الباحث القرآني

﴿مُسَوَّمَةً﴾ أيْ عَلَيْها سِيما يُعْلَمُ بِها أنَّها لَيْسَتْ مِن حِجارَةِ الأرْضِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وقِيلَ: مُعَلَّمَةٌ بِبَياضٍ وحُمْرَةٍ، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ، وجاءَ في رِوايَةٍ أُخْرى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ كانَ بَعْضُها أسْوَدَ فِيهِ نُقْطَةٌ بَيْضاءُ وبَعْضُها أبْيَضُ فِيهِ نُقْطَةٌ سَوْداءُ. وعَنِ الرَّبِيعِ أنَّها كانَتْ مُعَلَّمَةً بِاسْمِ مَن يُرْمى بِها، وكانَ بَعْضُها كَما قِيلَ: مِثْلَ رُءُوسِ الإبِلِ وبَعْضُها مِثْلَ مَبارِكِها وبَعْضُها مِثْلَ قَبْضَةِ الرَّجُلِ ﴿عِنْدَ رَبِّكَ﴾ أيْ في خَزائِنِهِ الَّتِي لا يَمْلِكُها غَيْرُهُ سُبْحانَهُ ولا يَتَصَرَّفُ بِها سِواهُ عَزَّ وجَلَّ، والظَّرْفُ قِيلَ: مَنصُوبٌ بِمُسَوَّمَةٍ أوْ مُتَعَلِّقٍ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةٍ لَهُ والمَرْوِيُّ عَنْ مُقاتِلٍ (p-114)أنَّ المَعْنى أنَّها جاءَتْ مِن عِنْدِ رَبِّكَ، وعَنْ أبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ أنَّها مُعَدَّةٌ عِنْدَهُ سُبْحانَهُ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: المُرادُ ألْزَمَ هَذا التَّسْوِيمَ لِلْحِجارَةِ عِنْدَهُ تَعالى إيذانًا بِقُدْرَتِهِ وشِدَّةِ عَذابِهِ فَلْيُفْهَمْ. ﴿وما هِيَ﴾ أيِ الحِجارَةُ المَوْصُوفَةُ بِما ذُكِرَ ﴿مِنَ الظّالِمِينَ﴾ مِن 4 كُلِّ ظالِمٍ بِبَعِيدٍ. - فَإنَّهم بِسَبَبِ ظُلْمِهِمْ مُسْتَحِقُّونَ لَها وفِيهِ وعِيدٌ لِأهْلِ الظُّلْمِ كافَّةً، ورُوِيَ هَذا عَنِ الرَّبِيعِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وغَيْرُهُ عَنْ قَتادَةَ أنَّ المُرادَ مِنَ الظّالِمِينَ ظالِمُو هَذِهِ الأُمَّةِ، وجاءَ في خَبَرٍ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وقالَ فِيهِ العِراقِيُّ: لَمْ أقِفْ لَهُ عَلى إسْنادٍ أنَّهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَألَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ ذَلِكَ فَقالَ: يَعْنِي ظالِمِي أُمَّتِكَ ما مِن ظالِمٍ مِنهم إلّا وهو بِعُرْضِ حَجَرٍ يَسْقُطُ عَلَيْهِ مِن ساعَةٍ إلى ساعَةٍ، وقِيلَ: المُرادُ بِالظّالِمِينَ قَوْمُ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، والمَعْنى لَمْ تَكُنِ الحِجارَةُ لِتُخْطِئَهم. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ المَعْنى وما عُقُوبَتُهم مِمَّنْ يَعْمَلُ عَمَلَهم بِبَعِيدٍ، وظاهِرُهُ أنَّ الضَّمِيرَ لِلْعُقُوبَةِ المَفْهُومَةِ مِنَ الكَلامِ و َ(الظّالِمِينَ) مَن يُشْبِهُهم مِنَ النّاسِ، ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ: إنَّ مُرادَهُ بَيانُ حاصِلِ المَعْنى لا مُرَجَّحُ الضَّمِيرِ. وذَهَبَ أبُو حَيّانَ إلى أنَّ الظّاهِرَ أنْ يَكُونَ ضَمِيرُ (هِيَ) لِلْقُرى الَّتِي جُعِلَ عالِيها سافِلَها والمُرادُ مِنَ الظّالِمِينَ ظالِمُو مَكَّةَ، وقَدْ كانَتْ قَرِيبَةً إلَيْهِمْ يَمُرُّونَ عَلَيْها في أسْفارِهِمْ إلى الشّامِ، وتَذْكِيرُ البَعِيدِ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ عَلى تَأْوِيلِ الحِجارَةِ بِالحَجَرِ المُرادِ بِهِ الجِنْسُ، أوْ إجْرائِهِ عَلى مَوْصُوفٍ مُذَكَّرٍ أيْ بِشَيْءٍ بَعِيدٍ أوْ بِمَكانٍ بَعِيدٍ فَإنَّها وإنْ كانَتْ في السَّماءِ وهي في غايَةِ البُعْدِ في الأرْضِ إلّا أنَّها هَوَتْ مِنها فَهي أسْرَعُ شَيْءٍ لُحُوقًا بِهِمْ فَكَأنَّها بِمَكانٍ قَرِيبٍ مِنهُمْ، أوْ لِأنَّهُ عَلى زِنَةِ المَصْدَرِ كالزَّفِيرِ والصَّهِيلِ، والمَصادِرُ يَسْتَوِي في الوَصْفِ بِها المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب