الباحث القرآني
﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا﴾ مِنَ الصّاعِقَةِ ﴿وطَمَعًا﴾ في الغَيْثِ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قالَ: خَوْفًا لِأهْلِ البَحْرِ وطَمَعًا لِأهْلِ البِرِّ وعَنْ قَتادَةَ خَوْفًا لِلْمُسافِرِ مِن أذى المَطَرِ وطَمَعًا لِلْمُقِيمِ في نَفْعِهِ وعَنِ الماوِرْدِيِّ خَوْفًا مِنَ العِقابِ وطَمَعًا في الثَّوابِ والمُرادُ مِنَ البَرْقِ مَعْناهُ المُتَبادَرُ وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ المُرادَ بِهِ الماءُ فَهو مَجازٌ مِن بابِ إطْلاقِ الشَّيْءِ عَلى ما يُقارِنُهُ غالِبًا.
ونُصِبَ ﴿خَوْفًا وطَمَعًا﴾ عَلى أنَّهُما مَفْعُولٌ لَهُ لِيُرِيَكم واتِّحادُ فاعِلِ العِلَّةِ والفِعْلِ المُعَلَّلِ لَيْسَ شَرْطًا لِلنَّصْبِ مُجَمَّعًا فَفي شَرْحِ الكافِيَةِ لِلرَّضِيِّ وبَعْضِ النُّحاةِ لا يُشْتَرَطُ تَشارُكُهُما في الفاعِلِ وهو الَّذِي يَقْوى في ظَنِّي وإنْ كانَ الأغْلَبُ هو الأوَّلُ واسْتُدِلَّ عَلى جَوازِ عَدَمِ التَّشارُكِ بِما ذَكَرْناهُ في حَواشِينا عَلى شَرْحِ القَطْرِ لِلْمُصَنِّفِ.
وفِي هَمْعِ الهَوامِعِ وشَرَطَ الأعْلَمُ والمُتَأخِّرُونَ المُشارَكَةَ لِلْفِعْلِ في الوَقْتِ والفاعِلِ ولَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ ولا أحَدٌ مِنَ المُتَقَدِّمِينَ واحْتاجَ المُشْتَرِطُونَ إلى تَأْوِيلِ هَذا الِاخْتِلافِ في الفاعِلِ فَإنَّ فاعِلَ الإراءَةِ هو اللَّهُ تَعالى وفاعِلَ الطَّمَعِ والخَوْفِ غَيْرُهُ سُبْحانَهُ فَقِيلَ: في الكَلامِ مُضافٌ مُقَدَّرٌ وهو إرادَةٌ أيْ يُرِيكم ذَلِكَ إرادَةَ أنْ تَخافُوا وتَطْعَمُوا فالمَفْعُولُ لَهُ المُضافُ المُقَدَّرُ وفاعِلُهُ وفاعِلُ الفِعْلِ المُعَلَّلِ بِهِ واحِدٌ وقِيلَ: الخَوْفُ والطَّمَعُ مَوْضُوعانِ (p-118)مَوْضِعَ الإخافَةِ والإطْماعِ كَما وُضِعَ النَّباتُ مَوْضِعَ الإنْباتِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واللَّهُ أنْبَتَكم مِنَ الأرْضِ نَباتًا﴾ والمَصادِرُ يَنُوبُ بَعْضُها عَنْ بَعْضٍ أوْ هُما مَصْدَرانِ مَحْذُوفا الزَّوائِدِ كَما في شَرْحِ التَّسْهِيلِ وقِيلَ: إنَّهُما مَفْعُولٌ لَهُ بِاعْتِبارِ أنَّ المُخاطَبِينَ رائِينَ لِأنَّ إراءَتَهم مُتَضَمِّنَةٌ لِرُؤْيَتِهِمْ والخَوْفَ والطَّمَعَ مِن أفْعالِهِمْ فَهم فَعَلُوا الفِعْلَ المُعَلَّلَ بِذَلِكَ وهو الرُّؤْيَةُ فَيَرْجِعُ إلى مَعْنى قَعَدْتُ عَنِ الحَرْبِ جُبْنًا وهَذا عَلى طَرِيقَةِ قَوْلِ النّابِغَةِ الذُّبْيانِيِّ: .
؎وحَلَّتْ بُيُوتِي في يِفاعٍ مُمْنِعٍ يَخالُ بِهِ راعِي الحُمُولَةِ طائِرا
؎حِذارًا عَلى أنْ لا تَنالَ مَقادَتِي ∗∗∗ ولا نِسْوَتِي حَتّى يَمُتْنَ حَرائِرا
حَيْثُ قِيلَ: إنَّهُ عَلى مَعْنى أحْلَلْتُ بُيُوتِي حِذارًا ورَدَّ ذَلِكَ المَوْلى أبُو السُّعُودِ بِأنَّهُ لا سَبِيلَ إلَيْهِ لِأنَّ ما وقَعَ في مَعْرِضِ العِلَّةِ الغائِيَّةِ لا سِيَّما الخَوْفَ لا يَصْلُحُ عِلَّةً لِرُؤْيَتِهِمْ وتَعَقَّبَهُ عَزْمِي زادَهْ وغَيْرُهُ بِأنَّهُ كَلامٌ واهٍ لِأنَّ القائِلَ صَرَّحَ بِأنَّهُ مِن قَبِيلِ قَعَدْتُ عَنِ الحَرْبِ جُبْنًا ويُرِيدُ أنَّ المَفْعُولَ لَهُ حامِلٌ عَلى الفِعْلِ ومَوْجُودٌ قَبْلَهُ ولَيْسَ مِمّا جُعِلَ في مَعْرِضِ العِلَّةِ الغائِيَّةِ كَما قالُوا في ضَرَبْتُهُ تَأْدِيبًا فَلا وجْهَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ بِما ذُكِرَ وقِيلَ: التَّعْلِيلُ هُنا مِثْلُهُ في لامِ العاقِبَةِ لا أنَّ ذَلِكَ مِن قَبِيلِ قَعَدْتُ عَنِ الحَرْبِ جُبْنًا كَما ظَنَّ لِأنَّ الجُبْنَ باعِثٌ عَلى القُعُودِ دُونَهُما لِلرُّؤْيَةِ وهو غَيْرُ وارِدٍ لِأنَّهُ باعِثٌ بِلا شُبْهَةَ واعْتَرَضَ عَلَيْهِ العَزْمِيُّ بِأنَّ اللّامَ المُقَدَّرَةَ في المَفْعُولِ لَهُ لَمْ يَقُلْ أحَدٌ بِأنَّها تَكُونُ لامَ العاقِبَةِ ولا يُساعِدُهُ الِاسْتِعْمالُ وهو لَيْسَ بِشَيْءٍ كَيْفَ وقَدْ قالَ النُّحاةُ كَما في الدُّرِّ المَصُونِ: إنَّهُ كَقَوْلِ النّابِغَةِ السّابِقِ وقالَ أيْضًا: بَقِيَ ها هُنا بَحْثٌ وهو أنَّ مُقْتَضى جَعْلِ الآيَةِ نَحْوَ قَعَدْتُ إلى آخِرِهِ عَلى ما قالَهُ ذَلِكَ القائِلُ أنْ يَكُونَ الخَوْفُ والطَّمَعُ مُقَدَّمَيْنِ في الوُجُودِ عَلى الرُّؤْيَةِ ولَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُما إنَّما يَحْصُلانِ مِنها ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ: المُرادُ بِكُلٍّ مِنَ الخَوْفِ والطَّمَعِ عَلى ما قالَهُ ما هو مِنَ المَلَكاتِ النَّفْسانِيَّةِ كالجُبْنِ في المِثالِ المَذْكُورِ ويَصِحُّ تَعْلِيلُ الرُّؤْيَةِ مِنَ الإراءَةِ بِهِما يَعْنِي أنَّ الرُّؤْيَةَ الَّتِي تَقَعُ بِإراءَةِ اللَّهِ سُبْحانَهُ إنَّما كانَتْ لِما فِيهِمْ مِنَ الخَوْفِ والطَّمَعِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ في جِبِلَّتِهِمْ ذَلِكَ لَما كانَ لِتِلْكَ الرُّؤْيَةِ فائِدَةٌ. اهَـ. ولا يَخْفى ما فِيهِ مِنَ التَّعَسُّفِ وقَدْ عَلِمْتَ أنَّهُ غَيْرُ وارِدٍ وقِيلَ: إنَّ النَّصْبَ عَلى الحالِيَّةِ مِنَ ( البَرْقَ ) أوِ المُخاطَبِينَ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ أوْ تَأْوِيلِ المَصْدَرِ بِاسْمِ المَفْعُولِ أوِ الفاعِلِ أوْ إبْقاءِ المَصْدَرِ عَلى ما هو عَلَيْهِ لِلْمُبالَغَةِ كَما قِيلَ في زَيْدٌ عَدْلٌ ﴿ويُنْشِئُ السَّحابَ﴾ أيِ الغَمامَ المُنْسَحِبَ في الهَواءِ ﴿الثِّقالَ﴾ . (12) . بِالماءِ وهي جُمَعُ ثَقِيلَةٍ وُصِفَ بِها السَّحابُ لِكَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ في مَعْنى الجَمْعِ ويُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ فَكَأنَّهُ جَمْعُ سَحابَةٍ ثَقِيلَةٍ لا أنَّهُ جَمْعٌ أوِ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعىٍّ لْإطْلاقِهِ عَلى الواحِدِ وغَيْرِهِ.
{"ayah":"هُوَ ٱلَّذِی یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَیُنشِئُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











