الباحث القرآني

﴿وقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِن مِصْرَ﴾ فَهَذا الشِّراءُ غَيْرُ الشِّراءِ السّابِقِ الَّذِي كانَ بِثَمَنٍ بَخْسٍ، وزَعَمَ اتِّحادُهُما ضَعِيفٌ جِدًّا وإلّا لا يَبْقى لِقَوْلِهِ: ﴿مِن مِصْرَ﴾ كَثِيرُ جَدْوى، وكانَ المَلِكُ يَوْمَئِذٍ الرَّيّانُ بْنُ الوَلِيدِ العَمْلِيقِيُّ وماتَ في حَياةِ (p-207)يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ أنْ آمَنَ بِهِ فَمَلَكَ بَعْدَهُ قابُوسُ بْنُ مُصْعَبٍ فَدَعاهُ إلى الإيمانِ فَأبى. وقِيلَ: كانَ المَلِكُ في أيّامِهِ فِرْعَوْنُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ عاشَ أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَقَدْ جاءَكم يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالبَيِّناتِ﴾ وقِيلَ: فِرْعَوْنُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِن أوْلادِ فِرْعَوْنَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ، والآيَةُ مِن قَبِيلِ خِطابِ الأوْلادِ بِأحْوالِ الآباءِ وهو الصَّحِيحُ، وظاهِرُ أمْرِ العَزِيزِ أنَّهُ كانَ كافِرًا. واسْتَدَلَّ في البَحْرِ عَلى ذَلِكَ بِكَوْنِ الصَّنَمِ في بَيْتِهِ حَسْبَما يُذْكَرُ في بَعْضِ الرِّواياتِ. وقالَ مُجاهِدٌ: كانَ مُؤْمِنًا، ولَعَلَّ مُرادَهُ أنَّهُ آمَنَ بَعْدَ ذاكَ، وإلّا فَكَوْنُهُ مُؤْمِنًا يَوْمَ الِاشْتِراءِ مِمّا لا يَكادُ يُسَلَّمُ، نَعَمْ إنَّهُ اعْتَنى بِأمْرِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ ولِذا قالَ: ﴿لامْرَأتِهِ﴾ راعِيلَ بِنْتِ رَعابِيلَ، وهو المَرْوِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ. وقالَ السُّدِّيُّ: زُلَيْخا بِنْتُ تَمْلِيخا، وقِيلَ: اسْمُها راعِيلُ ولَقَبُها زُلَيْخا، وقِيلَ: بِالعَكْسِ، والجارُّ الأوَّلُ كَما قالَ أبُو البَقاءِ: مُتَعَلِّقٌ –بِاشْتَراهُ- كَقَوْلِكَ اشْتَرَيْتُهُ مِن بَغْدادَ أيْ فِيها أوْ بِها، أوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِنَ الَّذِي أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في –اشْتَرى- أيْ كائِنًا مِن أهْلِ مِصْرَ، والجارُّ الثّانِي مُتَعَلِّقٌ –بِقالَ- كَما أشَرْنا إلَيْهِ لا –بِاشْتَراهُ- ومَقُولُ القَوْلِ: ﴿أكْرِمِي مَثْواهُ﴾ أيِ اجْعَلِي مَحَلَّ ثِوائِهِ وإقامَتِهِ كَرِيمًا أيْ حَسَنًا مَرْضِيًّا، وهَذا كِنايَةٌ عَنْ إكْرامِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ نَفْسِهِ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ وأتَمِّهِ لِأنَّ مَن أكْرَمَ المَحَلَّ بِتَنْظِيفِهِ وفَرْشِهِ ونَحْوِ ذَلِكَ فَقَدْ أكْرَمَ ضَيْفَهُ بِسائِرِ ما يُكْرَمُ بِهِ، وقِيلَ: المَثْوى مُقْحَمٌ، يُقالُ: المَجْلِسُ العالِي والمَقامُ السّامِي، والمَعْنى أحْسِنِي تَعَهُّدَهُ والنَّظَرَ فِيما يَقْتَضِيهِ إكْرامُ الضَّيْفِ ﴿عَسى أنْ يَنْفَعَنا﴾ في قَضاءِ مَصالِحِنا إذا تَدَرَّبَ في الأُمُورِ وعَرَفَ مَجارِيها ﴿أوْ نَتَّخِذَهُ ولَدًا﴾ أيْ نَتَبَنّاهُ ونُقِيمُهُ مَقامَ الوَلَدِ، وكانَ فِيما يُرْوى عَقِيمًا، ولَعَلَّ الِانْفِصالَ لِمَنعِ الخُلُوِّ. وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّهُ لِمَنعِ الجَمْعِ عَلى مَعْنى عَسى أنْ نَبِيعَهُ فَنَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ ولَيْسَ بِشَيْءٍ، وكانَ هَذا القَوْلُ مِنَ العَزِيزِ لِما تَفَرَّسَ فِيهِ مِن مَخايِلِ الرُّشْدِ والنَّجابَةِ، ومِن ذَلِكَ قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ فِيما أخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وجَماعَةٌ: أفْرَسُ النّاسِ ثَلاثَةٌ: العَزِيزُ حِينَ تَفَرَّسَ في يُوسُفَ فَقالَ لِاِمْرَأتِهِ: ﴿أكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أنْ يَنْفَعَنا﴾ إلَخْ، والمَرْأةُ الَّتِي أتَتْ مُوسى فَقالَتْ لِأبِيها: ﴿يا أبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾ وأبُو بَكْرٍ حِينَ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ. ﴿وكَذَلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ في الأرْضِ﴾ أيْ جَعَلْنا لَهُ فِيها مَكانًا يُقالُ: مَكَّنَهُ فِيهِ أيْ أثْبَتَهُ فِيهِ، ومَكَّنَ لَهُ فِيهِ أيْ جَعَلَ لَهُ مَكانًا فِيهِ، ولِتَقارُبِهِما وتَلازُمِهِما يُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنهُما في مَقامِ الآخَرِ قالَ سُبْحانَهُ: ﴿ألَمْ يَرَوْا كَمْ أهْلَكْنا مِن قَبْلِهِمْ مِن قَرْنٍ مَكَّنّاهم في الأرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ والمُرادُ بِالمَكانِ هُنا المَكانَةُ والمَنزِلَةُ لا البُعْدُ المُجَرَّدُ أوِ السَّطْحُ الباطِنُ مِنَ الحاوِي المُماسِّ لِلسَّطْحِ الظّاهِرِ مِنَ المَحْوِيِّ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا ذَهَبَ إلَيْهِ مَن ذَهَبَ مِنَ الفَلاسِفَةِ إنْ حَقًّا وإنْ باطِلًا، والإشارَةُ إلى ما يُفْهَمُ مِمّا تَقَدَّمَ مِنَ الكَلامِ وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِتَفْخِيمِهِ، والكافُ نُصِبَ عَلى المَصْدَرِيَّةِ، أيْ كَما جَعَلْنا لَهُ مَثْوًى كَرِيمًا في مَنزِلِ العَزِيزِ أوْ مَكانًا عَلِيًّا في قَلْبِهِ حَتّى أمَرَ امْرَأتَهُ دُونَ سائِرِ حَواشِيهِ بِإكْرامِ مَثْواهُ جَعَلْنا لَهُ مَكانَةً رَفِيعَةً في أرْضِ مِصْرَ، وفُسِّرَ الجَعْلُ المَذْكُورُ بِجَعْلِهِ وجِيهًا فِيما بَيْنَ أهْلِ مِصْرَ ومُحَبَّبًا في قُلُوبِهِمْ بِناءً عَلى أنَّهُ الَّذِي يُؤَدِّي إلى الغايَةِ المَذْكُورَةِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأحادِيثِ﴾ (p-208)أيْ بَعْضِ تَعْبِيرِ الرُّؤْيا الَّتِي عُمْدَتُها رُؤْيا المَلِكِ، وصاحِبَيِ السِّجْنِ، ورُوِيَ هَذا المَعْنى عَنْ مُجاهِدٍ، وهو الظّاهِرُ كَما يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿ذَلِكُما مِمّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ سَواءٌ جُعِلَ مَعْطُوفًا عَلى غايَةٍ مُقَدَّرَةٍ يَنْساقُ إلَيْها الكَلامُ ويَسْتَدْعِيها النِّظامُ كَأنَّهُ قِيلَ: ومِثْلُ ذَلِكَ التَّمْكِينِ البَدِيعِ مَكَّنّا لِيُوسُفَ في الأرْضِ وجَعَلْنا قُلُوبَ أهْلِها كافَّةً مَحالَّ مَحَبَّتِهِ لِيَتَرَتَّبَ عَلى ذَلِكَ ما يَتَرَتَّبُ مِمّا جَرى بَيْنَهُ وبَيْنَ امْرَأةِ العَزِيزِ، ولِنُعَلِّمَهُ بَعْضَ تَأْوِيلِ الأحادِيثِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلى الرُّتْبَةِ العُلْيا والرِّياسَةِ العُظْمى، ولَعَلَّ تَرْكَ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِلْإشْعارِ بِعَدَمِ كَوْنِهِ مُرادًا أوْ جُعِلَ عِلَّةً لِمَحْذُوفٍ كَأنَّهُ قِيلَ: ولِهَذِهِ الحِكْمَةِ البالِغَةِ فَعَلْنا ذَلِكَ التَّمْكِينَ لا لِشَيْءٍ غَيْرِها مِمّا لَيْسَ لَهُ عاقِبَةٌ حَمِيدَةٌ. واخْتارَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ كَوْنَ ذَلِكَ إشارَةً إلى مَصْدَرِ الفِعْلِ المَذْكُورِ بَعْدَهُ، والكافُ مُقْحَمَةٌ لِلدَّلالَةِ عَلى تَأْكِيدِ فَخامَةِ شَأْنِ المُشارِ إلَيْهِ عَلى ما ذَكَرُوا في ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْناكم أُمَّةً وسَطًا﴾ والمُرادُ بِهِ التَّمْكِينُ في قَلْبِ العَزِيزِ أوْ في مَنزِلِهِ، وكَوْنُ ذَلِكَ تَمْكِينًا في الأرْضِ بِمُلابَسَةِ أنَّهُ عَزِيزٌ فِيها لِما أنَّ الَّذِي عَلَيْهِ يَدُورُ تِلْكَ الأُمُورُ، إنَّما هو التَّمْكِينُ في جانِبِ العَزِيزِ، وأمّا التَّمْكِينُ في جانِبِ النّاسِ كافَّةً فَتَأْدِيَتُهُ إلَيْها إنَّما هي بِاعْتِبارِ اشْتِمالِهِ عَلى ذَلِكَ التَّمْكِينِ، ولا يَخْفى أنَّ حَمْلَ التَّمْكِينِ في الأرْضِ عَلى التَّمْكِينِ في قَلْبِ العَزِيزِ، أوْ في مَنزِلِهِ خِلافُ الظّاهِرِ، وكَذا حَمْلُهُ عَلى ما تَقَدَّمَ، ولَعَلَّ الظّاهِرَ حَمْلُهُ عَلى جَعْلِهِ مَلِكًا يَتَصَرَّفُ في أرْضِ مِصْرَ بِالأمْرِ والنَّهْيِ إلّا أنَّ في جَعْلِ التَّعْلِيمِ المَذْكُورِ غايَةً لَهُ خَفاءً؛ لِأنَّ ذَلِكَ الجَعْلَ مِن آثارِهِ ونَتائِجِهِ المُتَفَرِّعَةِ عَلَيْهِ دُونَ العَكْسِ ولَمْ يُعْهَدْ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ في تَضاعِيفِ قَضاياهُ العَمَلَ بِمُوجِبِ الرُّؤْيا المُنَبِّهَةِ عَلى الحَوادِثِ قَبْلَ وُقُوعِها عَهْدًا مُصَحَّحًا لِجَعْلِهِ غايَةً لِذَلِكَ وما وقَعَ مِنَ التَّداوُلِ في أمْرِ السِّنِينَ فَإنَّما هو عَمَلٌ بِمُوجِبِ الرُّؤْيا السّابِقَةِ المَعْهُودَةِ وإرادَةٌ لِيَظْهَرَ تَعْلِيمُنا لَهُ كَما تَرى، وكَأنَّ مَن ذَهَبَ إلى ذَلِكَ -لِأنَّهُ الظّاهِرُ- أرادَ بِتَعْلِيمِ تَأْوِيلِ الأحادِيثِ تَفْهِيمَ غَوامِضِ أسْرارِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ ودَقائِقِ سُنَنِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَيَكُونُ المَعْنى حِينَئِذٍ مَكَّنّا لَهُ في أرْضِ مِصْرَ لِيَتَصَرَّفَ فِيها بِالعَدْلِ ولِنُعَلِّمَهُ مَعانِيَ كُتُبِ اللَّهِ تَعالى وأحْكامَها ودَقائِقَ سُنَنِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَيَقْضِي بِها بَيْنَ أهْلِها، والتَّعْلِيمُ الإجْمالِيُّ لِتِلْكَ الأحادِيثِ وإنْ كانَ غَيْرَ مُتَأخِّرٍ عَنْ تَمْكِينِهِ بِذَلِكَ المَعْنى إلّا أنَّ تَعْلِيمَ كُلِّ مَعْنًى شَخْصِيٍّ يَتَّفِقُ في ضِمْنِ الحَوادِثِ والإرْشادِ إلى الحَقِّ في كُلِّ نازِلَةٍ مِنَ النَّوازِلِ مُتَأخِّرٌ عَنْ ذَلِكَ صالِحٌ لِأنْ يَكُونَ غايَةً لَهُ، وأدْرَجَ بَعْضُهُمُ الإنْجاءَ تَحْتَ الإشارَةِ بِذَلِكَ، وفِيهِ بَحْثٌ فَتَدَبَّرْ ﴿واللَّهُ غالِبٌ عَلى أمْرِهِ﴾ لا يُمْنَعُ عَمّا يَشاءُ ولا يُنازَعُ فِيما يُرِيدُ، بَلْ إنَّما أمْرُهُ لِشَيْءٍ إذا أرادَ أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، ويَدْخُلُ في عُمُومِ المَصْدَرِ المُضافِ شُؤُونُهُ سُبْحانَهُ المُتَعَلِّقَةُ بِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ دُخُولًا لا أوَّلِيًّا أوْ مُتَوَلٍّ عَلى أمْرِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَيُدَبِّرُهُ ولا يَكِلُهُ إلى غَيْرِهِ، وإلى رُجُوعِ ضَمِيرِ أمْرِهِ إلى اللَّهِ تَعالى ذَهَبَ ابْنُ جُبَيْرٍ، وإلى رُجُوعِهِ إلى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ ذَهَبَ القُرْطُبِيُّ، وأيّامّا كانَ فالكَلامُ عَلى ما في الكَشْفِ تَذْيِيلٌ أمّا عَلى الأوَّلِ فَلِجَرْيِهِ مَجْرى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الباطِلَ كانَ زَهُوقًا﴾ مِن سابِقِهِ لِأنَّهُ لَمّا كانَ غالِبًا عَلى جَمِيعِ أُمُورِهِ لا يُزاحِمُهُ أحَدٌ ولا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مُرادٌ كانَتْ إرادَتُهُ تَمْكِينَ يُوسُفَ وكَيْتَ وكَيْتَ، والوُقُوعُ رَضِيعِي لَبّانٍ، وأمّا عَلى الثّانِي فَلِأنَّ مَعْناهُ أنَّهُ الغالِبُ عَلى أمْرِهِ يَتَوَلّاهُ بِلَطِيفِ صُنْعِهِ وجَزِيلِ إحْسانِهِ، وإذا جاءَ نَهْرُ اللَّهِ تَعالى بَطَلَ نَهْرُ مَعْقِلٍ فَأيْنَ يَقَعُ كَيْدُ الإخْوَةِ وغَيْرِهِمْ كامْرَأةِ العَزِيزِ مَوْقِعَهُ فَهو كَقَوْلِهِ: ؎وعَلامَ أرْكَبُهُ إذا لَمْ أنْزِلْ مِن سابِقِهِ أعْنِي فَدَعُوا نِزالَ فَكُنْتُ أوَّلَ نازِلٍ (p-209)والآيَةُ عَلى الأوَّلِ صَرِيحَةٌ في مَذْهَبِ أهْلِ السُّنَّةِ ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ أنَّ الأمْرَ كَذَلِكَ فِيما يَأْتُونَ ويَذَرُونَ زَعْمًا مِنهم أنَّ لَهم مِنَ الأمْرِ شَيْئًا، وأنّى لَهم ذَلِكَ؟! وأنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ، أوْ لا يَعْلَمُونَ لَطائِفَ صُنْعِهِ وخَفايا فَضْلِهِ، والمُرادُ -بِأكْثَرِ النّاسِ- قِيلَ: الكُفّارُ، ونُقِلَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ. وقِيلَ: أهْلُ مِصْرَ، وقِيلَ: أهْلُ مَكَّةَ، وقِيلَ: الأكْثَرُ بِمَعْنى الجَمِيعِ، والمُرادُ أنَّ جَمِيعَ النّاسِ لا يَطَّلِعُونَ عَلى غَيْبِهِ تَعالى، والأوْلى أنْ يَبْقى عَلى ما يَتَبادَرُ مِنهُ ولا يَقْتَصِرُ في تَفْسِيرِهِ عَلى ما تَضَمَّنَتْهُ الأقْوالُ قَبْلُ، بَلْ يُرادُ بِهِ مَن نَفى عَنْهُ العِلْمَ بِما تَقَدَّمَ كائِنًا ما كانَ، ولا يَبْعُدُ أنْ يَنْدَرِجَ في عُمُومِهِ أهْلُ الِاعْتِزالِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب