمْعِ بَيْنَ الوَصْفَيْنِ أيْ فَأمْلَيْتُ لِلَّذِينِ كَفَرُوا بِكُفْرِهِمْ مَعَ اسْتِهْزائِهِمْ لا بِاسْتِهْزائِهِمْ فَقَطْ ﴿ثُمَّ أخَذْتُهم فَكَيْفَ كانَ عِقابِ﴾ . (32) . أيْ عِقابِي إيّاهم والمُرادُ التَّعْجِيبُ مِمّا حَلَّ بِهِمْ وفِيهِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى شِدَّتِهِ وفَظاعَتِهِ ما لا يَخْفى.
{"ayah":"وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلࣲ مِّن قَبۡلِكَ فَأَمۡلَیۡتُ لِلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَیۡفَ كَانَ عِقَابِ"}