الباحث القرآني

﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذا﴾ هو القَمِيصُ الَّذِي كانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ كَما هو الظّاهِرُ وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وغَيْرِهِ أنَّهُ القَمِيصُ الَّذِي كَساهُ اللَّهُ تَعالى إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ أُلْقِيَ في النّارِ وكانَ مِن قُمُصِ الجَنَّةِ جَعَلَهُ يَعْقُوبُ حِينَ وصَلَ إلَيْهِ في قَصَبَةٍ فِضَّةٍ وعَلَّقَهُ في عُنُقِ يُوسُفَ وكانَ لا يَقَعُ عَلى عاهَةٍ مِن عاهاتِ الدُّنْيا إلّا بَرَّأها بِإذْنِ اللَّهِ تَعالى وضَعَّفَ هَذا بِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿إنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ لابِسًا لَهُ في تَعْوِيذَتِهِ كَما تَشْهَدُ بِهِ الإضافَةُ إلى ضَمِيرِهِ وهو تَضْعِيفٌ ضَعِيفٌ كَما لا يَخْفى وقِيلَ هو القَمِيصُ الَّذِي قُدَّ مِن دُبُرٍ وأرْسَلَهُ لِيَعْلَمَ أنَّهُ عُصِمَ مِنَ الفاحِشَةِ ولا يَخْفى بُعْدُهُ وأيًّا ما كانَ فالباءُ إمّا لِلْمُصاحَبَةِ أوْ لِلْمُلابَسَةِ أيِ اذْهَبُوا مَصْحُوبِينَ أوْ مُلْتَبِسِينَ بِهِ أوْ لِلتَّعْدِيَةِ عَلى ما قِيلَ أيْ أذْهِبُوا قَمِيصِيَ هَذا ﴿فَألْقُوهُ عَلى وجْهِ أبِي يَأْتِ بَصِيرًا﴾ أيْ يَصِرْ بَصِيرًا ويَشْهَدْ لَهُ ﴿فارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ أوْ يَأْتِ إلَيَّ وهو بَصِيرٌ ويَنْصُرُهُ قَوْلُهُ: ﴿وأْتُونِي بِأهْلِكم أجْمَعِينَ﴾ . (93) . مِنَ النِّساءِ والذَّرارِي وغَيْرِهِمْ مِمّا لا يَنْتَظِمُهُ لَفْظُ الأهْلِ كَذا قالُوا. وحاصِلُ الوَجْهَيْنِ كَما قالَ بَعْضُ المُدَقِّقِينَ أنَّ الإتْيانَ في الأوَّلِ مَجازٌ عَنِ الصَّيْرُورَةِ ولَمْ يُذْكَرْ إتْيانُ الأبِ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ داخِلًا في الأهْلِ فَإنَّهُ يَجِلُّ عَنِ التّابِعِيَّةِ بَلْ تَفادِيًا عَنْ أمْرِ الإخْوَةِ بِالإتْيانِ لِأنَّهُ نَوْعٌ إجْبارٍ عَلى مَن يُؤْتى بِهِ فَهو إلى اخْتِيارِهِ وفي الثّانِي عَلى الحَقِيقَةِ وفِيهِ التَّفادِي المَذْكُورُ والجَزْمُ بِأنَّهُ مِنَ الآتِينَ لا مَحالَةَ وُثُوقًا بِمَحَبَّتِهِ وإنَّ فائِدَةَ الإلْقاءِ إتْيانُهُ عَلى ما أحَبَّ مِن كَوْنِهِ مُعافًى سَلِيمَ البَصَرِ وفِيهِ أنَّ صَيْرُورَتَهُ بَصِيرًا أمْرٌ (p-53)مَفْرُوغٌ عَنْهُ مَقْطُوعٌ إنَّما الكَلامُ في تَسَبُّبِ الإلْقاءِ لِإتْيانِهِ كَذَلِكَ فَهَذا الوَجْهُ أرْجَحُ وإنْ كانَ الأوَّلُ مِنَ الخِلافَةِ بِالقَبُولِ بِمَنزِلٍ وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ وعِلْمُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِذَلِكَ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بِإعْلامِهِمْ ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بِالوَحْيِ وكَذا عِلْمُهُ بِما يَتَرَتَّبُ عَلى الإلْقاءِ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ عَنْ وحْيٍ أيْضًا أوْ عَنْ وُقُوفٍ مِن قَبْلُ عَلى خَواصِّ ذَلِكَ القَمِيصِ بِالتَّجْرِبَةِ أوْ نَحْوِها إنْ كانَ المُرادُ بِالقَمِيصِ الَّذِي كانَ في التَّعْوِيذَةِ ويَتَعَيَّنُ الِاحْتِمالُ الأوَّلُ إنْ كانَ المُرادُ غَيْرَهُ عَلى ما هو الظّاهِرُ وقالَ الإمامُ: يُمْكِنُ أنْ يُقالَ: لَعَلَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلِمَ أنَّ أباهُ ما عَرا بَصَرَهُ ما عَراهُ إلّا مِن كَثْرَةِ البُكاءِ وضِيقِ القَلْبِ فَإذا أُلْقِيَ عَلَيْهِ قَمِيصُهُ فَلا بُدَّ وأنْ يَنْشَرِحَ صَدْرُهُ وأنْ يَحْصُلَ في قَلْبِهِ الفَرَحُ الشَّدِيدُ وذَلِكَ يُقَوِّي الرُّوحَ ويُزِيلُ الضَّعْفَ عَنِ القُوى فَحِينَئِذٍ يَقْوى بَصَرُهُ ويَزُولُ عَنْهُ ذَلِكَ النُّقْصانُ فَهَذا القَدْرُ مِمّا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِالعَقْلِ فَإنَّ القَوانِينَ الطِّبِّيَّةَ تَدُلُّ عَلى صِحَّتِهِ وأنا لا أرى ذَلِكَ قالَ الكَلْبِيُّ: وكانَ أُولَئِكَ الأهْلُ نَحْوًا مِن سَبْعِينَ إنْسانًا وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ أنَّهُمُ اثْنانِ وسَبْعُونَ مِن ولَدِهِ ووَلَدِ ولَدِهِ وقِيلَ: ثَمانُونَ وقِيلَ: تِسْعُونَ وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهم ثَلاثَةٌ وتِسْعُونَ وقِيلَ: سِتٌّ وتِسْعُونَ وقَدْ نَمَوْا في مِصْرَ فَخَرَجُوا مِنها مَعَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وهم سِتُّمِائَةِ ألْفٍ وخَمْسُمِائَةٍ وبِضْعَةٌ وسَبْعُونَ رَجُلًا سِوى الذُّرِّيَّةِ والهَرْمى وكانَتِ الذَّرِّيَّةُ ألْفَ ألْفٍ ومِائَتَيْ ألْفٍ عَلى ما قِيلَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب