الباحث القرآني
﴿وما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرى﴾ أيْ ما صَحَّ وما اسْتَقامَ بَلِ اسْتَحالَ في الحِكْمَةِ أنْ يُهْلِكَ القُرى الَّتِي أهْلَكَها وبَلَغَتْكَ أنْباؤُها أوْ ما يَعُمُّها وغَيْرَها مِنَ القُرى الظّالِمِ أهْلُها، واللّامُ في مِثْلِ ذَلِكَ زائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ عِنْدَ الكُوفِيَّةِ، وعِنْدَ البَصْرِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَوَجَّهَ إلَيْهِ النَّفْيُ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿بِظُلْمٍ﴾ أيْ مُلْتَبِسًا بِهِ قِيلَ: هو حالٌ مِنَ الفاعِلِ أيْ ظالِمًا لَها، والتَّنْكِيرُ لِلتَّفْخِيمِ والإيذانِ بِأنَّ إهْلاكَ المُصْلِحِينَ ظُلْمٌ عَظِيمٌ، والمُرادُ تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعالى عَنْ ذَلِكَ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ وإلّا فَلا ظُلْمَ مِنهُ تَعالى فِيما يَفْعَلُهُ بِعِبادِهِ كائِنًا ما كانَ لِما عُلِمَ مِن قاعِدَةِ أهْلِ السُّنَّةِ، وقَوْلُهُ جَلَّ وعَلا: ﴿وأهْلُها مُصْلِحُونَ﴾ حالٌ مِنَ المَفْعُولِ والعامِلُ فِيهِ عامِلُهُ، ولَكِنْ لا بِاعْتِبارِ تَقْيِيدِهِ بِالحالِ السّابِقَةِ لِدَلالَتِهِ عَلى تَقْيِيدِ نَفْيِ الإهْلاكِ ظُلْمًا بِحالِ كَوْنِ أهْلِها مُصْلِحِينَ، وفِيهِ مِنَ الفَسادِ عَلى ما قِيلَ ما فِيهِ بَلْ مُطْلَقًا عَنْ ذَلِكَ، وهَذا ما اخْتارَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، ونَقَلَ الطَّبَرِيُّ أنَّ المُرادَ بِالظُّلْمِ الشِّرْكُ والباءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أيْ لا يُهْلِكُ القُرى بِسَبَبِ إشْراكِ أهْلِها وهم مُصْلِحُونَ في أعْمالِهِمْ يَتَعاطَوْنَ الحَقَّ فِيما بَيْنَهم بَلْ لا بُدَّ في إهْلاكِهِمْ مِن أنْ يَضُمُّوا إلى شِرْكِهِمْ فَسادًا وتَباغِيًا وذَلِكَ لِفَرْطِ رَحْمَتِهِ ومُسامَحَتِهِ في حُقُوقِهِ سُبْحانَهُ، ومِن ذَلِكَ قَدَّمَ الفُقَهاءُ -عِنْدَ تَزاحُمِ الحُقُوقِ- حُقُوقَ العِبادِ في الجُمْلَةِ ما لَمْ يَمْنَعْ مِنهُ مانِعٌ.
قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذا ضَعِيفٌ، وكَأنَّهُ ذَهَبَ قائِلُهُ إلى ما قِيلَ: المُلْكُ يَبْقى مَعَ الكُفْرِ ولا يَبْقى مَعَ الظُّلْمِ والجَوْرِ، ولَعَلَّ وجْهَ ضَعْفِهِ ما ذَكَرَهُ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ مِن أنَّ مَقامَ النَّهْيِ عَنِ المُنْكَراتِ الَّتِي أقْبَحُها الإشْراكُ بِاللَّهِ تَعالى لا يُلائِمُهُ، فَإنَّ الشِّرْكَ داخِلٌ في الفَسادِ في الأرْضِ دُخُولًا أوَّلِيًّا ولِذَلِكَ كانَ يَنْهى كُلٌّ مِنَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ أُمَّتَهُ عَنْهُ (p-164)ثُمَّ عَنْ سائِرِ المَعاصِي، فالوَجْهُ كَما قالَ: حَمْلُ الظُّلْمِ عَلى مُطْلَقِ الفَسادِ الشّامِلِ لِسائِرِ القَبائِحِ والآثامِ وحَمْلُ الإصْلاحِ عَلى إصْلاحِهِ والإقْلاعُ عَنْهُ بِكَوْنِ البَعْضِ مُتَصَدِّيًا لِلنَّهْيِ، والبَعْضِ الآخَرِ مُتَوَجِّهًا إلى الِاتِّعاظِ غَيْرَ مُصِرٍّ عَلى ما هو عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ وغَيْرِهِ مِن أنْواعِ الفَسادِ، انْتَهى، لَكِنْ أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدُوَيْهِ وأبُو الشَّيْخِ، والدَّيْلَمِيُّ عَنْ جَرِيرٍ قالَ: «”سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُسْألُ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ ﴿وما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأهْلُها مُصْلِحُونَ﴾ فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: وأهْلُها يُنْصِفُ بَعْضُهم بَعْضًا“». وأخْرَجَهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والخَرائِطِيُّ في مَساوِئِ الأخْلاقِ عَنْ جَرِيرٍ مَوْقُوفًا، وهو ظاهِرٌ في المَعْنى الَّذِي نَقَلَهُ الطَّبَرِيُّ ولَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وإلّا فالأمْرُ مُشْكِلٌ، وجُعِلَ التَّصَدِّي لِلنَّهْيِ مِن بَعْضٍ والِاتِّعاظُ مِن بَعْضٍ آخَرَ مِن إنْصافِ البَعْضِ البَعْضَ كَما تَرى فافْهَمْ.
{"ayah":"وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِیُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمࣲ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











