الباحث القرآني

﴿أفَمَن يَعْلَمُ أنَّما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾ مِنَ القُرْآنِ الَّذِي مُثِّلَ بِالماءِ المُنَزَّلِ مِنَ السَّماءِ والإبْرِيزِ الخالِصِ في المَنفَعَةِ والجَدْوى هو ﴿الحَقُّ﴾ الَّذِي لا حَقَّ وراءَهُ أوِ الحَقُّ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ بِالأمْثالِ المَضْرُوبَةِ فَيَسْتَجِيبُ لَهُ ﴿كَمَن هو أعْمى﴾ عَمى القَلْبِ لا يُدْرِكُهُ ولا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ وهو هو فَيَبْقى حائِرًا في ظُلُماتِ الجَهْلِ وغَياهِبِ الضَّلالِ ولا يَتَذَكَّرُ بِما ضُرِبَ مِنَ الأمْثالِ والمُرادُ كَمَن لا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلّا أنَّهُ أُرِيدَ زِيادَةُ تَقْبِيحِ حالِهِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالأعْمى والهَمْزَةُ لِلْإنْكارِ وإيرادُ الفاءِ بَعْدَها لِتَوْجِيهِ الإنْكارِ إلى تَرَتُّبِ تَوَهُّمِ المُماثَلَةِ عَلى ظُهُورِ حالِ كُلٍّ مِنهُما بِما ضُرِبَ مِنَ الأمْثالِ وما بُيِّنَ مِنَ المَصِيرِ والمَآلِ كَأنَّهُ قِيلَ: أبَعْدَ ما بَيَّنَ حالَ كُلٍّ مِنَ الفَرِيقَيْنِ وما لَهُما يُتَوَهَّمُ المُماثَلَةُ بَيْنَهُما. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما ( أوَمَن يَعْلَمُ ) بِالواوِ مَكانَ الفاءِ ﴿إنَّما يَتَذَكَّرُ﴾ بِما ذُكِرَ مِنَ المُذَكِّراتِ فَيَقِفُ عَلى ما بَيْنَهُما مِنَ التَّفاوُتِ والتَّنائِي ﴿أُولُو الألْبابِ﴾ . (19) . أيِ العُقُولِ الخالِصَةِ المُبَرَّأةِ مِن مُتابَعَةِ الإلْفِ ومُعارَضَةِ الوَهْمِ فاللُّبُّ أخَصُّ مِنَ العَقْلِ وهو الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الرّاغِبُ وقِيلَ: هُما مُتَرادِفانِ والقَصْدُ بِما ذُكِرَ دَفْعُ ما يُتَوَهَّمُ مِن أنَّ الكُفّارَ عُقَلاءُ مَعَ أنَّهم غَيْرُ مُتَذَكِّرِينَ ولَوْ نُزِّلُوا مْنْزِلَةَ المَجانِينِ حَسُنَ ذَلِكَ. والآيَةُ عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما في حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ وأبِي جَهْلٍ وقِيلَ: في عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ وأبِي جَهْلٍ وقِيلَ: في عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ وأبِي جَهْلٍ وقَدْ أشَرْنا إلى وجْهِ اتِّصالِها بِما قَبْلَها والعَلّامَةُ الطَّيِّبِيُّ بَعْدَ أنْ قَرَّرَ وجْهَ الِاتِّصالِ بِأنَّ ( فَمَن يَعْلَمُ ) عُطِفَ عَلى جُمْلَةِ ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا﴾ .. إلَخْ والهَمْزَةُ مُقْحَمَةٌ بَيْنَ المَعْطُوفِ والمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وذَكَرَ مِن مَعْنى الآيَةِ عَلى ذَلِكَ ما ذَكَرَ قالَ: ثُمَّ إنَّكَ إذا أمْعَنْتَ النَّظَرَ وجَدْتَها مُتَّصِلَةً بِفاتِحَةِ السُّورَةِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحَقُّ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾ وهو كَما تَرى
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب