الباحث القرآني
﴿قالَتْ﴾ اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ كَأنَّ سائِلًا سَألَ ما فَعَلَتْ حِينَ بُشِّرَتْ؟ فَقِيلَ: قالَتْ: ﴿يا ويْلَتى﴾ مِنَ الوَيْلِ وأصْلُهُ الخِزْيُ، ويُسْتَعْمَلُ في كُلِّ أمْرٍ فَظِيعٍ، والمُرادُ هُنا التَّعَجُّبُ وقَدْ كَثُرَتْ هَذِهِ الكَلِمَةُ عَلى أفْواهِ النِّساءِ إذا طَرَأ عَلَيْهِنَّ ما يَتَعَجَّبْنَ مِنهُ، والظّاهِرُ أنَّ الألِفَ بَدَلٌ مِن ياءِ المُتَكَلِّمِ، ولِذا أمالَها أبُو عَمْرٍو وعاصِمٌ في رِوايَةٍ، وبِهَذا يَلْغُزُ فَيُقالُ: ما ألِفٌ هي ضَمِيرُ مُفْرَدٍ مُتَكَلِّمٍ.
وقَرَأ الحَسَنُ (يا ويْلَتِي) بِالياءِ عَلى الأصْلِ، وقِيلَ: إنَّها ألِفُ النُّدْبَةِ ولِذا يُلْحِقُونَها الهاءَ فَيَقُولُونَ: يا ويْلَتاهُ ﴿أألِدُ وأنا عَجُوزٌ﴾ ابْنَةُ تِسْعِينَ سَنَةً عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ إسْحاقَ، أوْ تِسْعٍ وتِسْعِينَ عَلى ما رُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ.
(p-100)﴿وهَذا﴾ الَّذِي تُشاهِدُونَهُ ﴿بَعْلِي﴾ أيْ زَوْجِي، وأصْلُ البَعْلِ القائِمُ بِالأمْرِ فَأُطْلِقَ عَلى الزَّوْجِ لِأنَّهُ يَقُومُ بِأمْرِ الزَّوْجَةِ، وقالَ الرّاغِبُ: هو الذَّكَرُ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وجَمْعُهُ بُعُولَةٌ نَحْوَ فَحْلٍ وفُحُولَةٍ، ولِما تَصَوَّرُوا مِنَ الرَّجُلِ اسْتِعْلاءً عَلى المَرْأةِ فَجُعِلَ سائِسَها والقائِمَ عَلَيْها؛ وسُمِّيَ بِهِ شِبْهُ كَلِّ مُسْتَعْلٍ عَلى غَيْرِهِ بِهِ فَسُمِّيَ بِاسْمِهِ، ومِن هُنا سَمّى العَرَبُ مَعْبُودَهُمُ الَّذِي يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلى اللَّهِ تَعالى بَعْلًا لِاعْتِقادِهِمْ ذَلِكَ فِيهِ ﴿شَيْخًا﴾ ابْنَ مِائَةِ سَنَةٍ أوْ مِائَةٍ وعِشْرِينَ، وهو مِن شاخَ يَشِيخُ، وقَدْ يُقالُ: لِلْأُنْثى شَيْخَةٌ كَما قالَ:
؎وتَضْحَكُ مِنِّي (شَيْخَةٌ) عَبْشَمِيَّةٌ.
ويُجْمَعُ عَلى أشْياخٍ وشُيُوخٍ وشِيخانٍ، ونَصْبُهُ عَلى الحالِ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ، والعامِلُ فِيهِ ما في هَذا مِن مَعْنى الإشارَةِ أوِ التَّنْبِيهِ.
قالَ الزَّجّاجُ: ومِثْلُ هَذِهِ الحالِ مِن لَطِيفِ النَّحْوِ وغامِضِهِ إذْ لا تَجُوزُ إلّا حَيْثُ يُعْرَفُ الخَبَرُ، فَفي قَوْلِكَ: هَذا زَيْدٌ قائِمًا لا يُقالُ إلّا لِمَن يَعْرِفُهُ فَيُفِيدُهُ قِيامُهُ، ولَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَزِمَ أنْ لا يَكُونَ زَيْدًا عِنْدَ عَدَمِ القِيامِ ولَيْسَ بِصَحِيحٍ فَهُنا بَعْلِتَّيُهُ مَعْرُوفَةٌ، والمَقْصُودُ بَيانُ شَيْخُوخَتِهِ وإلّا لَزِمَ أنْ لا يَكُونَ بَعْلُها قَبْلَ الشَّيْخُوخَةِ قالَهُ الطِّيبِيُّ، ونُظِرَ فِيهِ بِأنَّهُ إنَّما يَتَوَجَّهُ إذا لَمْ تَكُنِ الحالُ لازِمَةً غَيْرَ مُنْفَكَّةٍ، أمّا في نَحْوِ هَذا أبُوكَ عَطُوفًا فَلا يَلْزَمُ المَحْذُورُ، والحالُ هَهُنا مُبَيِّنَةٌ هَيْئَةَ الفاعِلِ أوِ المَفْعُولِ لِأنَّ العامِلَ فِيها ما أُشِيرَ إلَيْهِ، وبِذَلِكَ التَّأْوِيلِ يَتَّحِدُ عامِلُ الحالِ وذِيها، وذَهَبَ الكُوفِيُّونَ إلى أنَّ هَذا يَعْمَلُ عَمَلَ كانَ و(شَيْخًا) خَبَرُهُ وسُمُّوهُ تَقْرِيبًا.
وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ -وهُوَ في مُصْحَفِهِ- والأعْمَشُ –شَيْخٌ- بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مَحْذُوفٍ أيْ هو شَيْخٌ، أوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وفي البَحْرِ إنَّ الكَلامَ عَلى هَذا كَقَوْلِهِمْ: هَذا حُلْوٌ حامِضٌ، أوْ هو الخَبَرُ، و(بَعْلِي) بَدَلٌ مِنِ اسْمِ الإشارَةِ، أوْ بَيانٌ لَهُ، وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ (بَعْلِي) الخَبَرَ، و–شَيْخٌ- تابِعًا لَهُ، وكِلْتا الجُمْلَتَيْنِ وقَعَتْ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في (أألِدُ) لِتَقْرِيرِ ما فِيهِ مِن الِاسْتِبْعادِ وتَعْلِيلُهُ أيْ أألِدُ وكِلانا عَلى حالَةٍ مُنافِيَةٍ لِذَلِكَ، وإنَّما قَدَّمَتْ بَيانَ حالِها عَلى بَيانِ حالِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأنَّ مُبايَنَةَ حالِها لِما ذُكِرَ مِنَ الوِلادَةِ أكْثَرُ، إذْ رُبَّما يُولَدُ لِلشُّيُوخِ مِنَ الشَّوابِّ أمّا العَجائِزُ داؤُهُنَّ عِقامٌ، ولِأنَّ البِشارَةَ مُتَوَجِّهَةٌ إلَيْها صَرِيحًا، ولِأنَّ العَكْسَ في البَيانِ رُبَّما يُوهِمُ مِن أوَّلِ الأمْرِ نِسْبَةَ المانِعِ عَنِ الوِلادَةِ إلى جانِبِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وفِيهِ ما لا يَخْفى مِنَ المَحْذُورِ، واقْتِصارُها في الِاسْتِبْعادِ عَلى وِلادَتِها مِن غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِحالِ النّافِلَةِ لِأنَّها المُسْتَبْعَدَةُ، وأمّا وِلادَةُ ولَدِها فَلا يَتَعَلَّقُ بِها اسْتِبْعادٌ قالَهُ شَيْخُ الإسْلامِ، ﴿إنَّ هَذا﴾ أيْ ما ذُكِرَ مِن حُصُولِ الوَلَدِ مِن هَرَمَيْنِ مِثْلِنا، وقِيلَ: هو إشارَةٌ إلى الوِلادَةِ أوِ البِشارَةِ بِها، والتَّذْكِيرُ لِأنَّ المَصْدَرَ في تَأْوِيلِ (إنَّ) مَعَ الفِعْلِ ولَعَلَّ المَآلَ أنَّ هَذا الفِعْلَ ﴿لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ أيْ مِن سُنَّةِ اللَّهِ تَعالى المَسْلُوكَةِ في عِبادِهِ، والجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ بِطَرِيقِ الِاسْتِئْنافِ التَّحْقِيقِيِّ ومَقْصِدُها كَما قِيلَ: اسْتِعْظامُ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعالى عَلَيْها في ضِمْنِ الِاسْتِعْجابِ العادِيِّ لا اسْتِبْعادُ ذَلِكَ مِن حَيْثُ القُدْرَةِ
{"ayah":"قَالَتۡ یَـٰوَیۡلَتَىٰۤ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزࣱ وَهَـٰذَا بَعۡلِی شَیۡخًاۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَیۡءٌ عَجِیبࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











