الباحث القرآني
﴿خالِدِينَ فِيها﴾ خَلا أنَّهُ إنْ أُرِيدَ حُدُوثُ كَوْنِهِمْ في النّارِ فالحالُ مُقَدَّرَةٌ ﴿ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ﴾ أيْ مُدَّةَ دَوامِها، وهَذا عِبارَةٌ عَنِ التَّأْيِيدِ ونَفْيِ الِانْقِطاعِ عَلى مِنهاجِ قَوْلِ العَرَبِ: لا أفْعَلُ كَذا ما لاحَ كَوْكَبٌ، وما أضاءَ الفَجْرُ، وما اخْتَلَفَ اللَّيْلُ والنَّهارُ، وما بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً، وما تَغَنَّتْ حَمامَةٌ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِن كَلِماتِ التَّأْيِيدِ عِنْدَهم لا تَعْلِيقَ قَرارِهِمْ فِيها بِدَوامِ هَذِهِ السَّماواتِ والأرْضِ، فَإنَّ النُّصُوصَ القاطِعَةَ دالَّةٌ عَلى تَأْبِيدِ قَرارِهِمْ فِيها وانْقِطاعِ دَوامِهِما، ورُوِيَ هَذا عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ، وجَوَّزَ أنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلى التَّعْلِيقِ، والمُرادُ بِالسَّماواتِ والأرْضِ سَماواتُ الآخِرَةِ وأرْضُها، وهي دائِمَةٌ لِلْأبَدِ، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: والدَّلِيلُ عَلى أنَّ لَها سَماواتٍ وأرْضًا قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: (p-142)﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضُ والسَّماواتُ﴾ وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وأوْرَثَنا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ﴾ ولِأنَّهُ لا بُدَّ لِأهْلِ الآخِرَةِ مِمّا يُقِلُّهم ويُظِلُّهم إمّا سَماءٌ يَخْلُقُها اللَّهُ تَعالى أوْ يُظِلُّهُمُ العَرْشُ، وكُلُّ ما أظَلَّكَ فَهو سَماءٌ، انْتَهى.
قالَ القاضِي: وفِيهِ نَظَرٌ لِأنَّهُ تَشْبِيهٌ بِما لا يَعْرِفُ أكْثَرُ الخَلْقِ وُجُودَهُ ودَوامَهُ، ومَن عَرَفَهُ فَإنَّما عَرَفَهُ بِما يَدُلُّ عَلى دَوامِ الثَّوابِ والعِقابِ فَلا يُجْدِي لَهُ التَّشْبِيهُ، وأجابَ عَنْهُ صاحِبُ الكَشْفِ بِأنَّهُ إذا أُرِيدَ ما يُظِلُّهم وما يُقِلُّهم فَهو ظاهِرُ السُّقُوطِ لِأنَّ هَذا القَدْرَ مَعْلُومُ الوُجُودِ لِكُلِّ عاقِلٍ، وأمّا الدَّوامُ فَلَيْسَ مُسْتَفادًا مِن دَلِيلِ دَوامِ الثَّوابِ والعِقابِ بَلْ مِمّا يَدُلُّ عَلى دَوامِ الجَنَّةِ والنّارِ سَواءٌ عَرَفَ أنَّهُما دارُ الثَّوابِ والعِقابِ وأنَّ أهْلَهُما السُّعَداءَ والأشْقِياءَ مِنَ النّاسِ أوْ لا عَلى أنَّهُ لَيْسَ مِن تَشْبِيهِ ما يَعْرِفُ بِما لا يَعْرِفُ بَلِ العَكْسُ، انْتَهى، وتَعَقَّبَهُ الجَلْبِيُّ بِأنَّ قَوْلَهُ: لِكُلِّ عاقِلٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإنَّهُ لا يَعْتَرِفُ بِذَلِكَ إلّا المُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ، وقَوْلُهُ: الدَّوامُ مُسْتَفادٌ مِمّا يَدُلُّ عَلى دَوامِ الجَنَّةِ والنّارِ لا يَدْفَعُ ما ذَكَرَهُ القاضِي لِأنَّهُ يُرِيدُ أنَّ المُشَبَّهَ بِهِ لَيْسَ أعْرَفَ مِنَ المُشَبَّهِ لا عِنْدَ المُتَدَيِّنِ لِأنَّهُ يَعْرِفُ كِلَيْهِما مِن قِبَلِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِما السَّلامُ ولَيْسَ فِيهِ ما يُوجِبُ أعْرَفِيَّةَ دَوامِ سَماواتِ الآخِرَةِ وأرْضِها، ولَيْسَ مُرادُهُ أنَّ دَوامَهُما مُسْتَفادٌ مِن خُصُوصِ الدَّلِيلِ الدّالِّ عَلى الثَّوابِ والعِقابِ بِعَيْنِهِ فَإنَّهُ لا يُهِمُّهُ لِيَمْنَعَ ولا عِنْدَ غَيْرِ المُتَدَيِّنِ فَإنَّهُ لا يَعْتَرِفُ بِهِ ولا بِها ولا يَعْرِفُهُ، وقَوْلُهُ: عَلى أنَّهُ لَيْسَ مِن تَشْبِيهٍ إلَخْ.. مَبْنِيٌّ عَلى أنَّهُ تَشْبِيهُ تِلْكَ الدّارِ بِهَذِهِ الدّارِ ولَيْسَ بِذَلِكَ، وإنَّما المُرادُ التَّشْبِيهُ الضِّمْنِيُّ لِدَوامِهِمْ بِدَوامِهِما انْتَهى، وفِيهِ بَحْثٌ.
والحَقُّ أنَّ صِحَّةَ إرادَةِ ذَلِكَ مِمّا لا يَنْبَغِي أنْ يَنْتَطِحَ فِيهِ كَبْشانِ، وفي الأخْبارِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والحَسَنِ والسُّدِّيِّ وغَيْرِهِمْ ما يَقْتَضِيهِ، ومَن تَأمَّلَ مُنْصِفًا بَعْدَ تَسْلِيمِ أنَّ هُناكَ تَشْبِيهًا يَظْهَرُ لَهُ أنَّ المُشَبَّهَ بِهِ أعْرَفُ مِنَ المُشَبَّهِ وأقْرَبُ إلى الذِّهْنِ، واتِّحادُ طَرِيقِ العِلْمِ بِهِما لا يَضُرُّ في ذَلِكَ شَيْئًا بَداهَةً أنَّ ثُبُوتَ الحَيِّزِ أعْرَفُ وأقْرَبُ إلى الذِّهْنِ مِن ثُبُوتِ ما تَحَيَّزَ فِيهِ وإنْ ورَدا مِن طُرُقِ السَّمْعِ كَما لا يَخْفى عَلى أنَّ اشْتِراطَ كَوْنِ المُشَبَّهِ بِهِ أعْرَفَ في كُلِّ تَشْبِيهٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ عِنْدَ النّاظِرِ في المَعانِي، نَعَمِ المُتَبادَرُ مِنَ السَّماواتِ والأرْضِ هَذِهِ الأجْرامُ المَعْهُودَةُ عِنْدَنا، فالأوْلى أنْ تَبْقى عَلى ظاهِرِها ويُجْعَلُ الكَلامُ خارِجًا مَخْرَجَ ما اعْتادَتْهُ العَرَبُ في مُحاوَراتِهِمْ عِنْدَ إرادَةِ التَّبْعِيدِ والتَّأْبِيدِ، وهو أكْثَرُ مِن أنْ يُحْصى، ولَعَلَّ هَذا أوْلى أيْضًا مِمّا في تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ مِن حَمْلِ السَّماواتِ والأرْضِ عَلى الجِنْسِ الشّامِلِ لِما في الدُّنْيا والآخِرَةِ أيِ المُظِلِّ والمُقِلِّ في كُلِّ دارٍ، وفي الدُّرَرِ أنَّهُ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ المُرادُ أنَّهم خالِدُونَ بِمِقْدارِ مُدَّةِ بَقاءِ السَّماواتِ والأرْضِ الَّتِي يُعْلَمُ انْقِطاعُها ثُمَّ يَزِيدُهم سُبْحانَهُ عَلى ذَلِكَ ويُخَلِّدُهم ويُؤَبِّدُ مَقامَهُمْ، ولَعَلَّهُ أرادَ مُدَّةَ بَقائِهِما مُنْذُ خَلَقَهُما اللَّهُ تَعالى إلى أنْ يُبَدِّلَهُما لا مُدَّةَ بَقائِهِما بَعْدَ دُخُولِهِمُ النّارَ يَوْمَ القِيامَةِ لِأنَّهُما يُبَدَّلانِ قَبْلَ دُخُولِهِمْ، والآيَةُ عَلى هَذا مِن قَبِيلِ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿لابِثِينَ فِيها أحْقابًا﴾، ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ قِيلَ: هو اسْتِثْناءٌ مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في ( خالِدِينَ ) وتَكُونُ (ما) واقِعَةً عَلى نَوْعِ مَن يَعْقِلُ كَما في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿فانْكِحُوا ما طابَ لَكم مِنَ النِّساءِ﴾، أوْ واقِعَةً عَلى مَن يَعْقِلُ عَلى مَذْهَبِ مَن يَرى وُقُوعَها عَلَيْهِ مُطْلَقًا.
والمُرادُ بِمَن شاءَ فُسّاقُ المُوَحِّدِينَ فَإنَّهم يَخْرُجُونَ مِنها كَما نَطَقَتْ بِهِ الأخْبارُ، وذَلِكَ كافٍ في صِحَّةِ الِاسْتِثْناءِ لِأنَّ زَوالَ الحُكْمِ عَنِ الكُلِّ يَكْفِيهِ زَوالُهُ عَنِ البَعْضِ وهُمُ المُرادُ بِالِاسْتِثْناءِ الثّانِي فَإنَّهم مُفارِقُونَ عَنِ الجَنَّةِ أيّامَ عَذابِهِمْ، والتَّأْبِيدُ مِن مَبْدَأٍ مُعَيَّنٍ يَنْتَقِضُ بِاعْتِبارِ الِابْتِداءِ كَما يَنْتَقِضُ بِاعْتِبارِ الِانْتِهاءِ، ألا تَرى أنَّكَ إذا قُلْتَ: مَكَثْتُ يَوْمَ الخَمِيسِ في البُسْتانِ إلّا ثَلاثَ ساعاتٍ جازَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ الزَّمانُ الواقِعُ فِيهِ عَدَمُ المُكْثِ مِن أوَّلِهِ ومِن آخِرِهِ، وهَؤُلاءِ وإنْ شَقُوا بِعِصْيانِهِمْ فَقَدْ سَعِدُوا بِإيمانِهِمْ، ولا يُقالُ: فَعَلى هَذا لا يَكُونُ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: (p-143)﴿فَمِنهم شَقِيٌّ وسَعِيدٌ﴾ تَقْسِيمًا صَحِيحًا لِأنَّ مِن شَرْطِهِ أنْ تَكُونَ صِفَةُ كُلِّ قِسْمٍ مَنفِيَّةً عَنْ قِسْمَيْهِ لِأنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ حَيْثُ الِانْفِصالُ حَقِيقِيٌّ أوْ مانِعٌ مِنَ الجَمْعِ، وهَهُنا المُرادُ أنَّ أهْلَ المَوْقِفِ لا يَخْرُجُونَ مِنَ القِسْمَيْنِ وأنَّ حالَهم لا تَخْلُو عَنِ السَّعادَةِ والشَّقاوَةِ، وذَلِكَ لا يَمْنَعُ اجْتِماعَ الأمْرَيْنِ في شَخْصٍ واحِدٍ بِاعْتِبارَيْنِ انْتَهى، وهو ما ذَكَرَهُ الإمامُ وآثَرَهُ القاضِي، واعْتَرَضَ بِأنَّهُ لا دَلالَةَ في اللَّفْظِ عَلى المَبْدَأِ المُعَيَّنِ ولَوْ سَلِمَ فالِاسْتِثْناءُ يَقْتَضِي إخْراجًا عَنْ حُكْمِ الخُلُودِ، وهو لا مَحالَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَكَيْفَ يَنْتَقِضُ بِما سَبَقَ عَلَيْهِ؟ كَيْفَ وقَدْ سَبَقَ قَوْلُهُ تَعالى: (فِي الجَنَّةِ)؟ ثُمَّ قِيلَ: فَإنْ قُلْتَ: زَمانُ تَفَرُّقِهِمْ عَنِ المَوْقِفِ هو الِابْتِداءُ وهو آخِرُ يَوْمٍ يَأْتِي، قُلْتُ: إنِ ادَّعى أنَّ الِابْتِداءَ مِنِ ابْتِداءِ ذَلِكَ الزَّمانِ جازَ أنْ يُسَلِّمَ دَلالَةَ اللَّفْظِ عَلَيْهِ ولا يَنْفَعُ لِأنَّ الكُلَّ في الدّارَيْنِ غَيْرُ خالِدِينَ عَلى هَذا التَّقْدِيرِ، وأمّا جَعْلُ ابْتِداءِ المُدَّةِ مِنِ انْتِهائِهِ فَلا، وبِأنَّ تَقابُلَ الحُكْمَيْنِ يَدُلُّ عَلى تَقابُلِ القِسْمَيْنِ بِمَعْنى مَنعِ الجَمِيعِ مُطْلَقًا؛ وأُجِيبَ -بَعْدَ غَمْضِ العَيْنِ عَمّا في ذَلِكَ مِنَ الخُرُوجِ عَنْ آدابِ المُناظَرَةِ- بِأنَّ مَبْدَأ زَمانِ خُلُودِ أهْلِ الجَنَّةِ مِن زَمانِ دُخُولِ أهْلِ النّارِ في النّارِ، ويَدُلُّ عَلى ذَلِكَ اتِّحادُ مِعْيارِ الخُلُودَيْنِ، وهو ﴿ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ﴾ فَإنَّهُ يَدُلُّ عَلى زَمانِ خُلُودِهِما ولا اتِّحادَ مَعَ الِاخْتِلافِ في المَبْدَأِ، والِاسْتِثْناءُ عَنْ حُكْمِ الخُلُودِ مِن مَبْدَأٍ مُعَيَّنٍ يَكُونُ بِالإخْراجِ عَنْ حُكْمِ الدُّخُولِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ الخُلُودُ فِيها لا مَحالَةَ.
وخُلاصَةُ المَعْنى عَلى هَذا أنَّ السُّعَداءَ كُلَّهم خالِدُونَ في الجَنَّةِ مِن زَمانِ دُخُولِ أهْلِ النّارِ في النّارِ إلّا العُصاةَ مِنهُمُ الَّذِينَ أرادَ اللَّهُ سُبْحانَهُ دُخُولَهم في النّارِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً عِلْمُها عِنْدَهُ جَلَّ وعَلا، وما ذُكِرَ مِن حَدِيثِ تَقابُلِ الحُكْمَيْنِ إنْ أُرِيدَ تُقابُلُهُما بِمَعْنى مَنعِ الجَمْعِ، فَلا تَقابُلَ فِيهِما بِهَذا المَعْنى لِاجْتِماعِهِما في العُصاةِ، وإنْ أُرِيدَ مُطْلَقًا فَلا دَلالَةَ عَلى تَقابُلِ القِسْمَيْنِ بِذَلِكَ المَعْنى، انْتَهى.
ولا يَخْفى عَلى المُنْصِفِ ما في ذَلِكَ القَوْلِ مِنَ التَّكَلُّفِ ومُخالَفَةِ الظّاهِرِ والِانْتِصارِ لَهُ بِما ذُكِرَ لا يُجْدِيهِ نَفْعًا، وقِيلَ: هو اسْتِثْناءٌ مِنَ الضَّمِيرِ المُتَقَدِّمِ إلّا أنَّ الحُكْمَ الخُلُودُ في عَذابِ النّارِ، وكَذا يُقالُ فِيما بَعْدُ: إنَّ الحُكْمَ فِيهِ الخُلُودُ في نَعِيمِ الجَنَّةِ، وأهْلُ النّارِ يُنْقَلُونَ مِنها إلى الزَّمْهَرِيرِ وغَيْرِهِ مِنَ العَذابِ أحْيانًا، وكَذَلِكَ أهْلُ الجَنَّةِ يَنْعَمُونَ بِما هو أعْلى مِنها كالِاتِّصالِ بِجَنابِ القُدْسِ والفَوْزِ بِرِضْوانِ اللَّهِ تَعالى الَّذِي هو أكْبَرُ، وما يَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَيْهِمْ سِوى ثَوابِ الجَنَّةِ مِمّا لا يَعْرِفُ كُنْهَهُ إلّا هو سُبْحانَهُ وتَعالى، وإلى هَذا ذَهَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ سالًّا سَيْفَ البَغِيِّ والِاعْتِزالِ وقَدْ رَدَّهُ العَلّامَةُ الطِّيبِيُّ وأطالَ الكَلامَ في ذَلِكَ.
وقالَ صاحِبُ الكَشْفِ: إنَّ ذَلِكَ في أهْلِ النّارِ ظاهِرٌ لِأنَّهم يُنْقَلُونَ مِن حَرِّ النّارِ إلى بَرْدِ الزَّمْهَرِيرِ، والرَّدُّ بِأنَّ النّارَ عِبارَةٌ عَنْ دارِ العِقابِ غَيْرُ وارِدٍ لِأنّا لا نُنْكِرُ اسْتِعْمالَ النّارِ فِيها تَغْلِيبًا، أمّا دَعْوى الغَلَبَةِ حَتّى يَهْجُرَ الأصْلَ فَكَلّا، ألا تَرى إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿نارًا تَلَظّى)،﴾ ﴿نارًا وقُودُها النّاسُ والحِجارَةُ)؟﴾ وكَمْ، وكَمْ، وأمّا رِضْوانُ اللَّهِ تَعالى عَنْ أهْلِ الجَنَّةِ وهم فِيها فَيَأْبى الِاسْتِثْناءَ كَيْفَ وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿خالِدِينَ فِيها﴾ لا يَدُلُّ بِظاهِرِهِ عَلى أنَّهم مُنْعَمُونَ بِها فَضْلًا عَنِ انْفِرادِها بِتَنَعُّمِهِمْ إلّا أنْ يُخَصَّصَ بِجَنَّةِ الثَّوابِ لا مَحْضِ التَّفَضُّلِ، وكَفاهُ بُطْلانًا التَّخْصِيصُ مِن غَيْرِ دَلِيلٍ، واعْتُرِضَ بِأنَّ لَكَ أنْ تَقُولَ: هَجَرَ الأصْلَ في الآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَتا عِلْمٌ مِنَ الوَصْفِ، وفي هَذِهِ الآيَةِ ذِكْرُها في مُقابَلَةِ الجَنَّةِ يُعَضِّدُ أنَّ المُرادَ بِها دارُ العِقابِ مُطْلَقًا.
وقِيلَ: إنَّ الِاسْتِثْناءَ مُفَرَّغٌ مِن أعَمِّ الأوْقاتِ و(ما) عَلى أصْلِها لِما لا يَعْقِلُ وهو الزَّمانُ والحُكْمُ الكَوْنُ في النّارِ، والمَعْنى أمّا الَّذِينَ شَقُوا فَفي النّارِ في كُلِّ زَمانٍ بَعْدَ إتْيانِ ذَلِكَ اليَوْمِ إلّا زَمانًا شاءَ اللَّهُ تَعالى فِيهِ عَدَمَ (p-144)كَوْنِهِمْ فِيها وهو زَمانُ مَوْقِفِ الحِسابِ، واعْتُرِضَ بِأنَّ عُصاةَ المُؤْمِنِينَ الدّاخِلِينَ النّارَ إمّا سُعَداءُ فَيَلْزَمُ أنْ يَخْلُدُوا في الجَنَّةِ فِيما سِوى الزَّمانِ المُسْتَثْنى ولَيْسَ كَذَلِكَ، أوْ أشْقِياءُ فَيَلْزَمُ أنْ يَخْلُدُوا في النّارِ وهو خِلافُ مَذْهَبِ أهْلِ السُّنَّةِ، وأيْضًا تَأخُّرُهُ عَنِ الحالِ -ولا مَدْخَلَ لَها في الِاسْتِثْناءِ- لا يُفْصِحُ، والإبْهامُ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ( إلّا ما شاءَ رَبُّكَ ) والتَّفْخِيمُ الَّذِي يُعْطِيهِ لا يَبْقى لَهُ رَوْنَقٌ، وأُجِيبَ بِأنَّهُ قَدْ يُقالُ: إنَّ القائِلَ بِذَلِكَ يَخُصُّ الأشْقِياءَ بِالكُفّارِ والسُّعَداءَ بِالأتْقِياءِ، ويَكُونُ العُصاةُ مَسْكُوتًا عَنْهم هُنا فَلا يُرَدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ إنْ كانَ سُنِّيًّا وإنْ كانَ مُعْتَزِلِيًّا، فَقَدْ وافَقَ سَنَنَ طَبْعِهِ، ويُجابُ عَمّا بَعْدُ بِالمَنعِ، وقِيلَ: أمْرُ الِاسْتِثْناءِ ما عَلِمْتُ إلّا أنَّ المُسْتَثْنى مُدَّةُ لَبْثِهِمْ في الدُّنْيا أوِ البَرْزَخِ، ويَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ ( يَوْمَ يَأْتِي ) والمَعْنى أنَّهم في النّارِ جَمِيعَ أزْمانِ وُجُودِهِمْ إلّا زَمانًا شاءَ اللَّهُ تَعالى لَبْثَهم في الدُّنْيا أوِ البَرْزَخِ، والمُرادُ مَعَ زَمانِ المَوْقِفِ إذْ لَيْسُوا في زَمانِهِ أيْضًا في النّارِ إلّا أنْ يُرادَ بِالنّارِ العَذابُ فَلا يَحْتاجُ لِلْمَعِيَّةِ، لَكِنْ يَرِدُ أنَّهم مُعَذَّبُونَ في البَرْزَخِ أيْضًا إلّا أنْ يُقالَ: لا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ لِأنَّهُ عَذابٌ غَيْرُ تامٍّ لِعَدَمِ تَمامِ حَياتِهِمْ فِيهِ، وأوْرَدَ عَلَيْهِ ما أوْرَدَ عَلى ما قَبْلَهُ، وأُجِيبَ بِأنَّهُ إنَّما يَرِدُ لَوْ كانَ المُسْتَثْنى في الِاسْتِثْناءِ الثّانِي هو ذَلِكَ الزَّمانُ المُسْتَثْنى في الِاسْتِثْناءِ الأوَّلِ وهو غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَلْيَكُنِ المُسْتَثْنى مِنهُ زَمانَ لَبْثِهِمْ في النّارِ مَعَ ذَلِكَ الزَّمانِ المُسْتَثْنى في الآيَةِ الأُولى، فَإنَّ المُسْتَثْنى لَيْسَ فِيهِ ما يَدُلُّ عَلى تَعْيِينِ زَمانٍ حَتّى لا يُمْكِنَ الزِّيادَةُ عَلَيْهِ وهو كَما تَرى.
وقِيلَ: هو اسْتِثْناءٌ مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿لَهم فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ﴾ ورَدَ بِأنَّ المُقابِلَ لا يَجْرِي فِيهِ هَذا ويَبْقى الإشْكالُ، وأُجِيبَ بِأنَّ المُرادَ ذِكْرُ ما تَحْتَمِلُهُ الآيَةُ والِاطِّرادُ لَيْسَ بِلازِمٍ، وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ لَيْسَ المُرادُ إلّا بَيانَ ضَعْفِ هَذا الوَجْهِ، وكَفى بِعَدَمِ الِاطِّرادِ ضَعْفًا، وقِيلَ: (إلّا) بِمَعْنى سِوى كَقَوْلِكَ: لَكَ عَلَيَّ ألْفانِ إلّا الألْفَ الَّتِي كانَتْ يَعْنِي سِواها، ونُقِلَ ذَلِكَ عَنِ الزَّجّاجِ والفَرّاءِ، والسَّجاوِنْدِيِّ، والمَعْنى سِوى ما شاءَ رَبُّكَ مِنَ الزِّيادَةِ الَّتِي لا آخِرَ لَها عَلى مُدَّةِ بَقاءِ السَّماواتِ والأرْضِ، والِاسْتِثْناءُ في ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدُوا أنَّ (إلّا) بِمَعْنى غَيْرِ صِفَةٌ لِما قَبْلَها، والمَعْنى يَخْلُدُونَ فِيها مِقْدارَ مُدَّةِ السَّماواتِ والأرْضِ سِوى ما شاءَ اللَّهُ تَعالى مِمّا لا يَتَناهى، وضَعْفُ هَذا القِيلِ بِأنَّهُ يَلْزَمُ حَمْلُ السَّماواتِ والأرْضِ عَلى هَذَيْنِ الجِسْمَيْنِ المَعْرُوفَيْنِ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى مَعْنى التَّأْبِيدِ وهو فاسِدٌ، وقِيلَ: (إلّا) بِمَعْنى الواوِ أيْ وما شاءَ رَبُّكَ زائِدًا عَلى ذَلِكَ، واسْتُشْهِدَ عَلى مَجِيئِها بِمَعْنى الواوِ بِقَوْلِهِ:
؎وكُلُّ أخٍ مُفارِقُهُ أخُوهُ لَعَمْرِ أبِيكَ إلّا الفَرْقَدانِ
وفِيهِ أنَّ هَذا قَوْلٌ مَرْدُودٌ عِنْدَ النُّحاةِ، وقالَ العَلّامَةُ الطِّيبِيُّ: الحَقُّ الَّذِي لا مَحِيدَ عَنْهُ أنْ يُحْمَلَ (ما) عَلى مَن لِإرادَةِ الوَصْفِيَّةِ وهي المَرْحُومِيَّةُ، و( خالِدِينَ ) حالٌ مُقَدَّرَةٌ مِن ضَمِيرِ الِاسْتِقْرارِ أيْ في النّارِ، والمَعْنى وأمّا الَّذِينَ شَقُوا فَفي النّارِ مُقَدِّرِينَ الخُلُودَ إلّا المَرْحُومَ الَّذِي شاءَ اللَّهُ تَعالى أنْ لا يَسْتَقِرَّ مُخَلَّدًا فَيُفِيدُ أنْ لا يَسْتَقِرَّ فِيها مُطْلَقًا أوْ يَسْتَقِرَّ غَيْرَ مُخَلَّدٍ، وأحْوالُ العُصاةِ عَلى هَذا النَّهْجِ كَما عُلِمَ مِنَ النُّصُوصِ، وفي ذَلِكَ إيذانٌ بِأنَّ إخْراجَهم بِمَحْضِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعالى فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ لا يَجْرِي في المُقابِلِ إلّا بِتَأْوِيلِ الإمامِ وقَدْ مَرَّ ما فِيهِ، أوْ بِجَعْلِهِ مِن أصْلِ الحُكْمِ ويَقْتَضِي أنْ لا يَدْخُلُوا أصْلًا، وإذا أُوِّلَ بِمُقَدَّرِينَ فَلَوْ جُعِلَ اسْتِثْناءً مِن مُقَدِّرِينَ لَمْ يَتَّجِهْ، ومِن قَوْلِهِ تَعالى: (فِي النّارِ) فَلا يَكُونُ لَهم دُخُولٌ أصْلًا، ودَلالَةُ (ما) لِإبْهامِها إمّا عَلى التَّفْخِيمِ أوِ التَّحْقِيرِ ولا يُطابِقُ المَقامَ، وقِيلَ: وقِيلَ، والأوْجَهُ أنْ يُقالَ: إنَّ الِاسْتِثْناءَ في المَوْضِعَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلى الفَرْضِ والتَّقْدِيرِ، فَمَعْنى إلّا ما شاءَ إنْ شاءَ أيْ لَوْ فُرِضَ أنَّ اللَّهَ تَعالى شاءَ إخْراجَهم مِنَ النّارِ أوِ الجَنَّةِ في زَمانٍ لَكانَ مُسْتَثْنًى مِن مُدَّةِ خُلُودِهِمْ، لَكِنَّ ذَلِكَ لا يَقَعُ لِدَلالَةِ القَواطِعِ عَلى عَدَمِ وُقُوعِهِ، (p-145)وهَذا كَما قالَ الطِّيبِيُّ مِن أُسْلُوبِ ﴿حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياطِ﴾، و﴿لا يَذُوقُونَ فِيها المَوْتَ إلا المَوْتَةَ الأُولى﴾ وذَكَرَ أنَّهُ وقَفَ عَلى نَصٍّ مِن قَبْلِ الزَّجّاجِ يُوافِقُ ذَلِكَ.
وفِي المَعالِمِ عَنِ الفَرّاءِ أيْضًا ما يُوافِقُهُ حَيْثُ نُقِلَ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: هَذا اسْتِثْناءٌ اسْتَثْناهُ سُبْحانَهُ ولا يَفْعَلُهُ كَقَوْلِكَ: واللَّهِ لَأضْرِبَنَّكَ إلّا أنْ أرى غَيْرَ ذَلِكَ وعَزِيمَتُكَ أنْ تَضْرِبَهُ، وحَذْوُ القُذَّةِ بِالقُذَّةِ ما نَقَلَهُ قَبْلُ عَنْ بَعْضِهِمْ أنَّ المَعْنى لَوْ شاءَ لَأخْرَجَهم لَكِنَّهُ لا يَشاءُ لِأنَّهُ سُبْحانَهُ حَكَمَ لَهم بِالخُلُودِ.
وفِي البَحْرِ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ ما هو بِمَعْناهُ أيْضًا حَيْثُ قالَ: وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ فَقِيلَ فِيهِ: إنَّهُ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِثْناءِ الَّذِي نَدَبَ الشَّرْعُ إلى اسْتِعْمالِهِ في كُلِّ كَلامٍ، فَهو عَلى نَحْوِ قَوْلِهِ جَلَّ وعَلا: ﴿لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ إنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ اسْتِثْناءٌ في واجِبٍ، وهَذا الِاسْتِثْناءُ في حُكْمِ الشَّرْطِ كَأنَّهُ قِيلَ: إنْ شاءَ رَبُّكَ فَلَيْسَ يَحْتاجُ أنْ يُوصَفَ بِمُتَّصِلٍ ولا مُنْقَطِعٍ، ومِمَّنْ ذَهَبَ إلى ذَلِكَ أيْضًا الفاضِلُ مَيْرَزاجانُ الشِّيرازِيُّ في تَعْلِيقاتِهِ عَلى تَفْسِيرِ القاضِي، ونَصَّ عَلى أنَّهُ مِن قَبِيلِ التَّعْلِيقِ بِالمَحالِّ حَتّى يُثْبِتَ مَحالِيَّةَ المُعَلَّقِ ويَكُونُ كَدَعْوى الشَّيْءِ مَعَ بَيِّنَةٍ، وهو أحَدُ الأوْجُهِ الَّتِي ذَكَرَها السَّيِّدُ المُرْتَضى في دُرَرِهِ، وتَفْسِيرُ الِاسْتِثْناءِ الأوَّلِ بِالشَّرْطِ أخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ جابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَما ذَكَرَ ذَلِكَ الجَلالُ السُّيُوطِيُّ في الدُّرِّ المَنثُورِ، ولَعَلَّ النُّكْتَةَ في هَذا الِاسْتِثْناءِ عَلى ما قِيلَ: إرْشادُ العِبادِ إلى تَفْوِيضِ الأُمُورِ إلَيْهِ جَلَّ شَأْنُهُ وإعْلامُهم بِأنَّها مَنُوطَةٌ بِمَشِيئَتِهِ جَلَّ وعَلا يَفْعَلُ ما يَشاءُ ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ لا حَقَّ لِأحَدٍ عَلَيْهِ ولا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَما قالَ تَبارَكَ وتَعالى: ﴿إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ).﴾
وذَكَرَ بَعْضُ الأفاضِلِ أنَّ فائِدَتَهُ دَفْعَ تَوَهُّمِ كَوْنِ الخُلُودِ أمْرًا واجِبًا عَلَيْهِ تَعالى لا يُمْكِنُ لَهُ سُبْحانَهُ نَقْضُهُ كَما ذَهَبَ إلَيْهِ المُعْتَزِلَةُ حَيْثُ أخْبَرَ بِهِ جَلَّ وعَلا مُؤَكِّدًا، والمُرادُ -بِالَّذِينِ شَقُوا- عَلى هَذا الوَجْهِ الكَفّارُ فَقَطْ فَإنَّهُمُ الأحِقّاءُ بِهَذا الِاسْمِ عَلى الحَقِيقَةِ -وبِالَّذِينِ سَعِدُوا- المُؤْمِنُونَ كافَّةً مُطِيعُهم وعاصِيهِمْ فَيَكُونُ التَّقْسِيمُ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿فَمِنهم شَقِيٌّ وسَعِيدٌ﴾ لِلِانْفِصالِ الحَقِيقِيِّ ولا يُنافِيهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَفِي الجَنَّةِ﴾ لِأنَّهُ يَصْدُقُ بِالدُّخُولِ في الجُمْلَةِ.
وفِي الكَشْفِ بَعْدُ نُقِلَ أنَّ الِاسْتِثْناءَ مِن بابِ ﴿حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ﴾ فَإنْ قُلْتَ: فَقَدْ حَصَلَ مَغْزى الزَّمَخْشَرِيِّ مِن خُلُودِ الفُسّاقِ، قُلْتُ: لا كَذَلِكَ لِأنَّهم داخِلُونَ في السُّعَداءِ، والآيَةُ تَقْتَضِي خُلُودَ السَّعِيدِ وذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيها لا مَحالَةَ، ولا تَنْفِي كَيْنُونَتَهُ في النّارِ قَبْلَ دُخُولِهِ في الجَنَّةِ فَإنَّ اللَّفْظَ لا يَقْتَضِي أنْ يَدْخُلُوا -أعْنِي السُّعَداءَ- كُلُّهم في الجَنَّةِ مَعًا كَيْفَ والقاطِعُ يَدُلُّ عَلى دُخُولِهِمْ أوَّلًا فَأوَّلًا عَلى حَسَبِ مَراتِبِهِمُ، انْتَهى، فَتَأمَّلْ، فَإنَّ الآيَةَ مِنَ المُعْضِلاتِ.
وإنَّما لَمْ يُضْمِرْ في ( إنَّ رَبَّكَ ) إلَخْ.. كَما هو الظّاهِرُ لِتَرْبِيَةِ المَهابَةِ وزِيادَةِ التَّقْرِيرِ، واللّامُ في ( لِما ) قِيلَ لِلتَّقْوِيَةِ، أيْ فَعّالٌ ما يُرِيدُهُ سُبْحانَهُ لا يَتَعاصى عَلَيْهِ شَيْءٌ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ.
{"ayah":"خَـٰلِدِینَ فِیهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَاۤءَ رَبُّكَۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالࣱ لِّمَا یُرِیدُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق