الباحث القرآني

﴿وإلى عادٍ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿أرْسَلْنا﴾ في قِصَّةِ نُوحٍ، وهو النّاصِبُ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أخاهُمْ﴾ أيْ: وأرْسَلْنا إلى عادٍ أخاهُمْ، أيْ: واحِدًا مِنهم في النَّسَبِ كَقَوْلِهِمْ: (p-80)يا أخا العَرَبِ، وقُدِّمَ المَجْرُورُ لِيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ، وقِيلَ: إنَّ (إلى عادٍ أخاهُمْ) عُطِفَ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿نُوحًا إلى قَوْمِهِ﴾ المَنصُوبِ عَلى المَنصُوبِ، والجارِّ والمَجْرُورِ عَلى الجارِّ والمَجْرُورِ، وهو مِنَ العَطْفِ عَلى مَعْمُولَيْ عامِلٍ واحِدٍ ولَيْسَ مِنَ المَسْألَةِ المُخْتَلَفِ فِيها، نَعَمِ الأوَّلُ أقْرَبُ -كَما في البَحْرِ- لِطُولِ الفَصْلِ بِالجُمَلِ الكَثِيرَةِ بَيْنَ المُفْرَداتِ المُتَعاطِفَةِ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿هُودًا﴾ عَطْفُ بَيانٍ –لِأخاهُمْ- وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنهُ، وكانَ عَلَيْهِ السَّلامُ ابْنَ عَمِّ أبِي عادٍ، وأُرْسِلَ إلَيْهِمْ مَن هو مِنهم لِيَكُونَ ذَلِكَ أدْعى إلى اتِّباعِهِ (قالَ) اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ حَيْثُ كانَ إرْسالُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مَظِنَّةً لِلسُّؤالِ عَمّا قالَ لَهم ودَعاهم كَأنَّهُ قِيلَ: فَما قالَ لَهم حِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ؟ فَقِيلَ: قالَ: ﴿يا قَوْمِ﴾ ناداهم بِذَلِكَ اسْتِعْطافًا لَهُمْ، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ (يا قَوْمُ) بِالضَّمِّ وهي لُغَةٌ في المُنادى المُضافِ إلى الياءِ حَكاها سِيبَوَيْهِ وغَيْرُهُ ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ أيْ وحْدَهُ وكانُوا مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الأصْنامَ، ويَدُلُّ عَلى أنَّ المُرادَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما لَكم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ﴾ فَإنَّهُ اسْتِئْنافٌ يَجْرِي مَجْرى البَيانِ لِلْعِبادَةِ المَأْمُورِ بِها، والتَّعْلِيلُ لِلْأمْرِ بِها كَأنَّهُ قِيلَ: أفْرِدُوهُ بِالعِبادَةِ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا إذْ لَيْسَ لَكم إلَهٌ غَيْرُهُ سُبْحانَهُ عَلى أنَّهُ لا اعْتِدادَ بِالعِبادَةِ مَعَ الإشْراكِ، فالأمْرُ بِها يَسْتَلْزِمُ الأمْرَ بِإفْرادِهِ سُبْحانَهُ بِها و(غَيْرُهُ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ –لِإلَهٍ- بِاعْتِبارِ مَحَلِّهِ لِأنَّهُ فاعِلٌ لِلظَّرْفِ لِاعْتِمادِهِ عَلى النَّفْيِ، وقَرَأ الكِسائِيُّ بِالجَرِّ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لَهُ جارٍ عَلى لَفْظِهِ ﴿إنْ أنْتُمْ﴾ ما أنْتُمْ بِجَعْلِكُمُ الأُلُوهِيَّةَ لِغَيْرِهِ تَعالى كَما قالَ الحَسَنُ -أوْ بِقَوْلِكُمْ: إنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَنا بِعِبادَةِ الأصْنامِ ﴿إلا مُفْتَرُونَ﴾ عَلَيْهِ تَعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب