الباحث القرآني
﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ﴾ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ واحِدٍ أنَّ ذَلِكَ إشارَةٌ إلى التَّثَبُّتِ مَعَ ما تَلاهُ مِنَ القِصَّةِ أجْمَعَ فَهو مِن كَلامِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ جَعَلَهُ فَذْلَكَةً مِنهُ لِما نَهَضَ لَهُ أوَّلًا مِنَ التَّشَمُّرِ لِطَهارَةِ ذَيْلِهِ وبَراءَةِ ساحَتِهِ، وقَدْ حَكى اللَّهُ تَعالى ما وقَعَ مِن ذَلِكَ طِبْقَ الوُجُودِ مَعَ رِعايَةِ ما عَلَيْهِ دَأْبُ القُرْآنِ مِنَ الإيجازِ كَحَذْفِ فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ فَأنْهاهُ مَقالَةَ يُوسُفَ فَأحْضَرَهُنَّ سائِلًا قالَ: ﴿ما خَطْبُكُنَّ﴾ إلَخْ، وكَذَلِكَ كَما قِيلَ في ﴿قالَتِ امْرَأتُ العَزِيزِ﴾ إلَخْ، وكَذَلِكَ هَذا أيْضًا لِأنَّ المَعْنى فَرَجَعَ إلَيْهِ الرَّسُولُ قائِلًا فَتَّشَ المَلِكُ عَنْ كُنْهِ الأمْرِ وبانَ لَهُ جَلِيَّةَ الحَقِّ مِن عِصْمَتِكَ وأنَّكَ لَمْ تَرْجِعْ في ذَلِكَ المَقامِ الدَّحْضِ بِمَسِّ مَلامٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ قالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ﴾ العَزِيزُ ﴿أنِّي لَمْ أخُنْهُ﴾ في حُرْمَتِهِ ﴿بِالغَيْبِ﴾ أيْ بِظَهْرِ الغَيْبِ، وقِيلَ: ضَمِيرُ (يَعْلَمَ) لِلْمَلِكِ، وضَمِيرُ (أخُنْهُ) لِلْعَزِيزِ، وقِيلَ: لِلْمَلِكِ أيْضًا لِأنَّ خِيانَةَ وزِيرِهِ خِيانَةٌ لَهُ، والباءُ إمّا لِلْمُلابَسَةِ أوْ لِلظَّرْفِيَّةِ، وعَلى الأوَّلِ هو حالٌ مِن فاعِلِ ﴿أخُنْهُ﴾ أيْ تَرَكْتُ خِيانَتَهُ وأنا غائِبٌ عَنْهُ، أوْ مِن مَفْعُولِهِ أيْ وهو غائِبٌ عَنِّي وهُما مُتَلازِمانِ، وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ حالًا مِنهُما ولَيْسَ بِشَيْءٍ، وعَلى الثّانِي فَهو ظَرْفُ لَغْوٍ لِما عِنْدَهُ أيْ ﴿لَمْ أخُنْهُ﴾ بِمَكانِ الغَيْبِ وراءَ الأسْتارِ والأبْوابِ المُغْلَقَةِ، ويَحْتَمِلُ الحالِيَّةَ أيْضًا ﴿وأنَّ اللَّهَ﴾ أيْ ولِيَعْلَمَ أنَّ اللَّهَ تَعالى.
﴿لا يَهْدِي كَيْدَ الخائِنِينَ﴾ أيْ لا يُنْفِذُهُ ولا يُسَدِّدُهُ بَلْ يُبْطِلُهُ ويُزْهِقُهُ فَهِدايَةُ الكَيْدِ مَجازٌ عَنْ تَنْفِيذِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ لا يَهْدِي الخائِنِينَ بِسَبَبِ كَيْدِهِمْ فَأوْقَعَ الهِدايَةَ المَنفِيَّةَ عَلى الكَيْدِ وهي واقِعَةٌ عَلَيْهِمْ تَجَوُّزًا لِلْمُبالَغَةِ لِأنَّهُ إذا لَمْ يُهْدَ السَّبَبَ عُلِمَ مِنهُ عَدَمُ هِدايَةِ مُسَبِّبِهِ بِالطَّرِيقِ الأُولى، وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِامْرَأةِ العَزِيزِ في خِيانَتِها أمانَتَهُ، وبِهِ في خِيانَتِهِ أمانَةَ اللَّهِ تَعالى حِينَ ساعَدَها عَلى حَبْسِهِ بَعْدَما رَأوُا الآياتِ الدّالَّةَ عَلى نَزاهَتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا لِأمانَتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى مَعْنى لَوْ كُنْتُ خائِنًا لَما هَدى اللَّهُ تَعالى كَيْدِي ولا سَدَّدَهُ، وتُوهِمُ عِبارَةُ بَعْضِهِمْ عَدَمَ اجْتِماعِ التَّأْكِيدِ والتَّعْرِيضِ، والحَقُّ أنَّهُ لا مانِعَ مِن ذَلِكَ، وأرادَ بِكَيْدِهِ تَشَمُّرَهُ وثَباتَهُ ذَلِكَ، وتَسْمِيَتُهُ كَيْدًا عَلى فَرْضِ الخِيانَةِ عَلى بابِها حَقِيقَةٌ كَما لا يَخْفى، فَما في الكَشْفِ مِن أنَّهُ سَمّاهُ كَيْدًا اسْتِعارَةٌ أوْ مُشاكَلَةٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وقِيلَ: إنَّ ضَمِيرَ (يَعْلَمُ) و﴿لَمْ أخُنْهُ﴾ لِلَّهِ تَعالى أيْ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ تَعالى أنِّي لَمْ أعْصِهِ أيْ لِيُظْهِرَ أنِّي غَيْرُ عاصٍ ويُكْرِمَنِي بِهِ ويَصِيرُ سَبَبَ رَفْعِ مَنزِلَتِي، ولِيُظْهِرَ أنَّ كَيْدَ الخائِنِ لا يَنْفُذُ وأنَّ العاقِبَةَ لِلْمُطِيعِ لا لِلْعاصِي فَهو نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ﴾ ولَهُ نَظائِرُ أُخَرُ في القُرْآنِ كَثِيرَةٌ إلّا أنَّ اللَّهَ تَعالى أخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ وأمّا غَيْرُهُ فَلَمْ يَرِدْ في الكِتابِ العَزِيزِ، وفِيهِ نَوْعُ إيهامٍ التَّحاشِي عَنْهُ أحْسَنُ عَلى أنَّ المَقامَ لِما تَقَدَّمَ أدْعى.
(تَمَّ الجُزْءُ الثّانِيَ عَشَرَ ويَلِيهِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى الجُزْءُ الثّالِثَ عَشَرَ وأوَّلُهُ ﴿وما أُبَرِّئُ نَفْسِي﴾ ) .
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ لِیَعۡلَمَ أَنِّی لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَیۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی كَیۡدَ ٱلۡخَاۤىِٕنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











