الباحث القرآني

﴿ونَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ دُعاءٌ بِالإنْجاءِ مِن سُوءِ جِوارِهِمْ وسُوءِ صَنِيعِهِمْ بَعْدَ الإنْجاءِ مِن ظُلْمِهِمْ، ولِذا عَبَّرَ عَنْهم بِالكُفْرِ بَعْدَ ما وُصِفُوا بِالظُّلْمِ فَفِيهِ وضْعُ المُظْهَرِ مَوْضِعَ المُضْمَرِ، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ المَلَأُ الَّذِينَ تَخَوَّفُوا مِنهم ومِنَ القَوْمِ الكافِرِينَ ما يَعُمُّهم وغَيْرَهُمْ، وفي تَقْدِيمِ التَّوَكُّلِ عَلى الدُّعاءِ وإنْ كانَ بَيانًا لِامْتِثالِ أمْرِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ لَهم بِهِ تَلْوِيحٌ بِأنَّ الدّاعِيَ حَقُّهُ أنْ يَبْنِيَ دُعاءَهُ عَلى التَّوَكُّلِ عَلى اللَّهِ تَعالى فَإنَّهُ أرْجى لِلْإجابَةِ ولا يَتَوَهَّمَنَّ أنَّ التَّوَكُّلَ مُنافٍ لِلدُّعاءِ لِأنَّهُ أحَدُ الأسْبابِ لِلْمَقْصُودِ، والتَّوَكُّلُ قَطْعُ الأسْبابِ لِأنَّ المُرادَ بِذاكَ قَطْعُ النَّظَرِ عَنِ الأسْبابِ العادِيَّةِ وقِصَرُهُ عَلى مُسَبِّبِها عَزِّ وجَلَّ واعْتِقادُ أنَّ الأمْرَ مَرْبُوطٌ بِمَشِيئَتِهِ سُبْحانَهُ فَما شاءَ كانَ وما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وقَدْ صَرَّحُوا أنَّ الشَّخْصَ إذا تَعاطى الأسْبابَ مُعْتِقَدًا ذَلِكَ يُعَدُّ مُتَوَكِّلًا أيْضًا، ومِثْلُ التَّوَكُّلِ في عَدَمِ المُنافاةِ لِلدُّعاءِ عَلى ما تُشْعِرُ بِهِ الآيَةُ الِاسْتِسْلامُ نَعَمْ في قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّ الِاسْتِسْلامَ مِن صِفاتِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وكانَ مِن آثارِهِ تَرْكُ الدُّعاءِ حِينَ أُلْقِيَ في النّارِ واكْتِفاؤُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالعِلْمِ المُشارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: حَسْبِي مِن سُؤالِي عِلْمُهُ بِحالِي، ما يُشْعِرُ بِالمُنافاةِ، ومَن عَرَفَ المَقاماتِ وأمْعَنَ النَّظَرَ هانَ عَلَيْهِ أمْرُ الجَمْعِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب