الباحث القرآني

﴿وجاءَ إخْوَةُ يُوسُفَ﴾ مُمْتارِينَ لِما أصابَ أرْضَ كَنْعانَ وبِلادَ الشّامِ ما أصابَ مِصْرَ وقَدْ كانَ حَلَّ بِآلِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ ما آلَ بِأهْلِها فَدَعا أبْناءَهُ ما عَدا بِنْيامِينَ فَقالَ لَهم: يا بَنِيَّ بَلَغَنِي أنَّ بِمِصْرَ مَلِكًا صالِحًا يَبِيعُ (p-8)الطَّعامَ فَتَجَهَّزُوا إلَيْهِ واقْصِدُوهُ تَشْتَرُوا مِنهُ ما تَحْتاجُونَ إلَيْهِ فَخَرَجُوا حَتّى قَدِمُوا مِصْرَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلامُ وهو في مَجْلِسِ وِلايَتِهِ فَعَرَفَهم لِقُوَّةِ فَهْمِهِ وعَدَمِ مُبايَنَةِ أحْوالِهِمُ السّابِقَةِ أحْوالَهم يَوْمَ المُفارَقَةِ لِمُفارَقَتِهِ إيّاهم وهم رِجالٌ وتَشابُهِ هَيْئاتِهِمْ وزِيِّهِمْ في الحالَيْنِ ولِكَوْنِ هِمَّتِهِ مَعْقُودَةً بِهِمْ وبِمَعْرِفَةِ أحْوالِهِمْ لا سِيَّما في زَمَنِ القَحْطِ ولَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ مُتَرَقِّبًا مَجِيئَهم إلَيْهِ لِما يَعْلَمُ مِن تَأْوِيلِ رُؤْياهُ ورُوِيَ أنَّهُمُ انْتَسَبُوا في الِاسْتِئْذانِ عَلَيْهِ فَعَرَفَهم وأمَرَ بِإنْزالِهِمْ ولِذَلِكَ قالَ الحَسَنُ: ما عَرَفَهم حَتّى تَعَرَّفُوا إلَيْهِ وتُعُقِّبَ ذَلِكَ في الِانْتِصافِ بِأنَّ تَوْسِيطَ الفاءِ بَيْنَ دُخُولِهِمْ عَلَيْهِ ومَعْرِفَتِهِ لَهم يَأْبى كَلامَ الحَسَنِ ويَدُلُّ عَلى أنَّ مُجَرَّدَ دُخُولِهِمْ عَلَيْهِ اسْتَعْقَبَهُ المَعْرِفَةُ بِلا مُهْلَةٍ وفِيهِ تَأمُّلٌ. ﴿وهم لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ . (58) . أيْ والحالُ أنَّهم مُنْكِرُونَ لَهُ لِنِسْيانِهِمْ لَهُ بِطُولِ العَهْدِ وتَبايُنِ ما بَيْنَ حالَيْهِ في نَفْسِهِ ومَنزِلَتِهِ وزِيِّهِ ولِاعْتِقادِهِمْ أنَّهُ هَلَكَ وقِيلَ: إنَّما لَمْ يَعْرِفُوهُ لِأنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أوْقَفَهم مَوْقِفَ ذَوِي الحاجاتِ بَعِيدًا مِنهُ وكَلَّمَهم بِالواسِطَةِ وقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ لِمَحْضِ أنَّهُ سُبْحانَهُ لَمْ يَخْلُقِ العِرْفانَ في قُلُوبِهِمْ تَحْقِيقًا لِما أخْبَرَ أنَّهُ سَيُنْبِئُهم بِأمْرِهِمْ وهم لا يَشْعُرُونَ فَكانَ ذَلِكَ مُعْجِزَةً لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ وقابَلَ المَعْرِفَةَ بِالإنْكارِ عَلى ما هو الِاسْتِعْمالُ الشّائِعُ فَعَنِ الرّاغِبِ المَعْرِفَةُ والعِرْفانُ مَعْرِفَةُ الشَّيْءِ بِتَفَكُّرٍ في إثْرِهِ فَهو أخَصُّ مِنَ العِلْمِ وأصْلُهُ مِن عَرَفْتُ أيْ أصَبْتُ عَرْفَهُ أيْ رائِحَتَهُ ويُضادُّ المَعْرِفَةَ الإنْكارُ والعِلْمُ والجَهْلُ وحَيْثُ كانَ إنْكارُهم لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أمْرًا مُسْتَمِرًّا في حالَتَيِ المَحْضَرِ والمَغِيبِ أُخْبِرَ عَنْهُ بِالجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ بِخِلافِ عِرْفانِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ إيّاهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب