الباحث القرآني

﴿ولا يَنْفَعُكم نُصْحِي﴾ النُّصْحُ تَحَرِّي قَوْلٍ أوْ فِعْلٍ فِيهِ صَلاحٌ وهو كَلِمَةٌ جامِعَةٌ، وقِيلَ: هو إعْلامُ مَواقِعِ الغَيِّ لِيتَّقى ومَواضِعِ الرُّشْدِ لِيَقْتَفِيَ، وهو مِن قَوْلِهِمْ: نَصَحْتُ لَهُ الوِدَّ أيْ أخْلَصْتُهُ (p-46)وناصِحُ العَسَلِ خالِصُهُ، أوْ مِن قَوْلِهِمْ نَصَحْتُ الجِلْدَ خِطْتُهُ والنّاصِحُ الخَيّاطُ، والنِّصاحُ الخَيْطُ، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ (نَصْحِي) بِفَتْحِ النُّونِ وهو مَصْدَرٌ، وعَلى قِراءَةِ الجَماعَةِ -عَلى ما قالَ أبُو حَيّانَ- يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا كالشُّكْرِ وأنْ يَكُونَ اسْمًا ﴿إنْ أرَدْتُ أنْ أنْصَحَ﴾ لَكم شَرْطٌ حُذِفَ جَوابُهُ لِدَلالَةِ ما سَبَقَ عَلَيْهِ ولَيْسَ جَوابًا لَهُ لِامْتِناعِ تَقَدُّمِ الجَوابِ عَلى الشَّرْطِ عَلى الأصَحِّ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ البَصْرِيُّونَ، أيْ إنْ أرَدْتُمْ أنْ أنْصَحَ لَكم لا يَنْفَعُكم نُصْحِي، والجُمْلَةُ كُلُّها دَلِيلُ جَوابِ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أنْ يُغْوِيَكُمْ﴾ والتَّقْدِيرُ إنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أنْ يُغْوِيَكم فَإنْ أرَدْتُ أنْ أنْصَحَ لَكم لا يَنْفَعُكم نُصْحِي، وجَعَلُوا الآيَةَ مِن بابِ اعْتِراضِ الشَّرْطِ عَلى الشَّرْطِ، وفي شَرْحِ التَّسْهِيلِ لِابْنِ عَقِيلٍ أنَّهُ إذا تَوالى شَرْطانِ مَثَلًا كَقَوْلِكَ: إنْ جِئْتَنِي إنْ وعَدْتُكَ أحْسَنْتُ إلَيْكَ، فالجَوابُ لِلْأوَّلِ واسْتَغْنى بِهِ عَنْ جَوابِ الثّانِي وزَعَمَ ابْنُ مالِكٍ أنَّ الشَّرْطَ الثّانِيَ مُقَيِّدٌ لِلْأوَّلِ بِمَنزِلَةِ الحالِ فَكَأنَّهُ قِيلَ في المِثالِ: إنْ جِئْتَنِي في حالِ وعْدِي لَكَ أحْسَنْتُ إلَيْكَ، والصَّحِيحُ في المَسْألَةِ أنَّ الجَوابَ لِلْأوَّلِ وجَوابُ الثّانِي مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ الشَّرْطِ الثّانِي وجَوابِهِ عَلَيْهِ، فَإذا قُلْتَ: إنْ دَخَلْتَ الدّارَ إنْ كَلَّمْتَ زَيْدًا إنْ جاءَ إلَيْكَ فَأنْتَ حُرٌّ، فَأنْتَ حُرٌّ جَوابُ إنْ دَخَلْتَ وهو وجَوابُهُ دَلِيلُ جَوابِ إنْ كَلَّمْتَ، وإنْ كَلَّمْتَ وجَوابُهُ دَلِيلُ جَوابِ إنْ جاءَ، والدَّلِيلُ عَلى الجَوابِ جَوابٌ في المَعْنى، والجَوابُ مُتَأخِّرٌ فالشَّرْطُ الثّالِثُ مُقَدَّمٌ، وكَذا الثّانِي، فَكَأنَّهُ قِيلَ إنْ جاءَ فَإنْ كَلَّمْتَ فَإنْ دَخَلْتَ فَأنْتَ حُرٌّ فَلا يُعْتَقُ إلّا إذا وقَعَ هَكَذا مَجِيءٌ، ثُمَّ كَلامٌ ثُمَّ دُخُولٌ، وهو مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ، وذَكَرَ الجَصّاصُ أنَّ فِيها خِلافًا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وأبِي يُوسُفَ رَحِمَهُما اللَّهُ تَعالى ولَيْسَ مَذْهَبُ الإمامِ الشّافِعِيِّ فَقَطْ، وقالَ بَعْضُ الفُقَهاءِ: إنَّ الجَوابَ لِلْأخِيرِ والشَّرْطُ الأخِيرُ وجَوابُهُ جَوابُ الثّانِي، والشَّرْطُ الثّانِي وجَوابُهُ جَوابُ الأوَّلِ، وعَلى هَذا لا يُعْتَقُ حَتّى يُوجَدَ هَكَذا دُخُولٌ ثُمَّ كَلامٌ ثُمَّ مَجِيءٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: إذا اجْتَمَعَتْ حَصَلَ العِتْقُ مِن غَيْرِ تَرْتِيبٍ وهَذا إذا كانَ التَّوالِي بِلا عاطِفٍ، فَإنْ عُطِفَ بِأوْ فالجَوابُ لِأحَدِهِما دُونَ تَعْيِينٍ نَحْوُ: إنْ جِئْتَنِي أوْ إنْ أكْرَمْتَ زَيْدًا أحْسَنْتُ إلَيْكَ، وإنْ كانَ بِالواوِ فالجَوابُ لَهُما، وإنْ كانَ بِالفاءِ فالجَوابُ لِلثّانِي وهو وجَوابُهُ جَوابُ الأوَّلِ، فَتَخْرُجُ الفاءُ عَنِ العَطْفِ، وادَّعى ابْنُ هِشامٍ أنَّ في كَوْنِ الآيَةِ مِن ذَلِكَ البابِ نَظَرًا قالَ: إذْ لَمْ يَتَوالَ شَرْطانِ وبَعْدَهُما جَوابٌ كَما فِيما سَمِعْتَ مِنَ الأمْثِلَةِ، وكَما في قَوْلِ الشّاعِرِ: ؎إنْ تَسْتَغِيثُوا بِنا إنْ تَذْعَرُوا تَجِدُوا مِنّا مَعاقِلَ عِزٍّ زانَها كَرَمُ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِيها جَوابٌ وإنَّما تَقَدَّمَ عَلى الشَّرْطَيْنِ ما هو جَوابٌ في المَعْنى لِلْأوَّلِ فَيَنْبَغِي أنْ يُقَدَّرَ إلى جانِبِهِ ويَكُونُ الأصْلُ إنْ أرَدْتُ أنْ أنْصَحَ لَكم فَلا يَنْفَعُكم نُصْحِي إنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أنْ يُغْوِيَكُمْ، وإمّا أنْ يُقَدَّرَ الجَوابُ بَعْدَهُما ثُمَّ يُقَدَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ مُقَدَّمًا إلى جانِبِ الشَّرْطِ الأوَّلِ فَلا وجْهَ لَهُ، انْتَهى. وقَدْ أُلِّفَ في المَسْألَةِ رِسالَةٌ -كَما قالَ الجَلالُ السُّيُوطِيُّ- وأوْرَدَها في حاشِيَتِهِ عَلى المُغْنِي حَسَنَةً، ولا يَخْفى عَلَيْكَ أنَّ المُقَدَّرَ في قُوَّةِ المَذْكُورِ، والكَثِيرُ في تَوالِي شَرْطَيْنِ بِدُونِ عاطِفٍ تَأخُّرُهُ سَماعًا فَيُقَدَّرُ كَذَلِكَ ويَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ. والكَلامُ عَلى ما تَقَدَّمَ مُتَضَمِّنٌ لِشَرْطَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ: أحَدُهُما جَوابٌ لِلْآخَرِ، وقَدْ جُعِلَ المُتَأخِّرُ في الذِّكْرِ مُتَقَدِّمًا في المَعْنى عَلى ما هو المَعْهُودُ في المَسْألَةِ، وهو عِنْدَ الزَّمَخْشَرِيِّ عَلى ما قِيلَ شَرْطِيَّةٌ واحِدَةٌ مُقَيَّدَةٌ حَيْثُ جُعِلَ لا يَنْفَعُكم دَلِيلَ الجَوابِ لِأنْ كانَ، وجُعِلَ إنْ أرَدْتُ قَيْدًا لِذَلِكَ نَظِيرَ إنْ أحْسَنْتَ إلَيَّ أحْسَنْتُ إلَيْكَ إنْ أمْكَنَنِي فَتَأمَّلْ، والكَلامُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِمْ: ﴿قَدْ جادَلْتَنا فَأكْثَرْتَ جِدالَنا﴾ صَدَرَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ إظْهارًا لِلْعَجْزِ عَنْ رَدِّهِمْ (p-47)عَمّا هم عَلَيْهِ مِنَ الضَّلالِ بِالحُجَجِ والبَيِّناتِ لِفَرْطِ تَمادِيهِمْ في العِنادِ وإيذانًا بِأنَّ ما سَبَقَ مِنهُ إنَّما كانَ بِطَرِيقِ النَّصِيحَةِ لَهم والشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وأنَّهُ لَمْ يَأْلُ جُهْدًا في إرْشادِهِمْ إلى الحَقِّ وهِدايَتِهِمْ إلى سَبِيلِهِ المُسْتَبِينِ، ولَكِنْ لا يَنْفَعُهم ذَلِكَ عِنْدَ إرادَتِهِ سُبْحانَهُ لِإغْوائِهِمْ وتَقْيِيدِ عَدَمِ نَفْعِ النُّصْحِ بِإرادَتِهِ مَعَ أنَّهُ مُحَقَّقٌ لا مَحالَةَ لِلْإيذانِ بِأنَّ ذَلِكَ النُّصْحَ مُقارَنٌ لِلْإرادَةِ والِاهْتِمامِ بِهِ ولِتَحْقِيقِ المُقابَلَةِ بَيْنَ ذَلِكَ وبَيْنَ ما وقَعَ بِإزائِهِ مِن إرادَتِهِ تَعالى لِإغْوائِهِمْ، وإنَّما اقْتَصَرَ في ذَلِكَ عَلى مُجَرَّدِ إرادَةِ الإغْواءِ دُونَ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ إنْ كانَ اللَّهُ يُغْوِيكم مُبالَغَةً في بَيانِ غَلَبَةِ جَنابِهِ جَلَّ جَلالُهُ، حَيْثُ دَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّ نُصْحَهُ المُقارَنَ لِلِاهْتِمامِ بِهِ لا يُجْدِيهِمْ نَفْعًا عِنْدَ مُجَرَّدِ إرادَةِ اللَّهِ تَعالى إغْواءَهُمْ، فَكَيْفَ عِنْدَ تَحَقُّقِهِ وخَلْقِهِ فِيهِمْ، وزِيادَةُ (كانَ) لِلْإشْعارِ بِتَقَدُّمِ إرادَتِهِ تَعالى زَمانًا كَتَقَدُّمِهِ رُتْبَةً، ولِلدَّلالَةِ عَلى تَجَدُّدِها واسْتِمْرارِها، وقَدَّمَ عَلى هَذا الكَلامِ ما يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِمْ: ﴿فَأْتِنا بِما تَعِدُنا﴾ مِن قَوْلِهِ: ﴿إنَّما يَأْتِيكم بِهِ اللَّهُ إنْ شاءَ﴾ رَدًّا عَلَيْهِمْ مِن أوَّلِ الأمْرِ وتَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِحُلُولِ العَذابِ مَعَ ما فِيهِ مِنِ اتِّصالِ الجَوابِ بِالسُّؤالِ، قالَ ذَلِكَ مَوْلانا شَيْخُ الإسْلامِ، ثُمَّ إنَّ (إنْ أرَدْتُ) إنْ أُبْقِيَ عَلى الِاسْتِقْبالِ لا يُنافِي كَوْنَهُ نَصَحَهم في الزَّمَنِ الماضِي، وقِيلَ: إنَّهُ مُجاراةٌ لَهم لِاسْتِظْهارِ الحُجَّةِ لِأنَّهم زَعَمُوا أنَّ ما فَعَلَهُ لَيْسَ بِنُصْحٍ إذْ لَوْ كانَ نُصْحًا قُبِلَ مِنهُ واللّامُ في (لَكُمْ) لَيْسَتْ لِلتَّقْوِيَةِ كَما قَدْ يُتَوَهَّمُ لِتَعَدِّي الفِعْلِ بِنَفْسِهِ كَما في قَوْلِهِ: ؎نَصَحْتُ بَنِي عَوْفٍ فَلَمْ يَتَقَبَّلُوا ∗∗∗ رَسُولِي ولَمْ تَنْجَحْ لَدَيْهِمْ رَسائِلِي لِما في الصِّحاحِ أنَّهُ بِاللّامِ أفْصَحُ وفي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ إرادَةَ اللَّهِ تَعالى مِمّا يَصِحُّ تَعَلُّقُها بِالإغْواءِ، وأنَّ خِلافَ مُرادِهِ سُبْحانَهُ مُحالٌ، وإلّا لَمْ تَصْدُقِ الشَّرْطِيَّةُ الدّالَّةُ عَلى لُزُومِ الجَوابِ لِلشَّرْطِ، والمُعْتَزِلَةُ وقَعُوا في حَيْصَ بَيْصَ مِنها واخْتَلَفُوا في تَأْوِيلِها فَقِيلَ: إنَّ ﴿يُغْوِيَكُمْ﴾ بِمَعْنى يُهْلِكُكم مِن غَوى الفَصِيلُ إذا بَشِمَ مِن كَثْرَةِ شُرْبِ اللَّبَنِ فَهَلَكَ، وقَدْ رَوى مَجِيءُ الغَوْيِ -بِمَعْنى الهَلاكِ- الفَرّاءُ وغَيْرُهُ وأنْكَرَهُ مَكِّيٌّ. وقِيلَ: إنَّ الإغْواءَ مَجازٌ عَنْ عُقُوبَتِهِ أيْ إنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ عُقُوبَةَ إغْوائِكُمُ الخَلْقَ وإضْلالِكم إيّاهم. وقِيلَ: إنَّ قَوْمَ نُوحٍ كانُوا يَعْتَقِدُونَ أنَّ اللَّهَ تَعالى أرادَ إغْواءَهم فَأخْرَجَ عَلَيْهِ السَّلامُ ذَلِكَ مَخْرَجَ التَّعَجُّبِ والإنْكارِ، أيْ إنَّ نُصْحِي لا يَنْفَعُكم إنْ كانَ الأمْرُ كَما تَزْعُمُونَ، وقِيلَ: سَمّى تَرْكَ إلْجائِهِمْ تَخْلِيَتَهم وشَأْنَهم إغْواءً مَجازًا وقِيلَ: إنْ نافِيَةٌ أيْ ما كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أنْ يُغْوِيَكم ونَفْيُ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى نَفْيِ الإغْواءِ، ويَكُونُ (لا يَنْفَعُكم نُصْحِي) إلَخْ إخْبارًا مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَهم وتَعْزِيَةً لِنَفْسِهِ عَنْهم لِما رَأى مِن إصْرارِهِمْ وتَمادِيهِمْ عَلى الكُفْرِ، ولا يَخْفى ما في ذَلِكَ مِن مُخالَفَةِ الظّاهِرِ المَعْرُوفِ في الِاسْتِعْمالِ وارْتِكابِ ما لا يَنْبَغِي ارْتِكابُ مِثْلِهِ في كَلامِ المَلِكِ المُتَعالِ. ومِنَ النّاسِ مَنِ اعْتَرَضَ الِاسْتِدْلالَ بِأنَّ الشَّرْطِيَّةَ لا تَدُلُّ عَلى وُقُوعِ الشَّرْطِ ولا جَوازِهِ فَلا يَتِمُّ ولا يُحْتاجُ إلى التَّأْوِيلِ ولا إلى القالِ والقِيلِ، ودُفِعَ بِأنَّ المَقامَ يَنْبُو عَنْهُ لِعَدَمِ الفائِدَةِ في مُجَرَّدِ فَرْضِ ذَلِكَ فَإنْ أرادُوا إرْجاعَهُ إلى قِياسٍ اسْتِثْنائِيٍّ فَإمّا أنْ يُسْتَثْنى عَيْنُ المُقَدَّمِ فَهو المَطْلُوبُ أوْ نَقِيضُ التّالِي فَخِلافُ الواقِعِ لِعَدَمِ حُصُولِ النَّفْعِ. وبِالجُمْلَةِ الآيَةُ ظاهِرَةٌ جِدًّا فِيما ذَهَبَ إلَيْهِ أهْلُ السُّنَّةِ واللَّهُ سُبْحانَهُ المُوَفِّقُ ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾ أيْ خالِقُكم ومالِكُ أمْرِكم ﴿وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فَيُجازِيكم عَلى أفْعالِكم لا مَحالَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب