الباحث القرآني
﴿ما تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ﴾ أيْ مِن دُونِ اللَّهِ تَعالى شَيْئًا ﴿إلا أسْماءً﴾ أيْ ألْفاظًا فارِغَةً لا مُطابِقَ لَها في الخارِجِ لِأنَّ ما لَيْسَ فِيهِ مِصْداقُ إطْلاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ لا وُجُودَ لَهُ أصْلًا فَكانَتْ عِبادَتُهم لِتِلْكَ الألْفاظِ فَقَطْ ﴿سَمَّيْتُمُوها﴾ جَعَلُوها أسْماءً ﴿أنْتُمْ وآباؤُكُمْ﴾ بِمَحْضِ الجَهْلِ والضَّلالَةِ ﴿ما أنْزَلَ اللَّهُ بِها﴾ أيْ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ (p-245)المُسْتَتْبَعَةِ لِلْعِبادَةِ ﴿مِن سُلْطانٍ﴾ أيْ حُجَّةٍ تَدُلُّ عَلى صِحَّتِها، وقِيلَ: كانُوا يُطْلِقُونَ عَلى مَعْبُوداتِهِمُ الباطِلَةِ اسْمَ الآلِهَةِ ويَزْعُمُونَ الدَّلِيلَ عَلى ذَلِكَ فَرُدُّوا بِأنَّكم سَمَّيْتُمْ ما لَمْ يَدُلَّ عَلى اسْتِحْقاقِهِ هَذا الِاسْمَ عَقْلٌ ولا نَقْلٌ ثُمَّ أخَذْتُمْ تَعْبُدُونَ ذَلِكَ بِاعْتِبارِ ما تُطْلِقُونَهُ عَلَيْهِ، وإنَّما لَمْ يَذْكُرِ المُسَمَّياتِ تَرْبِيَةً لِما يَقْتَضِيهِ المَقامُ مِن إسْقاطِها عَنْ مَرْتَبَةِ الوُجُودِ وإيذانًا بِأنَّ تَسْمِيَتَهم في البُطْلانِ حَيْثُ كانَتْ بِلا مُسَمًّى كَعِبادَتِهِمْ حَيْثُ كانَتْ بِلا مَعْبُودٍ، ويَلْحَقُ بِهَؤُلاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أنَّهم يَعْبُدُونَ اللَّهَ تَعالى وهم يَتَخَيَّلُونَهُ سُبْحانَهُ جِسْمًا عَظِيمًا جالِسًا فَوْقَ العَرْشِ أوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمّا يُنَزِّهُهُ العَقْلُ والنَّقْلُ عَنْهُ تَعالى تَعالى اللَّهُ عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا لِأنَّ ما وُضِعَ لَهُ الِاسْمُ الجَلِيلُ في نَفْسِ الأمْرِ لَيْسَ هو الَّذِي تَخَيَّلُوهُ بَلْ هو أمْرٌ وراءَ ذَلِكَ وهو المُسْتَحِقُّ لِلْعِبادَةِ وما وضَعُوهُ هم لَهُ لَيْسَ بِإلَهٍ في نَفْسِ الأمْرِ ولا مُسْتَحِقٍّ لِلْعِبادَةِ وهو الَّذِي عَبَدُوهُ فَما عَبَدُوا في الحَقِيقَةِ إلّا اسْمًا لا مُطابِقَ لَهُ في الخارِجِ لِأنَّ ما في الخارِجِ أمْرٌ وما وضَعُوا الِاسْمَ لَهُ أمْرٌ آخَرُ ﴿إنِ الحُكْمُ﴾ أيْ ما الحُكْمُ في شَأْنِ العِبادَةِ المُتَفَرِّعَةِ عَلى تِلْكَ التَّسْمِيَةِ وفي صِحَّتِها ﴿إلا لِلَّهِ﴾ عَنْ سُلْطانِهِ لِأنَّهُ المُسْتَحِقُّ لَها بِالذّاتِ -إذْ هو الواجِبُ بِالذّاتِ المُوجِدُ لِلْكُلِّ والمالِكُ لِأمْرِهِ- ﴿أمَرَ ألا تَعْبُدُوا﴾ أيْ بِأنْ لا تَعْبُدُوا أحَدًا ﴿إلا إيّاهُ﴾ حَسْبَما يَقْتَضِي بِهِ قَضِيَّةَ العَقْلِ أيْضًا، والجُمْلَةُ اسْتِئْنافٌ مَبْنِيٌّ عَلى سُؤالٍ ناشِئٍ مِنَ الجُمْلَةِ السّابِقَةِ كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا حَكَمَ اللَّهُ في هَذا الشَّأْنِ؟ فَقِيلَ: (أمَرَ) إلَخْ، وقِيلَ: في مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ كَأنَّهُ قِيلَ: حَيْثُ لَمْ يَكُنِ الحُكْمُ في أمْرِ العِبادَةِ إلّا لَهُ فَلا تَكُونُ العِبادَةُ إلّا لَهُ سُبْحانَهُ، أوْ لِمَن يَأْمُرُ بِعِبادَتِهِ وهو لا يَأْمُرُ بِذَلِكَ ولا يَجْعَلُهُ لِغَيْرِهِ لِأنَّهُ سُبْحانَهُ ﴿أمَرَ ألا تَعْبُدُوا إلا إيّاهُ﴾ وهو خِلافُ الظّاهِرِ.
وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ سَرْدُ هَذِهِ الجُمَلِ عَلى هَذا الطَّرْزِ لِسَدِّ الطُّرُقِ في تَوْجِيهِ صِحَّةِ عِبادَةِ الأصْنامِ عَلَيْهِمْ أحْكَمَ سَدٍّ، فَإنَّهم إنْ قالُوا: إنَّ اللَّهَ تَعالى قَدْ أنْزَلَ حُجَّةً في ذَلِكَ رُدُّوا بِقَوْلِهِ: ﴿ما أنْزَلَ اللَّهُ بِها مِن سُلْطانٍ﴾ وإنْ قالُوا: حَكَمَ لَنا بِذَلِكَ كُبَراؤُنا رُدُّوا بِقَوْلِهِ: ﴿إنِ الحُكْمُ إلا لِلَّهِ﴾ وإنْ قالُوا: حَيْثُ لَمْ يَنْزِلْ حُجَّةٌ في ذَلِكَ ولَمْ يَكُنْ حُكْمٌ لِغَيْرِهِ بَقِيَ الأمْرُ مَوْقُوفًا إذْ عَدَمُ إنْزالِ حُجَّةٍ تَدُلُّ عَلى الصِّحَّةِ لا يَسْتَلْزِمُ إنْزالَ حُجَّةٍ عَلى البُطْلانِ رُدُّوا بِقَوْلِهِ: ﴿أمَرَ ألا تَعْبُدُوا إلا إيّاهُ ( ذَلِكَ﴾ أيْ تَخْصِيصِهِ تَعالى بِالعِبادَةِ ﴿الدِّينُ القَيِّمُ﴾ الثّابِتِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ البَراهِينُ العَقْلِيَّةُ والنَّقْلِيَّةُ ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ أنَّ ذَلِكَ هو الدِّينُ القَيِّمُ لِجَهْلِهِمْ تِلْكَ البَراهِينَ أوْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا أصْلًا فَيَعْبُدُونَ أسْماءً سَمَّوْها مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ مُعْرِضِينَ عَمّا يَقْتَضِيهِ العَقْلُ ويَسُوقُ إلَيْهِ سائِقُ النَّقْلِ، ومَنشَأُ هَذا الإعْراضِ الوُقُوفُ عِنْدَ المَأْلُوفاتِ والتَّقَيُّدُ بِالحِسِّيّاتِ وهو مَرْكُوزٌ في أكْثَرِ الطِّباعِ ومِن ذَلِكَ جاءَ التَّشْبِيهُ والتَّجْسِيمُ ونِسْبَةُ الحَوادِثِ الكَوْنِيَّةِ إلى الشَّمْسِ والقَمَرِ وسائِرِ الكَواكِبِ ونَحْوِ ذَلِكَ،
{"ayah":"مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦۤ إِلَّاۤ أَسۡمَاۤءࣰ سَمَّیۡتُمُوهَاۤ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُم مَّاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَـٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِیَّاهُۚ ذَ ٰلِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق