الباحث القرآني
﴿ونادى نُوحٌ رَبَّهُ﴾ أيْ أرادَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ تَفْرِيعِ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿فَقالَ رَبِّ إنَّ ابْنِي مِن أهْلِي﴾ عَلَيْهِ، وقِيلَ: النِّداءُ عَلى حَقِيقَتِهِ والعَطْفُ بِالفاءِ لِكَوْنِ حَقِّ التَّفْصِيلِ يَعْقُبُ الإجْمالَ ﴿وإنَّ وعْدَكَ الحَقُّ﴾ أيْ وإنَّ وعْدَكَ ذَلِكَ أوْ كُلَّ وعْدٍ تَعِدُهُ لا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ خَلَفٌ فَيَدْخُلُ فِيهِ الوَعْدُ المَعْهُودُ دُخُولًا أوَّلِيًّا.
﴿وأنْتَ أحْكَمُ الحاكِمِينَ﴾ لِأنَّكَ أعْلَمُهم وأعْدَلُهُمْ، وقَدْ ذُكِرَ أنَّهُ إذا بُنِيَ أفْعَلُ مِنَ الشَّيْءِ المُمْتَنِعِ مِنَ التَّفْضِيلِ والزِّيادَةِ يُعْتَبَرُ فِيما يُناسِبُ مَعْناهُ مَعْنى المُمْتَنِعِ، وقالَ العِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ في أمالِيهِ: إنَّ هَذا ونَحْوَهُ مِن: أرْحَمِ الرّاحِمِينَ وأحْسَنِ الخالِقِينَ، مُشْكِلٌ لِأنَّ أفْعَلَ لا يُضافُ إلّا إلى جِنْسِهِ، وهُنا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأنَّ الخُلُقَ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ بِمَعْنى الإيجادِ ومِن غَيْرِهِ بِمَعْنى الكَسْبِ وهُما مُتَبايِنانِ يَعْنِي عَلى المَشْهُورِ مِن مَذْهَبِ الأشاعِرَةِ والرَّحْمَةِ مِنَ اللَّهِ تَعالى إنْ حُمِلَتْ عَلى الإرادَةِ أوْ جُعِلَتْ مِن مَجازِ التَّشْبِيهِ صَحَّ، وإنْ أُرِيدَ إيجادُ فِعْلِ الرَّحْمَةِ كانَ مُشْكِلًا أيْضًا إذْ لا مُوجِدَ سِواهُ سُبْحانَهُ وأجابَ الآمِدِيُّ بِأنَّهُ بِمَعْنى أعْظَمُ مَن يُدْعى بِهَذا الِاسْمِ، واسْتُشْكِلَ بِأنَّ فِيهِ جَعْلَ التَّفاضُلِ في غَيْرِ ما وُضِعَ اللَّفْظُ بِإزائِهِ وهو يُناسِبُ مَذْهَبَ المُعْتَزِلَةِ فافْهَمْ، وقِيلَ: المَعْنى هُنا أنَّكَ أكْثَرُ حِكْمَةً مِن ذَوِي الحُكْمِ عَلى أنَّ الحاكِمَ مِنَ الحُكْمِ كالدّارِعِ مِنَ الدِّرْعِ، واعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأنَّ البابَ لَيْسَ بِقِياسِيٍّ وأنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ حاكِمٌ بِمَعْنى حَكِيمٍ وأنَّهُ لا يُبْنى مِنهُ أفْعَلُ إذًا لِأنَّهُ لَيْسَ جارِيًا عَلى الفِعْلِ لا يُقالُ: ألْبَنَ وأتْمَرَ مِن فُلانٍ إذْ لا فِعْلَ بِذَلِكَ المَعْنى، والجَوابُ بِأنَّهُ قَدْ كَثُرَ في كَلامِهِمْ فَجَوَّزَ عَلى أنْ يَكُونَ وجْهًا مَرْجُوحًا وبِأنَّهُ مِن قَبِيلِ أحْنَكَ الشّاتَيْنِ لا يَخْلُو عَنْ تَعَسُّفٍ كَما في الكَشْفِ، وتَعَقَّبَ بِأنَّهُ لِلْحِكْمَةِ فِعْلًا ثُلاثِيًّا وهو حَكَمَ، وأفْعَلُ مِنَ الثُّلاثِيِّ مَقِيسٌ، وأيْضًا سُمِعَ احْتَنَكَ الجَرادُ، وألْبَنَ، وأتْمَرَ، فَغايَتُهُ أنْ يَكُونَ مِن غَيْرِ الثُّلاثِيِّ ولا يَخْفى ما فِيهِ، ومِنهم مَن فَسَّرَهُ عَلى هَذا بِأعْلَمِهِمْ بِالحِكْمَةِ كَقَوْلِهِمْ: آبَلَ مِن أبَلَ بِمَعْنى أعْلَمَ، وأحْذَقَ بِأمْرِ الإبِلِ، وأيًّا ما كانَ فَهَذا النِّداءُ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَقْطُرُ مِنهُ الِاسْتِعْطافُ وجَمِيلُ التَّوَسُّلِ إلى مَن عَهِدَهُ مُنْعِمًا مُفْضِلًا في شَأْنِهِ أوَّلًا وآخِرًا وهو عَلى طَرِيقَةِ دُعاءِ أيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿إذْ نادى رَبَّهُ أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ﴾ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الغَرَقِ والواوُ لا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وقِيلَ: إنَّ النِّداءَ إنَّما كانَ بَعْدَهُ والمَقْصُودُ مِنهُ الِاسْتِفْسارُ عَنْ سَبَبِ عَدَمِ إنْجائِهِ مَعَ سَبْقِ وعْدِهِ تَعالى بِإنْجائِهِ أهْلَهُ وهو مِنهُمْ، وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى قَرِيبًا تَمامُ الكَلامِ في ذَلِكَ.
{"ayah":"وَنَادَىٰ نُوحࣱ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِی مِنۡ أَهۡلِی وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق