الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِي جَمَعَ مالا﴾ بَدَلٌ مِن «كُلٍّ» بَدَلُ كُلٍّ، وقِيلَ: بَدَلُ بَعْضٍ مِن كُلٍّ، وقالَ الجارْبَرْدِيُّ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ صِفَةً لَهُ لِأنَّهُ مَعْرِفَةٌ عَلى ما ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وشَهِيدٌ﴾ إذْ جَعَلَ جُمْلَةَ (مَعَها سائِقٌ) حالًا مِن (كُلُّ نَفْسٍ) لِذَلِكَ ولا يَخْفى ما فِيهِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَنصُوبًا أوْ مَرْفُوعًا عَلى الذَّمِّ، وتَنْكِيرُ «مالًا» لِلتَّفْخِيمِ والتَّكْثِيرِ، وقَدْ كانَ عِنْدَ القائِلِينَ أنَّها نَزَلَتْ في الأخْنَسِ أرْبَعَةُ آلافِ دِينارٍ، وقِيلَ: عَشَرَةُ آلافٍ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ لِلتَّحْقِيرِ والتَّقْلِيلِ بِاعْتِبارِ أنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى أقَلُّ وأحْقَرُ شَيْءٍ. وقَرَأ الحَسَنُ وأبُو جَعْفَرٍ وابْنُ عامِرٍ والأخَوانِ: «جَمَّعَ» بِشَدِّ المِيمِ لِلتَّكْثِيرِ وهو أوْفَقُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وعَدَّدَهُ﴾ أيْ: عَدَّهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى حُبًّا لَهُ وشَغَفًا بِهِ. وقِيلَ: جَعَلَهُ أصْنافًا وأنْواعًا كَعَقارٍ ونُقُودٍ حَكاهُ في التَّأْوِيلاتِ. وقالَ غَيْرُ واحِدٍ: أيْ: جَعَلَهُ عُدَّةً ومُدَّخَرًا لِنَوائِبِ الدَّهْرِ ومَصائِبِهِ. وقَرَأ الحَسَنُ والكَلْبِيُّ: «وعَدَدَهُ» بِالتَّخْفِيفِ؛ فَقِيلَ مَعْناهُ وعَدَّهُ فَهو فِعْلٌ ماضٍ فُكَّ إدْغامُهُ عَلى خِلافِ القِياسِ كَما في قَوْلِهِ: ؎مَهْلًا أعاذِلُ هَلْ جَرَّبْتِ مِن خُلُقِي أنِّي أجُودُ لِأقْوامٍ وإنْ ضَنِنُوا وقِيلَ: هو اسْمٌ بِمَعْنى العَدَدِ المَعْرُوفِ مَعْطُوفٌ عَلى ( مالَهُ ) أيْ: جَمَعَ مالَهُ وضَبَطَ عَدَدَهُ وأحْصاهُ ولَيْسَ ذَلِكَ عَلى ما في الكَشْفِ مِن بابِ: عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً بارِدًا؛ لِأنَّ جَمْعَ العَدَدِ عِبارَةٌ عَنْ ضَبْطِهِ وإحْصائِهِ فَلا يَحْتاجُ إلى تَكَلُّفٍ. وعَلى الوَجْهَيْنِ أُيِّدَ بِالقِراءَةِ المَذْكُورَةِ المَعْنى الأوَّلُ لِقِراءَةِ الجُمْهُورِ، وقِيلَ: هو اسْمٌ بِمَعْنى الأتْباعِ والأنْصارِ يُقالُ: فُلانٌ ذُو عَدَدٍ وعُدَدٍ إذا كانَ لَهُ عَدَدٌ وافِرٌ مِنَ الأنْصارِ وما يُصْلِحُهم وهو مَعْطُوفٌ عَلى (مالَهُ) أيْضًا أيْ: جَمَعَ مالَهُ وقَوْمَهُ الَّذِينَ يَنْصُرُونَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب